احتقان قطاع التعليم في المغرب يشتدّ: تهديد بإضراب مفتوح عن العمل

20 فبراير 2023
من مواجهات سابقة بين الأساتذة وقوات الأمن في المغرب (جلال مرشدي/ الأناضول)
+ الخط -

يصل الاحتقان في قطاع التعليم بالمغرب إلى منعطف حاسم، هذا الأسبوع، مع دخول آلاف الأساتذة في إضراب عن العمل، ابتداءً من اليوم الإثنين ولمدّة يومَين، في وقت تتّجه الأنظار إلى قرار وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بخصوص مبادرة اقترحتها النقابات التعليمية الأكثر تمثيلاً لإنهاء ذلك الاحتقان وشدّ الحبال بين الوزارة وفئات تعليمية عدّة.

وأعلن المكتب الوطني لنقابة الجامعة الوطنية للتعليم - التوجّه الديمقراطي عن خوض إضراب وطني، اليوم وغداً الثلاثاء، بالتزامن مع وقفات احتجاجية أمام المديريات الإقليمية اليوم، احتجاجاً على ما وصفه بـ"سياسة الترهيب والتهديد" و"الإجراءات التعسفية" التي تنتهجها وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في مواجهة معركة الشغيلة التعليمية.

ولفت المكتب الوطني إلى أنّ الساحة التعليمية تعيش "على وقع الاحتقان المتأجج والمتواصل نتيجة إصرار الدولة المغربية وحكومة الباطرونا على تنزيل مخططاتها الطبقية اللاشعبية، وتشديد هجومها المتسارع وغير المسبوق على الحقوق والحريات والمكتسبات التاريخية، والإجهاز على ما تبقّى من المرفق العمومي من وظيفة وتعليم وصحة وشغل".

وحمّل المكتب "المسؤولية الكاملة للحكومة ووزارة التربية في تصاعد أوضاع الاحتقان في قطاع التعليم، والمأزق الذي يعيشه من جرّاء الإصرار على تغليب المقاربة القمعية ومنطق الترهيب والزجر والتجويع، وهو ما يتناقض مع شعارات الإصلاح والتثمين والارتقاء بالأوضاع العامة لنساء ورجال التعليم وكلّ العاملين/ات بالقطاع والرفع من المستوى التعليمي لبنات وأبناء شعبنا والحدّ من الهدر المدرسي".

وفي ظلّ الاحتقان الذي يلقي بظلاله على القطاع منذ بدء العام الدراسي الجاري (2022 - 2023)، أبقت التنسيقية الوطنية لأساتذة وأطر الدعم الذين فُرض عليهم التعاقد على خطوة الإضراب الوطني (20 - 21 فبراير/ شباط 2023) لافتة إلى أنّه قابل للتمديد في حال عدم التزام الوزارة الوصيّة بخلاصات اللقاءات التواصلية التي انعقدت الأسبوع الماضي مع مختلف الأطر، المتمثلة في سحب كلّ الإجراءات المتخذة في حقّ الأساتذة والأستاذات وكوادر الدعم من توقيفات وإعذارات وتنبيهات واستفسارات، وفتح حوار جدّي حول الملف المطلبي.

وفي هذا السياق، قال عضو التنسيقية الوطنية لأساتذة وأطر الدعم الذين فُرض عليهم التعاقد ربيع الكرعاني لـ"العربي الجديد"، إنّ "وزارة التربية الوطنية مسؤولة عن الاحتقان الذي يعرفه القطاع"، شارحاً أنّه "بدلاً من إيجاد حلول فعلية للملف المطلبي، ارتأت الوزارة الاستمرار في التضييق عبر توجيه سيل من ‎ ‎‫الإعذارات والتنبيهات وتوقيف مئات الأساتذة والأستاذات عن العمل في مختلف الجهات".

أضاف الكرعاني أنّ "التنسيقية قرّرت تعليق خطوة عدم تسليم نقاط (علامات) وأوراق الفروض للإدارة، بناءً على مبادرة اقتُرحت في جلسات حوار جمعت التنسيقية بالنقابات الأكثر تمثيلاً الأسبوع الماضي بالإضافة إلى مناشدات جمعيات الآباء (أولياء أمور التلاميذ). وتابع أنّ "التنسيقية كانت دائماً تقدّم مصلحة التلاميذ، ومن هذا المنطلق عُلّقت خطوة عدم تسليم النقاط، على أن تلغي الوزارة قبل يوم الأربعاء المقبل كلّ الإعذارات والتنبيهات والتوقيفات الصادرة في حقّ الأساتذة. وفي حال عدم تحقّق ذلك، فإنّنا سوف ندخل في إضراب مفتوح عن العمل".

وكانت الكونفدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب إلى جانب الفيدرالية الوطنية المغربية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ قد ناشدتا الأطر التربوية بتعليق الإضراب والعودة إلى الأقسام لممارسة مهامهم وأداء رسالتهم النبيلة، مع تسليم النقاط للإدارة التربوية ليتمكّن التلاميذ من الحصول على بيانات نتائجهم.

كذلك دعت الهيئتان، في بيان لهما، وزارة التربية الوطنية إلى فتح قنوات حوار مع الأطر المضربة عن العمل، والتراجع عن الإجراءات الزجرية التي أصدرتها الأكاديميات الجهوية ومديرياتها الإقليمية في حقّ المضربين والمقاطعين لمسك النقاط، والعمل على تقديم حلول مرضية لوضع حدّ لكلّ ما يشوش على عملية سير الدراسة العادي. وطالبت الجمعيتان الطرفَين بالجلوس إلى طاولة حوار والتعبير عن حسن نيّة في ما يتعلّق بالتوصّل إلى اتفاق ينهي الأزمة ويعيد إلى المدرسة المغربية توهّجها.

تجدر الإشارة إلى أنّ خلف القرار التصعيدي الذي اتّخذته تنسيقية أساتذة التعاقد بمقاطعة تسليم نقاط المراقبة المستمرّة وأوراق الفروض للإدارة، جدالاً واسعاً في المغرب، وذلك بعد عدم تمكّن مئات التلاميذ من الحصول على نقاط الفصل الماضي من العام الدراسي الذي انتهى في 22 يناير/ كانون الثاني الماضي، بسبب مقاطعة خمس تنسيقيات تعليمية (الزنزانة 10، خارج السلم، الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد، ضحايا تجميد الترقيات، ضحايا النظامين) وعملية إدراج نقاط المراقبة المستمرّة عبر منظومة "مسار" وعدم تسليمها ورقياً للإدارة.

المساهمون