عبر العشرات من الأسرى الفلسطينيين المحررين، الثلاثاء، عن قلقهم من تباطؤ تنفيذ دمجهم في مؤسسات السلطة الفلسطينية، لا سيما الأجهزة الأمنية، رغم صدور مرسوم رئاسي بدمج الأسرى المحررين بمؤسسات السلطة الفلسطينية، وذلك إثر أمر عسكري إسرائيلي يمنع البنوك من التعامل مع مرتبات الأسرى والمحررين.
وتجمع العشرات من الأسرى المحررين من مناطق عدة في الضفة الغربية، الثلاثاء، أمام مجلس الوزراء في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، مطالبين الحكومة بالكشف عن مصير راتب الشهر الجاري، والمفترض صرفه في بداية أبريل نيسان القادم، في ظل ما وصفوه بالتقدم البطيء في ملف دمجهم وتساؤلات عديدة حول الآلية، بعد أن صرفت السلطة لهم رواتب 3 أشهر بشكل مسبق نهاية العام الماضي.
يقول المحرر رائد أبو هنود لـ"العربي الجديد"، الذي قدم من بلدة سيلة الظهر جنوب جنين شمال الضفة وأمضى في سجون الاحتلال 8 أعوام، "إن ما دفعه وزملاؤه للاعتصام تخطي منتصف شهر مارس/ آذار الجاري، دون توضيحات وإجابات".
وأضاف متسائلاً "متى سيتم الدمج ومتى سينفذ قرار الرئيس؟"، ورجح أبو هنود ألا تصرف الرواتب بداية الشهر عبر البنوك، مشيراً إلى احتمالية صرفها عبر شيكات، ومشيراً إلى أن التأخر ليس بصالحهم، خصوصاً إذا ما تم إقرار موازنة العام الجاري من الحكومة دون إنجاز ملفهم.
وبحسب الآلية المتبعة منذ إقرار السلطة دمج الأسرى المحررين بالوظائف المدنية والعسكرية، لتخطي الأمر العسكري الإسرائيلي ورفض البنوك الفلسطينية صرف رواتب الأسرى خوفاً من عقوبات إسرائيلية، فقد قام أبو هنود منذ أشهر بتعبئة استمارة أعطته الخيار بالانضمام إلى جهاز أمني أو مؤسسة مدنية تتبع للسلطة الفلسطينية، مشيراً إلى أنه اختار الانضمام لجهاز أمني.
ويقول أبو هنود "إن المعتصمين إن لزم الأمر سيبيتون أمام مجلس الوزراء حتى إنجاز ملفاتهم وإعطائهم الأجوبة الشافية على العديد من التساؤلات منها: الملف الطبي وما يعرف بالعجز للأسرى، الذين أمضوا أقل من خمس سنوات ولكن لديهم عجز في أجسادهم، حيث يتخوفون من عدم اعتمادهم".
كما يطالب المحتجون بتوضيح آلية الدمج بأن يتم اعتماد ما ورد في قانون الأسرى والمحررين لاحتساب سنوات الخبرة والمرتبات، ويضيف "أردنا الاعتصام في شهر فبراير شباط، وفي السابع من الشهر الجاري، وأجلنا الاعتصامات بناءً على وعود من اللواء نضال أبو دخان، قائد الأمن الوطني، الذي قال لنا إن الرواتب سيتم صرفها في الأول من الشهر القادم في البنوك، لكن تفاجأنا اليوم أن ذلك ربما لن يتم، عندما راجعه زملاؤنا فقال لهم الأمر يحتاج إلى وقت وسيتم دمج 600 شخص قبل عيد الفطر، وفي ظل هذا الغموض قررنا الاعتصام".
ويطالب الأسرى المحررون باعتماد ما يسمى بجبر الكسر لعدد السنوات التي قضاها الأسير في سجون الاحتلال، بحيث يتم جبر الأيام التي تنقص، في حال لم تزد عن 31 يوماً لكيلا يخسر الأسير المحرر اعتماد سنة من سنوات خدمته وفقاً للقانون.
كما يرفض عدد من المعتصمين إخضاعهم لفحص لجان طبية في الأمن، ليتقرر وفقاً لذلك صلاحيتهم للانضمام للأجهزة الأمنية أو لا؟ معللين ذلك بأن نسبة من الأسرى المحررين يعانون أوضاعاً صحية صعبة، نتيجة الاعتقالات رافضين إخضاعهم لنفس المعايير لأي مواطن آخر عند التوظيف.
وفي مقابل الحركة الاحتجاجية للمحررين ترى اللجنة العليا للأسرى والمحررين، التي تمثل الأسرى وتتابع الملف منذ شهور، بأن النزول إلى الشارع ليس خيارها حالياً في ظل إجراءات للدمج يتم القيام بها، ولكن في المقابل تتفهم حالة القلق التي يشعر بها المحررون.
إياد أبو عليا عضو اللجنة يقول لـ"العربي الجديد": "إن المحتجين نزلوا إلى الشارع نتيجة القلق المبرر"، مؤكداً أن المطلوب من الحكومة تسريع عجلة الإنجاز في هذا الملف، كما أكد أن هناك ضرورة للالتزام بقانون الأسرى والمحررين ليكون الأساس لهؤلاء.
وأضاف أبو عليا، أن ما حرك المعتصمين إرسال أسماء قرابة 150 محرراً إلى اللجنة الطبية من أجل إجراءات دمجهم، وهو ما أثار حساسية وحالة قلق على مرتبات الباقين في شهر أبريل\ نيسان المقبل.
كما أكد أبو عليا أن الإشكالية الحقيقية التي يجب معالجتها وتوضيحها، ولا يزال يعتريها الغموض، هي مرتبات الأسرى في سجون الاحتلال، حيث أن اللجنة والأسرى بشكل عام متمسكون بصرفها عبر البنوك وليس عبر أي آليات أخرى، وهو ما لم يتم توضيحه بعد.
بدوره، أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، قدري أبو بكر، لـ"العربي الجديد" أن 64 موظفاً قد تم تخصيصهم لإنجاز ملف الأسرى المحررين في أسرع وقت، مشيراً إلى وجود ما يقارب 7500 استمارة لأسرى محررين يتم فرز كل استمارة على حدة.
وأضاف أبو بكر، أن 4 آلاف أسير محرر اختاروا المؤسسة العسكرية، وقد تم إرسال 150 منهم إلى الخدمات الطبية العسكرية في أريحا لإجراء الفحص الطبي، وأنه لا يمكن إرسال الجميع في اليوم ذاته، مؤكداً أن الأمر سيتم تباعاً.
وحول صرف رواتب الشهر المقبل، قال أبو بكر "المفترض في أي الأحوال ستصلهم رواتب شهر مارس/ آذار الجاري، لكن المشكلة أن البنوك ترفض صرف مرتبات الأسرى والمحررين بسبب القرار الإسرائيلي، نحن والمستوى السياسي نحاول إيجاد طريقة وآلية لتأمين رواتب الأسرى جميعاً سواء في داخل السجون أو خارجها".
وأضاف أبو بكر "إنه تم إنجاز ملفات 6 آلاف أسير محرر في هيئة الأسرى، وهناك إجراءات يتم القيام بها في الأجهزة الأمنية أو المؤسسات المدنية وفقاً للقوانين مثل الفحص الطبي".
وحول الاحتجاج على الفحص الطبي، قال أبو بكر "إنه من الطبيعي أن يتم إجراء ذلك الفحص لأن الأسير اختار أن يكون ضمن الجهاز الأمني الذي له قوانين، وأكد أن من لا تجيزه اللجان الطبية، سيكون هناك خيارات عديدة أمامه مثل التحول إلى مؤسسة مدنية أو العمل في وظيفة إدارية في الأجهزة الأمنية، أو التقاعد في أسوأ الحالات".
كما قال أبو بكر "إن ما سيتم اعتماده بخصوص الرواتب هو نظام الأسرى والمحررين الحالي، مشيراً إلى أن الهيئة أرسلت مقترح الأسرى المحررين إلى مجلس الوزراء باعتماد السنوات لمن تقل عدد سجنهم عن السنة التي يريدون اعتمادها بما لا يزيد شهراً ولم يأت الرد بعد".
وكانت السلطة الفلسطينية صرفت رواتب شهور ديسمبر/ كانون الأول الماضي، ويناير/ كانون الثاني الماضي، وفبراير/ شباط الماضي، بشكل مسبق كآخر رواتب تصرف عبر البنوك لحين الانتهاء من الترتيبات الخاصة بمخصصات الأسرى وإيجاد آلية جديدة لصرفها، بعد تلقي البنوك أمراً عسكرياً إسرائيلياً بعدم صرفها.