بعد أسبوع من بدايتها، فوجئ طلاب الشهادة الثانوية بإعلان وزارة التعليم تعليق إجراء الامتحانات على خلفية الاشتباكات الدامية التي شهدتها العاصمة طرابلس، مطلع الأسبوع الماضي، قبل أن تعلن الوزارة استئناف الامتحانات لاحقاً، ما خلق حالة من الارتباك في أوساط الطلاب، وبين أعضاء اللجان المشرفة على الامتحانات.
جاء التعليق والاستئناف المفاجئان بعد أيام من عرقلة أخرى سبّبها تسرب أسئلة امتحانات بعض المواد في عدد من المناطق، من بينها مناطق الغرب، ما أحدث حالة ترقب حول مصير امتحانات تلك المواد، وزاد من الترقب تأخر الوزارة في توضيح القرار حيالها.
لا يعتبر بلقاسم سويلم، وهو مدير إحدى المدارس الثانوية بطرابلس، تلك العراقيل جديدة، ويؤكد أنها متكررة، بل ومتوقعة، ويسرد لـ"العربي الجديد" وقائع جرت خلال السنوات الماضية التي شهدت تأجيل الامتحانات بسبب الحروب، وأحياناً لأجل غير معلوم، قبل أن يُعلَن إجراؤها فجأةً. "أذكر أنه في إحدى السنوات اضطرت الوزارة إلى إجراء الامتحانات بشكل عاجل بعد تكرار التأجيلات إلى قرب بدء العام الدراسي الجديد".
ينتقد سويلم القرار، ويصفه بأنه غير مدروس، قائلاً: "هناك طلاب التحقوا بالامتحانات من دون أن يعرفوا في أي مادة سيمتحنون، هل في المادة التي انقضى موعدها في يوم تعليق الامتحانات، أم في مادة يوم التحاقه وفقاً لجدول الامتحانات المقرر".
ويضيف: "الاشتباكات الأخيرة اضطرت بعض المدارس إلى التوقف، ولم يكمل الطلاب المقرر الدراسي، ومن دون أي اعتبار من جانب الوزارة، دخل الطلاب الامتحان في كامل المقرر الدراسي، وأحياناً تتوقف مناطق بكاملها عن الدراسة بسبب تحولها إلى ساحة حرب، وتضطر الوزارة إلى إجراء الامتحانات في مناطق مجاورة، فضلاً عن قضية أبناء النازحين، الذين يؤدون الامتحانات في مناطق أخرى وفي ظروف صعبة".
في العام الحالي، أضيفت أزمة جديدة تمثلت بغياب الكتاب المدرسي، إذ لم تتمكن وزارة التعليم من توفيره للمرة الأولى في تاريخ البلاد. يقول سعيد العزابي، وهو طالب في الشهادة الثانوية من طرابلس، إن "ابن الجيران كان طالباً في الشهادة الثانوية خلال العام الماضي، وأعارني كتبه، ولولا هذا لبقيت بلا كتب، كحال أغلب أقراني".
ويرجع غياب كتب بعض المراحل الدراسية إلى عدم تعاقد وزارة التعليم على طباعتها، رغم توفير الحكومة المبالغ اللازمة لذلك منذ يونيو/حزيران من العام الماضي، وتشكيل الوزارة لجنة طباعة الكتب قبل ذلك بشهرين، بحسب تصريحات حكومية سابقة.
ورغم أن النائب العام بدأ تحقيقاً في الموضوع منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلا أن نتائج التحقيق لم تظهر، ولم يصدر أي قرار بشأن معاقبة المسؤولين.
يقول الطالب سعيد العزابي لــ"العربي الجديد": "قليل من الطلبة تمكنوا من تدارك الوضع باستعارة الكتب الدراسية من أقارب أو أصدقاء، وتمكن آخرون من شراء الكتب من المكتبات التي استغلت الظروف، وعرضت نسخاً مصورة، لكنّ كثيراً من الطلاب لم يتمكنوا من الشراء بسبب كلفتها الكبيرة".
وتعلق لطفية حسونة، وهي أم لطالبة في الشهادة الثانوية بمدينة الخمس شرق طرابلس: "وسط الجدل والاتهامات المتبادلة بين المسؤولين حول أزمة الكتاب المدرسي، لم يتضرر إلا الطلبة كالعادة، ولم تتحمل وزارة التعليم المسؤولية، أو تضع في حسبانها تسهيل أسئلة الامتحانات التي جاءت معقدة هذا العام، لم يهتموا بكيفية حصول الطالب على المقرر الدراسي، ومتى يحصل عليه، فضلاً عن المدارس التي لم تكمل تدريس المقررات".
وحذر مركز المناهج التعليمية والبحوث التربوية في وزارة التربية والتعليم بحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة، من تكرار أزمة الكتاب المدرسي خلال العام المقبل إذا تأخرت الإجراءات اللازمة لطباعته.
ما إن انخرط طلاب المرحلة الثانوية في أداء الامتحانات، حتى فوجئوا بزخم إعلامي يرافق تسرب أسئلة بعض الامتحانات في الأسبوع الأول. يقول زين العابدين المهيوب، وهو طالب في الشهادة الثانوية من تاجوراء: "تكاثرت الشائعات عن قرارات ستصدر لإلغاء امتحان تلك المواد، وبعد يومين من الجدل، أعلنت وزارة التعليم أنها كلفت لجاناً لتغيير الأسئلة في اللحظات الأخيرة قبل بدء الامتحان في المواد التي تسربت أسئلتها".
يضيف المهيوب لـ"العربي الجديد"، أن "الأسئلة البديلة أُعدت على عجل، وأسئلة الرياضيات كان بعضها من خارج المنهج، حتى أن المعلمين في لجان الاشراف لم يتمكنوا من حلها".
وبعد احتجاج طلاب بعض المناطق التي غُيِّرَت أسئلة الامتحان فيها، وعدت وزارة التعليم بمنح الدرجة الكاملة عن كل سؤال جاء من خارج المنهج.