أزمة الطاقة تهدّد مستشفيات ألمانية بالإغلاق

20 أكتوبر 2022
خلال فترة تفشي كورونا في أحد مستشفيات ألمانيا (ماجا هيتيج/ Getty)
+ الخط -

كان لنسبة التضخم المرتفعة في ألمانيا تأثير كبير على القطاع الطبي، وقد أعلن اتحاد المستشفيات الألمانية أنه سيواجه مشكلة سيولة حادة للغاية خلال الأشهر المقبلة، مع ارتفاع أسعار مشتقات الطاقة وكلفة الكهرباء، في بلد يضم 1900 مستشفى تحتوي على 490 ألف سرير. لذلك، سيكون هناك إغلاق حتماً وقيود على تقديم خدمات الرعاية للمرضى. وأشار إلى أنّ المسؤولية لا يتحملها مشغلو المستشفيات أو الإداريون بل السياسيون.
وأمام هذا الواقع، دعا الاتحاد الحكومة الفيدرالية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، متوقعاً أن تصل فجوة التمويل من جراء التضخم وأزمة الطاقة، والتي لا تعوضها شركات التأمين، إلى حوالي 15,5 مليار يورو بين عامي 2022 و2023. وتخشى المستشفيات إغفالها عن حزمة الإغاثة الحكومية. ووجه رئيس جمعية المستشفيات الألمانية غيرالد غاس خطاباً إلى وزير الصحة كارل لاوترباخ حول إغلاق العيادات والمستشفيات خلال الأشهر المقبلة بفعل الأزمة. وقال غاس إنه على عكس الشركات الأخرى، لا تستطيع العيادات تعويض جزء من زيادة الكلفة من خلال رفع الأسعار، ولا يمكن لنا أيضاً إيقاف عملياتنا مؤقتاً أو خفض درجات الحرارة لتوفير التكاليف.
وبحسب اتحاد المستشفيات، فإنّ 92 في المائة منها تحتاج إلى الغاز الطبيعي، وعدد قليل منها يستخدم الطاقة المتجددة. ومن الضروري العمل على تغيير مصادر الطاقة، الأمر الذي يكلف نحو 40 مليار يورو لجميع المستشفيات في ألمانيا، والتي بالكاد تستطيع جمع هذه الأموال بسبب تراجع الدعم الاستثماري. في هذا الإطار، يقترح إطلاق برنامج استثمار المستشفى الأخضر.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وعن المعاناة داخل المستشفيات، أشارت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" إلى أنه بناء على النصائح الطبية، يحضر المرضى في برلين جوارب وبطانيات سميكة إلى الغرف، لأن الأطباء غالباً ما يضطرون إلى إيقاف التدفئة تماماً بسبب ارتفاع كلفة الكهرباء. ونقلت الصحيفة عن رئيس الجمعية الطبية يوهانس شتاينهارت امتعاضه من الإشارة إلى تخفيض الأطباء درجة الحرارة في غرف العلاج إلى 19 درجة لتوفير الطاقة، لافتاً إلى أنّ المرضى يضطرون في بعض الأحيان إلى خلع ملابسهم لإجراء الفحوصات على الرغم من البرد. 
كما أشارت الجمعية إلى ضرورة إعطاء العيادات الأولوية، كونها ستتأثر بارتفاع أسعار الطاقة، بالإضافة إلى شركات تصنيع الأدوية والأجهزة الطبية. وقبل أيام، أعلن غاس أن الوضع صعب للغاية وسيكون هناك تأثير على سلاسل التوريد. وتأتي هذه التحذيرات في ظل ارتفاع حالات الإصابة بكورونا. وقال غاس لوكالة الأنباء الألمانية إنه خلال الفترة الأخيرة، زادت نسبة الإشغال في المستشفيات بنحو 50 في المائة، مع وجود حوالي 19 ألف مريض ثبتت إصابتهم بكورونا، بينهم 1660 في غرف العناية المركزة، وتوقع أن تواجه البلاد أسابيع عصيبة للغاية في كل أنحاء البلاد، وليس فقط في جنوب ألمانيا. ويشكو مما أسماه الثالوث المدمر: نقص الكادر الطبي بسبب كورونا وأمراض الجهاز التنفسي الأخرى، والضغط الاقتصادي من جراء التضخم، والبيروقراطية، متوقعاً أن يضطر ذلك المستشفيات، وإن بشكل مؤقت، إلى إرجاء العديد من الخدمات والفحوصات. 

تستخدم مستشفيات قليلة الطاقة المتجددة (خافيير سوريانو/ فرانس برس)
تستخدم مستشفيات قليلة الطاقة المتجددة (خافيير سوريانو/ فرانس برس)

من جهته، حذر رئيس جمعية أطباء العناية المركزة في ألمانيا، كريستيان كاراغيانيديس، من نقص أعداد الموظفين في وحدات العناية المركزة في مناطق ولايات مثل بافاريا وهيسن ومدن في ولاية شمال الراين- وستفاليا، والتي تكاد تكون خالية من أسرة في غرف العناية المركزة، بسبب مرضى كورونا.
في هذا الإطار، قال لاوترباخ، في حوار مع شبكة "أي أر دي" الإخبارية، إن الخطر الحقيقي يكمن في إفلاس المستشفيات نتيجة أزمة الطاقة والتضخم الذي يشهده البلاد، مشدداً على أنه في حال لم نتحرك بسرعة وبشكل جذري، قد تغلق مستشفيات عدة بسبب حالة الطوارئ الاقتصادية. وأشار إلى أنه يتفاوض مع وزير المالية كريستيان ليندنر حول حجم وإجراءات تنفيذ المساعدة للمستشفيات، مشيراً إلى أن الحديث لا يدور حول إنشاء صندوق خاص، على غرار ما حدث في حالة الجيش الألماني. وشدد على أنه "لا يمكننا إنشاء صندوق خاص لكل قطاع". وفي ما يتعلق بتقديرات أرقام فجوة التكاليف المقدرة من النقابة، قال إنه يعرف الأرقام لكنه لا يستطيع فهمها، مشيراً إلى وجوب المساعدة وحل مشكلة السيولة التي تواجه المستشفيات.

وتعليقاً على ما قالته جمعية المستشفيات الألمانية حول فجوة التمويل في التكاليف العينية والطاقة، أكد أنّه علم بهذا الحساب لكنّه لا يستطيع أن يفهمه "فهذا يعني أنّ جمعية المستشفيات الألمانية لديها القدرة على تقدير كم ستبلغ تكلفة الغاز في العام المقبل، وكم ستبلغ تكلفة الكهرباء" لافتاً إلى أنه ليس هناك أحد يعرف هذا الأمر الآن.

المساهمون