منظمتان دوليتان تتهمان السلطات المصرية بالتقاعس في التحقيق بوفاة الباحث أيمن هدهود

07 يوليو 2022
حُرم هدهود من تلقّي الرعاية الصحية الكافية في الوقت المناسب (فيسبوك)
+ الخط -

أفادت منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش"، اليوم الخميس، بأنّ السلطات المصرية تقاعست عن إجراء تحقيق مستقلّ وفعّال وشفّاف في وفاة الباحث الاقتصادي أيمن هدهود المشبوهة في الاحتجاز. 

وأوضحت المنظمتان في بيان مشترك، أنه "لقد تجاهلت النيابة التي حقّقت في وفاته الأدلة المتزايدة على أنّ السلطات أخفته قسراً وعذّبته وأساءت معاملته، وحرمته من تلقي الرعاية الصحية الكافية في الوقت المناسب".

وفي 23 يونيو/ حزيران 2022، رفضت محكمة جنايات في القاهرة طعن أسرة هدهود لإعادة التحقيق والمطالبة بفحص الأدلة الجوهرية المتعلقة بملابسات الوفاة.

وكان هدهود قد اختفى في الخامس من فبراير/ شباط من هذا العام ليتوفى في الاحتجاز وسط ظروف مريبة في الخامس من مارس/ آذار، أي بعد شهر واحد، لكنّ السلطات أخفت نبأ وفاته ولم تعلن ذلك إلا في التاسع من إبريل/ نيسان.

وقد أغلقت النيابة العامة تحقيقها في 18 من الشهر نفسه، بعد ستّة أيام من إعلانها إجراء التحقيق، وخلصت إلى أنّ وفاته نجمت عن "حالة مرضية مزمنة بالقلب" وأنّ لا شبهة جنائية فيها.

وقال مدير البحوث وكسب التأييد في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابع لمنظمة العفو الدولية فيليب لوثر إنّ "التحقيق المعيب بشدّة في أسباب وملابسات وفاة أيمن هدهود في الاحتجاز هو تذكير صارخ آخر بأزمة الإفلات من العقاب في مصر"، أضاف أنّ "عدم التحقيق بشكل كافٍ وغياب المساءلة عن وفاته المشبوهة إنّما يشجّع قوات الأمن على مواصلة انتهاك حقّ المحتجزين في الحياة من دون خوف من العواقب".

وقد أجرت كلّ من "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية مقابلات مع عائلة هدهود ومحامييه ومصادر في مستشفى العباسية للصحة النفسية بالقاهرة حيث كان هدهود محتجزاً، واطّلعت على تسريبات سجلات الدخول إلى المستشفى والمراسلات والبيانات الرسمية، وتوصّلتا إلى أنّ السلطات المصرية تقاعست عن إجراء تحقيق شامل وفعّال وشفّاف ومستقل وحيادي في أسباب وملابسات وفاة هدهود، بما يتماشى مع متطلبات العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي تُعَدّ مصر طرفاً فيه، و"بروتوكول مينيسوتا" للأمم المتحدة المتعلق بالتحقيق في حالات الوفاة التي يُحتمل أن تكون غير مشروعة.

ورأت المنظمتان أنّه ينبغي على السلطات أن توجّه على الفور دعوة إلى مقرّري الأمم المتحدة الخاصين المعنيّين بحالات الإعدام خارج نطاق القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفاً، وبالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، لزيارة مصر لدراسة حالات التعذيب وسوء المعاملة والوفيات في أثناء الاحتجاز، بما في ذلك حالة هدهود، وتابعتا أنّه ينبغي على السلطات أيضاً أن تتعهّد بتوفير الحماية الكاملة للمحققين والشهود والضحايا والنشطاء الذين يتعاونون معها وتسهيل عملهم.

وأكّدت المنظمتان أنّ تحقيق النيابة تقاعس عن الردّ على الأسئلة الرئيسية والنظر في الأدلة الجوهرية. وتتضمّن الأدلة التي رُفضت أو لم يُنظَر فيها إفادة شاهدَين لاحظا إصابات على وجه هدهود ورأسه في مشرحة المستشفى في العاشر من إبريل الماضي، وذلك قبل تشريح جثته.

وعند اطّلاع منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" على السجلات الرسمية المسرّبة من مستشفى العباسية للصحة النفسية الذي أُدخل هدهود إليه في 14 فبراير الماضي، تبيّن لهما أنّه أُحيل في اليوم السابق إلى طبيب متخصص في العظام. وقال مصدر مطّلع في المستشفى لمنظمة العفو الدولية إنّ هذا يشير بقوة إلى أنّ هدهود إمّا أُصيب بجروح ظاهرة أو اشتكى من إصابات.

وقد رفضت السلطات المصرية مراراً وتكراراً تسليم نسخة عن ملف القضية وتقرير الطب الشرعي إلى عائلة هدهود ومحامييه، وسمحت لمحامية فقط بالاطّلاع عليهما لفترة وجيزة من دون تزويدها بأيّ نسخ. كما رفضت السلطات طلب الأسرة حضور ممثل مستقل في أثناء تشريح الجثّة في 11 إبريل الماضي، أو استخراج تسجيلات كاميرات المراقبة في الأماكن حيث يُحتمل أن يكون هدهود قد اعتُقل واحتُجز، والاطّلاع على محتواها.

وشدّدت منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" على ضرورة إجراء مراجعة مستقلة لتحليل تشريح الجثّة والبيانات الأولية والأدلة الجوهرية الأخرى من قبل لجنة من خبراء الطب الشرعي، في إطار تحقيق مستقل أوسع، ولفتتا إلى أنّ تحقيق النيابة العامة لم يتطرّق إلى تقاعس السلطات عن توفير الرعاية الطبية الكافية في الوقت المناسب عندما تدهورت صحة هدهود، وإلى أنّ تحقيق النيابة العامة لم يتطرّق إلى الاختفاء القسري لهدهود منذ الخامس من فبراير الماضي، عندما رأته عائلته للمرّة الأخيرة، بالإضافة إلى تقاعس السلطات عن تزويد أسرته بمعلومات حول مصيره ومكان وجوده حتى التاسع من إبريل الماضي، أي بعد 35 يوماً من وفاته.

بالنسبة إلى المنظمتَين "تتأكد بواعث القلق بشأن دور النيابة العامة في التحقيق في وفاة هدهود من خلال نمط موثّق جيداً على مدى سنوات يُظهر ضلوع النيابة العامة في الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن، لا سيّما قطاع الأمن الوطني. تجاهلت النيابة بشكل منهجي التحقيق في مزاعم الاختفاء القسري والتعذيب، وقبلت الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب كدليل في المحاكمات".

المساهمون