ألمانيا مطالبة بالتحرك لإنقاذ أفغان

23 يناير 2022
هؤلاء حالفهم الحظ بالخروج من أفغانستان (دونالد آلن/ Getty)
+ الخط -

ما زال نقل الموظفين السابقين في المشاريع الألمانية في أفغانستان صعباً، على الرغم من مرور أكثر من أربعة أشهر على مغادرة البوندسفير (القوات المسلحة لجمهورية ألمانيا الاتحادية) البلاد مع وصول حركة "طالبان" إلى السلطة. وبرزت القضية مع مطالبة أحزاب سياسية في البلاد بزيادة قدرات السفارات المعنية، ومناشدة المنظمات الداعمة للاجئين بتخصيص المزيد من الموارد للمعالجة السريعة لآلاف طلبات التأشيرات من قبل الأفغان الذين تعاونوا مع الأجهزة الألمانية منذ العام 2013، من مترجمين إلى آخرين في مجال التعاون الاقتصادي والتنمية أو المؤسسات الثقافية والسياسية والسائقين والحراس مع عائلاتهم. وينتظر نحو 20 ألف منهم مغادرة العاصمة كابول في ظل الوضع المأساوي الذي تعيشه البلاد.
وفي هذا الإطار، يدعو رئيس منظمة "برو أزول" الألمانية المدافعة عن حقوق اللاجئين غونتر بوركهارت، في حديث لمجلة "تاغس شبيغل"، إلى قبول المزيد من الأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية، موضحاً أن النتيجة الحالية مرعبة إذ يجب أن يختبىء هؤلاء الأشخاص بشكل دائم خوفاً من أن يقتلهم طالبان. وإذا ما فروا بمفردهم، فإن عائلاتهم ستكون في خطر ومحنتهم كبيرة. يضيف أنه يجب ابرام اتفاق مع طالبان للسماح للعمال المحليين بمغادرة البلاد، لافتاً إلى "الحاجة إلى جسر جوي مزدوج، أي عودة الطائرات إلى أفغانستان محملة بالمواد الغذائية لنقل الموظفين المحليين وغيرهم من الأشخاص المعرضين للخطر".
وعلى الرغم من إعلان وزارة الخارجية الألمانية أخيراً إصدار 5925 تأشيرة لمواطنين أفغان، بينها 3700 في باكستان، و1100 تأشيرة لم شمل أخرى في سفارتي ألمانيا في نيودلهي (الهند) واسلام آباد (باكستان) لتسريع استقبال هؤلاء، فإن الأرقام الضئيلة للواصلين من أفغانستان دفعت حزب اليسار (دي لينكه) إلى توجيه انتقادات شديدة اللهجة للحكومة بسبب غياب التنسيق الحكومي لعمليات الإجلاء من كابول.

في هذا السياق، تقول العضو في حزب اليسار غوكاي أكبولوت لمجموعة "فونكة" الإعلامية، إن استقدام الثلث فقط من العمال المحليّين الأفغان الذين يحتاجون إلى الحماية يدل على التقصير، داعية الحكومة الجديدة إلى تسريع وتنظيم عملية الإجلاء والهجرة. وبنى اليسار انتقاده على ردّ وزارة الداخلية الاتحادية على طلب إحاطة من كتلة الحزب في البوندستاغ (المجلس التشريعي الاتحادي)، بعدما تبين أن الوزارة وافقت على مجيء 24556 شخصاً بين مايو/ أيار ونوفمبر/ تشرين الأول الماضيين، وقد صل منهم 1319 متعاوناً أفغانياً مع الجيش الألماني، بالإضافة إلى 5711 من أقاربهم.
هذه المطالب والاعتراضات دفعت وزيرة الخارجية أنالينا باربوك إلى تقديم خطة عمل لأفغانستان، مشيرة إلى أن الوزارة ترغب في توسيع وتسريع فرص مغادرة الأفغان المعرضين للخطر البلاد. لذلك، ستزال جميع العقبات البيروقراطية المتعلقة بإصدار تأشيرات على اعتبار أن جلب هؤلاء الأشخاص أولوية قصوى للحكومة الألمانية، علماً أن نحو 15 ألف شخص تم قبولهم في ألمانيا، إلا أنهم ما زالوا قابعين في أفغانستان. وتشدد على أن هناك عملا وجهدا كبيرين لإيصال هؤلاء إلى بر الأمان. 
كما تقول باربوك إنه في ظل حكم طالبان، تعاني النساء والفتيات بشكل خاص. وبالنسبة إليهم، فإن "كل يوم مهم"، موضحة أنه سيتم تعزيز التواصل مع ناشطي المجتمع المدني في أفغانستان من أجل تسريع رحيل الأفغان المقبولين في ألمانيا. وتوضح أنه بالتعاون مع وزارة الداخلية، سيتم تجاوز العقبات من أجل عدم خسارة أشهر إضافية قبل الإجلاء. تضيف: "في بعض الحالات، قد يعني ذلك جمع البيانات الرقمية والأمنية قبل المغادرة وإصدار تأشيرات في بلدان العبور أو لدى الوصول إلى ألمانيا". 

زادت نسبة الفقر في أفغانستان منذ سيطرة طالبان على الحكم (بلال غولير/ الأناضول)
زادت نسبة الفقر في أفغانستان منذ سيطرة طالبان على الحكم (بلال غولير/ الأناضول)

وتشير إلى وجوب أن تكون هناك "محاولة جديدة" في المحادثات مع دول جيران أفغانستان حول وسائل إضافية للإجلاء، ولا سيما أنها لم تتمكن من إتمام عملية الاجلاء ونقل الأشخاص المحتاجين للحماية عبر قطر وباكستان إلا كجزء من برامج الإجلاء الخاصة. وما زال 135 مواطناً ألمانياً موجودين في أفغانستان، ولم يغادروا البلاد لظروف خاصة.
بالإضافة إلى ما سبق، تلفت باربوك إلى أنه في ظل الظروف الإنسانية الكارثية التي يعاني منها السكان في أفغانستان من سوء تغذية وندرة مياه الشرب وسوء الرعاية الصحية، تعتزم الحكومة الألمانية إرسال موظفين مجدداً إلى البلاد لتكون قادرة على إجراء تقييم مباشر للوضع. وتوضح: "الهدف هو أن نكون قادرين على العمل على الأرض مرة أخرى وفي وقت مبكر من العام الجديد"، مؤكدة أن العودة "لا تعني شرعية سياسية أو حتى اعتراف بنظام طالبان. كما أن برلين ملتزمة حيال شعب أفغانستان وليس طالبان".
وتشدد على أن الحكومة تريد التأكد من وصول أكبر كمية من المساعدات لضمان عودة الأطفال إلى المدارس، على أن يرتبط الدعم المالي برواتب المعلمين، والتحاق الفتيات والمعلمات بالمدارس. وتعدّ ألمانيا أكبر داعم لأفغانستان في ما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، والمقدرة بنحو 600 مليون يورو حتى الآن، وذلك من خلال الأمم المتحدة والمنظمات المستقلة الأخرى لضمان وصولها إلى أكثر الأشخاص حاجة وليس إلى طالبان.

وكانت الخارجية الألمانية قد رحبت بقرار مجلس الأمن الدولي تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان. وبحسب الأمم المتحدة، فإن 24 مليون أفغاني بحاجة للمساعدة في فصل الشتاء، الأمر الذي يسمح بصرف الأموال وتوفير السلع والخدمات الضرورية لتحسين الوضع الإنساني في البلاد، على الرغم من العقوبات المفروضة على طالبان، علماً أنه سيتم العمل بها لمدة عام واحد. ويهدف القرار الأممي إلى الحد من الهجرة السرية من أفغانستان. 

المساهمون