إيطاليا تنشر الجيش لحماية الأطباء والممرضين بعد 16 ألف اعتداء عليهم

17 سبتمبر 2024
مستشفى دي فينير في باري بإيطاليا، 10 سبتمبر 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- شهدت إيطاليا تصاعداً في الاعتداءات على العاملين في القطاع الصحي، مما دفع السلطات لنشر قوات الجيش لحمايتهم، خاصة بعد حادثة هجوم في مستشفى بوليكلينيكو في فوجيا.
- تعود أسباب العنف إلى عدم رضا الأهالي عن نتائج العلاج، مما أدى إلى فتح تحقيقات بشأن اتهامات بالإهمال وتزييف التقارير الطبية، خاصة بعد وفاة شابة في مستشفى فوجيا.
- يعاني القطاع الصحي من نقص حاد في الموظفين، مما دفع إيطاليا لجلب أطباء من الخارج، بما في ذلك أطباء كوبيين، رغم رفض الأطباء "عسكرة المستشفى".

اضطرت إيطاليا أخيراً إلى إنزال قوات من الجيش لوقف تفاقم اعتداءات أهالي المرضى على موظفي القطاع الصحي، بمن فيهم الأطباء، خلال الأسابيع الأخيرة. ففي الجنوب الإيطالي، وتحديدا في كالابريا، تعرض أطباء وممرضات لهجوم بالضرب من قبل أهالٍ غاضبين. وقررت السلطات توسيع نشر عناصر من الجيش الإيطالي على امتداد البلاد بسبب انتشار المشكلة المتعلقة بغضب الأقارب، إما لوفاة أشخاص أو عدم تقديم العلاج المطلوب، بنظرهم.

وإذا كانت مسألة التهجم على المستشفيات عُرفت في بعض مناطق جنوب وشرقي حوض البحر الأبيض المتوسط، فإن الدولة الصناعية الكبيرة، إيطاليا، ليست بعيدة عن الظاهرة التي انتشرت بصورة متزايدة في عموم مستشفياتها، بحسب ما نقلته صحيفة لا ريبوبليكا.

في بداية الشهر الحالي، ومع تزايد الهجمات على عمال المستشفيات، وأقربها في مستشفى بوليكلينيكو في فوجيا (جنوب)، وصل الأمر بأهالي وأصدقاء شابة تعرضت لحادث دراجة نارية، ونُقلت بإسعاف جوي من خلال طائرة هيلوكبتر، إلى التجمع، ووصل عددهم إلى حوالي 50 شخصا، للاعتداء على الأطباء والممرضات داخل أروقة المشفى. ويبدو أن حزنهم تحول إلى غضب على وفاة الشابة التي دخلت في غيبوبة واستيقظت منها لاحقا. 

وفاتها في غرفة العمليات الجراحية أشعلت الموقف، إذ اتهمت المستشفى بالإهمال والتسبب بـ"مقتل" الشابة. ووفقا لوصف الصحافة ووسائل الإعلام المحلية وأشرطة كاميرات المراقبة، فقد اضطر الأطباء والممرضون إلى الهرب والتحصن في غرفة إثر الهجوم الجماعي الذي أدى إلى إصابات في صفوف بعضهم. بل إن مدير المستشفى هدد بإغلاق غرفة الطوارئ بعد الإبلاغ عن ثلاث هجمات في أقل من أسبوع.

إيطاليا: القطاع الصحي في خطر

وشكت مستشفيات إيطالية مختلفة من الاعتداءات التي شملت سرقة سيارات إسعاف، عدا عن الضرب العنيف والتهديد، وفقا لما نقلته وسائل إعلام إيطالية عن أحد كبار مسؤولي القطاع الصحي الإيطاليين، فرانشيسكو إميليو بوريلي. وأشار إلى أن ما يجري على امتداد إيطاليا بات يعرّض القطاع الصحي للخطر. ووصل العنف أخيرا إلى مستشفيات نابولي، وإلى طوارئ مستشفى جنوة.

ومع انتشار الجيش في مستشفيات الجنوب الإيطالي أكد أول من أمس الأحد عمدة مدينة فيبو فالينتيا، إنزو روميو، أن ما يجري ليس عسكرة للمستشفيات. وكانت محافظة المنطقة قررت حراسة الجيش في المستشفيات والمدارس، بعد مقتل الشابة في الرابع من الشهر الحالي، كرادع ضد الهجمات على العاملين في مجال الصحة. وتقرر أيضا نشر بعض الجنود ومنتسبي الأمن العام في مناطق ومرافق حساسة.

وبحسب سلطات مختلف أقاليم إيطاليا، فإن الهجمات على المستشفيات بسبب عدم رضا البعض على نتائج وطرق علاج أقاربهم باتت تشمل جميع مستشفيات البلد تقريبا. وخلال السنوات الأخيرة، ارتفعت تلك الهجمات لتصل العام الماضي 2023 إلى نحو 16 ألف هجوم مسجل ضد الأطباء والعاملين في مجال الصحة. ولفت رئيس بلدية فيبو فالينتيا، روميو، إلى أن نظام الرعاية الصحية في عموم كالابريا الجنوبي يعاني من اختلالات وعيوب.

وعلى خلفية العنف في كالابريا بسبب وفاة الشابة العشرينية، أُجبرت السلطات على فتح تحقيق بشأن الاتهامات التي وجهت للأطباء. ويتهم الأهالي والأصدقاء سلطات المستشفى والأطباء بـ"تزييف" التقارير الطبية، والتسبب بالغضب الذي جرى. ويركز الغاضبون في جنوب إيطاليا على أن الشابة "كانت بخير"، بحسب الأهل، وأنها بعد الخروج من غيبوبة 16 يوما بدأت بإعادة التأهيل وإجراء عمليات جراحية للأعصاب. وقبل دخولها غرفة عمليات بداية الشهر الحالي، كتبت رسالة لأهلها تعبر فيها عن خشيتها من أن الأطباء غير متخصصين في العملية التي ستجريها على مستوى القصبة الهوائية، وبأن الأمر كان يتطلب نقلها إلى روما من خلال طائرة إسعاف. وفاتها أعادت التذكير بالرسالة وأشعلت العنف في مستشفى فوجيا. وأمر المدعي العام في المدينة بتشريح الجثة وفتح تحقيقين: أحدهما بشأن وفاة الشابة، والآخر بشأن الاعتداء على موظفي قطاع الصحة. ويرفض الأطباء ما سموه "عسكرة المستشفى"، مؤكدين رغبتهم بالتواصل المباشر مع المواطنين.

ومنذ العام الماضي، مع تفاقم رقم الاعتداءات الجسدية واللفظية، يطالب الأطباء والممرضات الإيطاليون باتخاذ إجراءات جذرية. ويجري الحديث عن أن نقص الموظفين وقوائم الانتظار الطويلة هي من الأسباب الرئيسية لإحباط المرضى من العاملين في مجال الرعاية الصحية. وتحاول إيطاليا منذ سنوات تعويض النقص في الأطباء من خلال جلب بعضهم من الخارج، بمن فيهم حوالي 270 طبيبا كوبيا في مشافي الجنوب. وتعمل على توظيف نحو 90 طبيبا كوبيا بحلول العام 2025. وتعاني أقسام الطوارئ في الجنوب الإيطالي من انخفاض الأطباء بنحو نصف ما تحتاجه المستشفيات في المناطق الأكثر فقرا من بين أقاليم إيطاليا مقارنة مع الشمال.

المساهمون