- نقص المساعدات الطبية منذ مايو والحاجة الماسة لفتح معبر رفح لدخول المساعدات وتمكين السفر للعلاج، مع تحذيرات من تفشي الأمراض المعدية.
- المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية قلقون بشأن الوضع، حيث يجعل الإغلاق المستمر ونقص الوقود توزيع المساعدات شبه مستحيل، مما يضع غزة على شفا كارثة صحية.
حذّرت منظمة "أطباء بلا حدود" من كارثة صحية في غزة حيث يموت المرضى والجرحى بسبب حالاتهم الصحية الحرجة وعدم قدرتهم على تلقّي العلاج اللازم بسبب قلة الإمدادات الصحية وسط إغلاق المعابر. جاء ذلك في سياق حديث أدلى به نائب المنسق الطبي للمنظمة في قطاع غزة محمد أبو مغيصيب لوكالة الأناضول، اليوم الثلاثاء، تناول فيه آخر مستجدّات الوضع الصحي في القطاع المحاصر والمستهدف بحرب إسرائيلية مدمّرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وأفاد أبو مغيصيب بأنّ ثلاثة مستشفيات كانت تعمل في رفح الواقعة أقصى جنوبي قطاع غزة عند الحدود مع مصر، في السادس من مايو/ أيار الجاري أي قبيل انطلاق إسرائيل في عملية اجتياح رفح برياً، علماً أنّ اثنَين من تلك المستشفيات تابعان لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة والثالث تابع لمنظمة "أطباء بلا حدود". وبيّن أنّ منظمته اضطرّت إلى إخلاء المستشفى، حتى لا تتعرّض فرقها للخطر وسط الهجوم الإسرائيلي على رفح، ونقلتها إلى خانيونس جنوبي القطاع. وأشار أبو مغيصيب إلى أنّ ثمّة مستشفيَين ميدانيَّين في رفح، غير أنّهما غير قادرَين على سدّ النقص وتلبية حاجات الناس. وشدّد على ضرورة توفّر مستشفيات عادية، لأنّ تلك الميدانية قادرة على العمل في حالات الطوارئ لكنّها لا تستطيع تلبية الاحتياجات الكبيرة.
وشدّد أبو مغيصيب على أنّ النظام الصحي في قطاع غزة انهار تماماً، موضحاً أنّه تضرّر منذ الأسابيع الأولى للحرب التي شُنّت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لأنّ إسرائيل كانت تستهدف مباني المنشآت الصحية بطريقة مباشرة وغير مباشرة. وفي هذا الإطار، شرح أنّ إسرائيل قتلت أكثر من 400 عامل في مجال الرعاية الصحية في قطاع غزة منذ ذلك الحين، وأنّ مجمّع ناصر الطبي (خانيونس جنوبي القطاع) ومستشفى شهداء الأقصى (دير البلح وسط القطاع) يعملان جزئياً في الوقت الراهن.
كارثة صحية في غزة أقرب من المتوقّع
ومثلما بيّن مسؤولون في الأمم المتحدة ووكالاتها في أوقات سابقة، أكد أبو مغيصيب أنّ "أيّ مساعدات طبية لم تصل إلى قطاع غزة منذ السادس من مايو/أيار، لذلك نعاني نقصاً في مستلزمات طبية عديدة". وحذّر من أنّه "في حال عدم فتح معبر رفح الحدودي (بين قطاع غزة ومصر) قريباً، فإنّ الخلل سوف يصير كبيراً وسوف يؤثّر على الأنشطة الطبية التي نقوم بها في قطاع غزة، وهذا ينطبق على كلّ الجهات الفاعلة وليس فقط منظمة أطباء بلا حدود". ويُعَدّ هذا مؤشّراً واضحاً على كارثة صحية في غزة تهدّد أهل القطاع من دون استثناء.
ولفت نائب المنسق الطبي لمنظمة "أطباء بلا حدود" في قطاع غزة إلى أنّ ثمّة مرضى وجرحى فلسطينيين كثيرين في حاجة إلى علاج خاص والخروج من القطاع من خلال معبر رفح إلى مصر وتركيا وقطر وفرنسا. وبيّن أبو مغيصيب من جهة أخرى أنّ أمراضاً معدية عديدة انتشرت في قطاع غزة، في الأشهر القليلة الماضية، ومن المتوقّع أن تزداد هذه الأمراض في فصل الصيف الذي اقترب.
يُذكر أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل عمليتها العسكرية في مدينة رفح التي بدأتها في السادس من مايو الجاري، متجاهلةً تحذيرات إقليمية ودولية من تداعيات ذلك، ولا سيّما أنّ المدينة كانت تستقبل نحو 1.4 مليون فلسطيني من القطاع هجّرتهم آلة الحرب الإسرائيلية وقد دُفعوا إليها بزعم أنّها "آمنة". وكانت منظمة "أطباء بلا حدود" قد حذّرت من جهتها، في 12 فبراير/ شباط الماضي، من أنّ هجوم إسرائيل البري المحتمل على مدينة رفح سوف يكون "كارثياً"، مشدّدةً على وجوب وقفه. ورأت حينها المديرة العامة لـ"أطباء بلا حدود" ميني نيكولاي أنّ "العمل في قطاع غزة صار شبه مستحيل في الوقت الراهن، وكلّ محاولاتنا لتوفير الرعاية المنقذة لحياة الفلسطينيين تضاءلت بسبب سلوك إسرائيل في الأعمال العدائية"، مبيّنةً أنّ "الاحتياجات هائلة والوضع يتطلب استجابة إنسانية آمنة على نطاق أوسع بكثير".
في سياق متصل، أفادت منظمة الصحة العالمية، أخيراً، بأنّها لم تتلقّ أيّ إمدادات طبية في قطاع غزة مذ بدأت إسرائيل اجتياح رفح، وقال المتحدّث باسمها طارق ياساريفيتش إنّ إغلاق معبر رفح "يضعنا في وضع صعب". كذلك أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) بأنّ توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة يكاد يكون مستحيلاً، بسبب نقص الوقود الذي لا يصل بطريقة منتظمة وبوتيرة مستمرّة، ولا سيّما أنّ معابر قطاع غزة مغلقة منذ أيام (بداية اجتياح رفح) والوصول إليه ليس آمناً ولا مناسباً لوجستياً. وبالتالي تبدو كارثة صحية في غزة أقرب من المتوقّع.
(الأناضول، العربي الجديد)