أشجار ميلاد طبيعية أم اصطناعية لحماية البيئة؟

28 نوفمبر 2022
أشجار ميلاد للتوزيع في نيويورك (سبنسر بلات/ Getty)
+ الخط -

مع بدء العد العكسي لاستقبال عيدي الميلاد ورأس السنة، والاحتفالات المصاحبة لهما، تبدأ العائلات بالتحضير لهذه المناسبات. ويكشف بحث لموقع "Finder" الأميركي أن الأميركيين سينفقون ما يقدَّر بنحو 6.6 مليارات دولار على أشجار عيد الميلاد عام 2022، بزيادة قدرها 13.2 في المائة عن عام 2021. ويشكل هذا الرقم تحدياً كبيراً بالنسبة إلى ناشطي البيئة، إذ قد يزيد اقتطاع أشجار الميلاد واستخدامها في المنازل الأضرار على البيئة، الأمر الذي أثار جدلاً في الأوساط البيئية في الولايات المتحدة حول نوع الشجرة الأمثل لاستخدامها في عطلة الميلاد، سواء أكانت طبيعة أم اصطناعية، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وتشير التقديرات إلى إنتاج وحصاد ما بين 33 و36 مليون شجرة في الولايات المتحدة سنوياً، وإنتاج وقطع ما بين 50 و60 مليوناً في أوروبا، للاحتفال بفترة الأعياد، بحسب موقع "8 Billions trees" المتخصص في القضايا البيئية. ويقدر عدد أشجار الميلاد التي تقطع سنوياً في العالم بحوالى 120 مليون شجرة، الأمر الذي يؤثر بالغابات. وتبلغ البصمة الكربونية الناتجة من شجرة الميلاد التي يبلغ طولها مترين حوالى 16 كيلوغراماً من ثاني أكسيد الكربون، فيما تبلغ البصمة الكربونية الناتجة من البلاستيك حوالى 40 كيلوغراماً من ثاني أكسيد الكربون.

مدافعون عن الأشجار الطبيعية
ويُشدّد خبراء متخصصون بعلم الغابات والبيئة على أن قطع الأشجار الطبيعية، وخصوصاً أشجار الميلاد، ليس له كلفة بيئية خطيرة. ويقول المدير التنفيذي لمنظمة "حماية الطبيعة" في نيويورك، بيل أولفيلدر، إن الأشجار الطبيعية أكثر استدامة من الأشجار الاصطناعية، وخصوصاً أنه يمكن زراعتها مجدداً وإعادتها إلى الطبيعة من دون أن تسبب أي ضرر بيئي.

في هذا الإطار، يُدافع هؤلاء عن أهمية شراء الأشجار الطبيعية بدلاً من الاصطناعية. وفي مدن مثل نيويورك، تجمع البلدية أشجار عيد الميلاد الميتة وتحولها إلى نشارة. ويقول أولفيلدر إنه يمكن استخدام هذه الأشجار لمنع تآكل الكثبان الرملية أو الغرق في البرك والبحيرات ولإنشاء موائل طبيعية للحياة البرية في المياه العذبة.
ويوضح أولفيلدر أنه استناداً إلى بيانات صادرة عن وزارة التجارة الأميركية، تُصنع معظم الأشجار الاصطناعية المبيعة في الولايات المتحدة في الصين. وعادةً ما تُنقل من خلال سفن الشحن البحرية التي تعمل بالوقود الأحفوري، لتوزع على تجار التجزئة في جميع أنحاء البلاد. هذه العملية التجارية تؤدي إلى ارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة. 

أشجار الميلاد (سبنسر بلات/ Getty)
أشجار ميلاد تنتظر من يشتريها (سبنسر بلات/ Getty)

في المقابل، ترى جمعية شجرة الميلاد الأميركية أنه في حالات كثيرة، تمثل الشجرة الاصطناعية حلاً أساسياً وأكثر استدامة للبيئة، وخصوصاً إذا أعيد استخدامها. لكن ما مكونات الشجرة الاصطناعية؟ تتكون من البلاستيك والمواد البترولية والفولاذ، وتستخدم العديد من الأشجار مادتي البولي فينيل كلورايد والبولي إيثيلين، كما يقول ماك هارمان، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "بلسم هيل"، وهي شركة رائدة في تجارة التجزئة لأشجار عيد الميلاد الاصطناعية وزينة العطلات في الولايات المتحدة. ويرى البعض أن اعتمادها يبقى أفضل من قطع الأشجار، شرط إعادة استخدامها. 

جدال
وأظهرت دراسة أعدت عام 2018 أن الأشجار الاصطناعية قد يكون لها تأثير بيئي أقل إذا ما أعيد استخدامها لمدة خمس سنوات على الأقل. وجاءت نتائج هذه الدراسة مشابهة لما توصلت إليه أيضاً شركة "WAP Sustainability Consulting" المتخصصة بالاستشارات المتعلقة بالاستدامة. وأشارت إلى أن تأثير كلا النوعين من الأشجار يختلف بحسب مجموعة عوامل، منها المسافة التي يقطعها المستهلكون للحصول على شجرتهم، وكيفية التخلص منها، ومدّة استخدام المستهلكين لأشجارهم التي يجب ألّا تقل عن الخمس سنوات لحماية البيئة. 
وذكرت دراسة أخرى أن الأشجار الاصطناعية لن تصبح أفضل بيئياً من الأشجار الطبيعية إلا إذا استخدمت لمدة 20 عاماً. وتظهر العديد من الدراسات الإحصائية أن ما يقارب 50 في المائة، من مالكي الأشجار الاصطناعية أفادوا بأنهم يخططون لاستخدام أشجارهم لمدة 10 مواسم أو أكثر، الأمر الذي ستكون له انعكاسات إيجابية على البيئة. وتبقى هناك عقبة واحدة تتعلق بالأشجار الاصطناعية، وهي كيفية التخلص منها، إذ إن رميها بمكب النفايات يشكل معضلة أساسية وتحدياً للبيئة.  وبحسب أولفيلدر، فإن الاحتفاظ بالأشجار الاصطناعية لفترة طويلة له تأثير واضح في التخفيف من البصمة الكربونية. لكن بعد ذلك، سيكون مصير هذه الأشجار الرمي في مكبات النفايات، ما يعني رمي البلاستيك، الأمر الذي يؤثر بالمحاولات الدولية لمواجهة التغيرات المناخية.

المساهمون