استمع إلى الملخص
- **محاولات التكيف مع الحرارة:** يحاول النازحون التكيف بطرق بدائية مثل وضع بطانيات وأقمشة قديمة فوق الخيام ورشها بالمياه، واستخدام مراوح تعمل بالبطارية، والاستظلال بأشجار الزيتون.
- **نقص الخدمات الأساسية وتفاقم المعاناة:** يعيش النازحون في خيام متهرئة ويعانون من غياب شبكات الصرف الصحي والمراكز الطبية، مما يزيد من صعوبة الحياة اليومية في المخيمات.
وسط ارتفاع درجات الحرارة، تشتدّ المعاناة في مخيمات النازحين السوريين في مناطق سيطرة المعارضة السورية شمالي البلاد، في ريفَي إدلب وحلب وفي منطقة "55 كم" بريف حمص الشرقي عند المثلث الحدودي بين الأردن والعراق وسورية. وفي ظلّ عدم توفّر أبسط مقوّمات الحياة، تأتي الأضرار الصحية لارتفاع الحرارة، من بينها ضربات الشمس التي يشكو منها الأطفال خصوصاً.
يقول الناشط السوري محمود شهاب من منطقة "55 كم" لـ"العربي الجديد" إنّ "درجات الحرارة في مخيم الركبان الواقع في تلك المنطقة، في ريف حمص الشرقي، تسجّل ما بين 40 درجة مئوية و45، الأمر الذي يزيد معاناة سكان المخيم، وسط احتياجات كبيرة أساسية". يضيف شهاب أنّ "سكان مخيم الركبان يلجأون إلى كمادات مياه للتخفيف من حدّة الحرّ على الأطفال". ويتحدّث عن عدد من القصّر الذين تعرّضوا لضربات شمس في الأيام الماضية، بسبب عملهم في ورش الطوب ما بين الساعة الثامنة صباحاً والساعة الخامسة عصراً.
ويتابع شهاب أنّ "ارتفاع درجات الحرارة يتسبّب في تلف الخضروات، ولا سيّما أنّ الثلاجات غير متوفّرة لدى معظم العائلات. لكنّه يرى أنّ "الأوضاع سيئة في مخيمات النازحين السوريين سواءٌ في فصل الصيف أو فصل الشتاء، إذ إنّ الحرّ كما البرد يستهدفان النازحين"، موضحاً أنّ "سكان المخيم يحتاجون في كلّ فصل إلى مستلزمات معيّنة للحدّ من معاناتهم" إن كان مع ارتفاع الحرارة أو مع انخفاضها.
ويبيّن شهاب أنّ مخيم الركبان يؤوي نحو 1800 عائلة بتعداد 7500 فرد، نصفهم من الأطفال، وهؤلاء بمعظمهم نازحون من ريف مدن تدمر والقريتين ومهين في ريف حمص الشرقي وسط سورية، إلى جانب عدد من العائلات النازحة من دير الزور والرقّة والحسكة شمال شرقي البلاد.
من جهته، يقول يوسف الحمادة، النازح من ريف حماة الشمالي إلى أحد مخيمات النازحين السوريين في جرابلس بريف حلب الشرقي، لـ"العربي الجديد" إنّ "الحرارة لا تُطاق في المخيم هذه الأيام. ونحن نعيش حالة من التوتر بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة. فأنا وأفراد عائلتي نقيم في خيمتَين، والأمور تشتدّ صعوبة في كلّ يوم. فمنذ شروق الشمس وحتى غروبها، ترتفع الحرارة في الخيام إلى درجة لا تُحتمل، الأمر الذي يجعل الحياة اليومية تحدياً كبيراً". ويشير الحمادة إلى "محاولات للتكيّف، من خلال وضع بطانيات وأقمشة قديمة فوق الخيمة ثمّ رشّها بالمياه من أجل التخفيف من الحرارة. وعلى الرغم من أنّ هذه الطريقة تساعد قليلاً، إلا أنّ الأوضاع تعود إلى حالها وأسوأ عندما تجفّ".
يضيف الحمادة: "لدينا مروحة تعمل بالبطارية، نستخدمها في محاولة لتبريد الأجواء قليلاً، بالإضافة إلى تبليل الملابس بالمياه من أجل التخفيف من الحرارة. وفي المساء، نستظلّ بأشجار الزيتون القريبة من المخيم، إذ ثمّة نسيم هناك يخفّف حدّة الحر، وبالتالي فإنّ الجلوس هناك أفضل بكثير من البقاء في الخيمة التي تنبعث منها رائحة البلاستيك بسبب ارتفاع درجات الحرارة". ولا ينسى الحمادة الإشارة إلى "أزمة مياه نعاني منها وسط موجة الحرّ الحالية، إذ نحتاج إلى كميات كبيرة من المياه لتلبية احتياجاتنا اليومية". ويخبر الحمادة أنّ ابنته "أُصيبت بضربة شمس، قبل أيام، في طريقها إلى معهد تعليم اللغة العربية"، مضيفاً: "الحمد لله، هي الآن بصحة أفضل".
في سياق متصل، يقول مدير مخيم أهل التح عبد السلام اليوسف لـ"العربي الجديد": "في بداية كلّ فصل صيف تزداد المعاناة أكثر، ولا سيّما مع ارتفاع درجات الحرارة"، مشيراً إلى أنّ المخيم يؤوي 450 عائلة بتعداد 2500 شخص. يضيف أنّ سكان المخيم الواقع في ريف محافظة إدلب الشمالي، شمال غربي سورية، "يعيشون في خيام متهرئة تخطّى عمرها السنوات الخمس، علماً أنّ هذه الخيام لا تقي حرّ الصيف ولا برد الشتاء". ويتابع اليوسف أنّ "ثمّة عائلات في المخيم تعمد مع بداية فصل الصيف إلى طلاء الخيام بالطين، أو بما يُعرَف محلياً بالحوار، وثمّة من يغطّي الخيام بملابس مستعملة أو ببطانيات قديمة لتفادي جزء من حرّ الشمس".
ويبيّن اليوسف أنّ عائلات عديدة "تغطّس الأطفال في المياه، في ذروة الحرّ، ما بين الساعة الثانية من بعد الظهر والساعة الرابعة منه، والهدف من ذلك تفادي تعرّض الصغار لضربات شمس أو حالات إغماء". وفي مخيم أهل التح، كما في عدد من مخيمات النازحين السوريين، لا تتوفّر شبكات صرف صحي ولا مراكز طبية، وهو أمر "يفاقم معاناة الأهالي، ولا سيّما في حال وقوع أمراض أو ضربات شمس بسبب ارتفاع درجات الحرارة"، بحسب اليوسف.
ويكمل اليوسف: "ناشدنا مرّات عدّة منظمات وجمعيات إنسانية لتوفير مراوح وبطاريات وألواح الطاقة الشمسية للحدّ من مخاطر ارتفاع درجات الحرارة، من دون تسجيل أيّ استجابة". ويؤكد أنّ "لا كهرباء ولا ألواح طاقة شمسية في المخيم، لكنّ ثمّة عائلات تملك بطاريات وألواحا تشغّل من خلالها عدداً من المراوح". وتبدو تلك المراوح مفيدة بعض الشيء وسط كلّ هذا الحرّ، ولا سيّما أنّ "درجة الحرارة في داخل الخيام تتخطّى في أحيان كثيرة 50 درجة مئوية"، وفقاً لليوسف.