أميركا: السود أكثر إقداماً على الانتحار

14 سبتمبر 2021
ترتفع نسبة الانتحار بين الفتيات السود (رايان ر.سميث/ فرانس برس)
+ الخط -

ما زال الانتحار في الولايات المتحدة الأميركية أحد أكثر المشاكل التي يواجهها المجتمع، خصوصاً أن العديد من الدراسات توصلت إلى أن معدلات الانتحار بين الفئة العمرية ما دون 17 عاماً تعد الأعلى. إلا أن دراسة جديدة نشرت في مجلة الأكاديمية الأميركية للطب النفسي للأطفال والمراهقين، وجدت أن ما يزيد قليلاً عن 1800 طفل من أصحاب البشرة السوداء انتحروا بين عامي 2003 و2017. أضافت الدراسة أن معظم الوفيات كانت بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و17 عاماً.
وبحسب الدراسة، فإنّ معدّل انتحار الفتيات يزيد نحو 6.6 في المائة كل عام، أي أكثر من ضعف الزيادة بالمقارنة مع الفتيان، ما يعني أن 40 في المائة من الفتيات التي تتراوح أعمارهن ما بين 12 و14 عاماً أقدمن على الانتحار، ما يشير إلى أن هذه الفئة العمرية قد تحتاج إلى مزيد من الاهتمام أو التدخل بوسائل جديدة.
كانت نتائج هذه الدراسة صادمة، بحسب أرييل إنش شفتال، الباحثة الرئيسية في مركز الوقاية من الانتحار والأبحاث في معهد "أبيجيل ويكسنر" للأبحاث في مستشفى "نيشن وايد" للأطفال. ووجدت أنّ معدلات الانتحار بين المراهقين والشباب في الولايات المتحدة ما زالت الأعلى في تاريخ البلاد، كما أن نسبة انتحار الشباب السود آخذة في الازدياد، الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام.
وكانت دراسة سابقة نُشرت في مايو/أيار الماضي قد أظهرت أن معدل انتحار الذكور السود الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 عاماً ارتفع بنسبة 47 في المائة بين عامي 2013 و2019، في وقت وصلت نسبة الانتحار لدى الفتيات إلى معدلات أعلى ناهزت 50 في المائة.
وتقول شفتال، بحسب ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، إن ظاهرة الانتحار لم تعد سلوكاً يتعلّق بفئة معينة، بل أصبحت سلوكاً يتعلق بالعرق واللغة والثقافة. في الماضي، كان الانتحار مرتبطاً بأصحاب البشرة البيضاء، فيما تبدلت المفاهيم اليوم، وبات الانتحار من أصحاب البشرة السوداء. 

حتى الآن، ما من إجابة واضحة حول أسباب الانتحار، بحسب شفتال، التي سعت وزملاؤها إلى سحب بيانات من نظام مراقبة حكومي لدراسة أحوال أولئك الذين ماتوا والعوامل التي ربما أدت إلى وفاتهم. ووجدت أنّ معظم الأطفال السود الذين أقدموا على الانتحار ليست لديهم أية أعراض ترتبط بالصحة العقلية. لكن تبيّن أن معظمهم يعاني من اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط. كما أن فئة أخرى من الأطفال كانت تعاني من مشاكل تربوية أو أسرية.
وبالنسبة للفتيات، تبيّن أنهن عانين أمراضاً كالاكتئاب والقلق. وبحسب مؤلفي الدراسة، فإنّ نحو 9 في المائة من الفتيات عانين من أزمة في العلاقات قبل الانتحار، ونحو 20 في المائة تجادلن مع أصدقائهن قبل ساعات من إقدامهن على الانتحار، ما يشير إلى أن مهارات حل النزاعات وآليات التأقلم قد تكون من العوامل المحتملة لانتحار الفتيات السود.

هناك تهميش للسود في أميركا (شاندان خانا/ فرانس برس)
هناك تهميش للسود في أميركا (شاندان خانا/ فرانس برس)

كما تبين، بحسب شفتال، أن أكثر طرق الانتحار شيوعاً بين الشباب هي الشنق والخنق. وأشارت دراسات سابقة إلى أن الإناث أكثر عرضة لمحاولة الانتحار باستخدام وسائل أقل فتكاً.
في المقابل، وعلى الرغم من أهمية هذه الدراسة، إلا أن بعض الخبراء قد وجدوا أن هناك مجموعة من القيود لم تراعها الدراسة، إحداها أن البيانات تضمنت فقط 35 ولاية. كما لم تتضمن معلومات عن عوامل الخطر المحتملة مثل الفقر، والتعرض للصدمات، وصعوبات الوصول إلى الرعاية الصحية العقلية، والتجارب مع العنصرية.

وتقول عالمة النفس العيادي وأستاذة علم النفس في جامعة ديبول في شيكاغو، لافوم روبنسون، والتي درست الانتحار لدى المراهقين السود، إن "تجارب الطفل الأميركي من أصل أفريقي لا مثيل لها في الولايات المتحدة. نحن نعيش في مجتمع يهمش السود". أضافت: "قد تكون الأرقام أعلى مما نعتقد بسبب الانتحار غير المباشر، إذ يضع المراهقون أنفسهم عمداً في طريق الأذى".
ووفق روبنسون، فإن السؤال الأساسي الذي يجب طرحه هو: "لماذا كانت إرادتهم في الحياة ضعيفة جداً وجعلتهم ينخرطون في تلك السلوكيات المحفوفة بالمخاطر والتي قد تكون في الواقع مميتة؟".

إلى ذلك، تصف أخصائية علم النفس العيادي في جامعة شيكاغو، كيت كينان، والتي تتضمن أبحاثها التباينات العرقية في الصحة، الدراسة بالمهمة، وترى أن بعض العوامل الوقائية، مثل الرسائل الإيجابية والشعور بالفخر تجاه المجموعة العرقية والإثنية، يمكن أن تقلل من آثار العنصرية على الصحة العقلية. وتقول: "إذا كانت التجارب مع العنصرية والتمييز تتزايد بمعدل أسرع من زيادة عوامل الحماية، فقد يكون ذلك مرتبطاً بزيادة نسبة الانتحار بين الشباب السود".

المساهمون