أثارت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، الإثنين، ملف اكتظاظ السجون وما يرافقه من انتهاكات، داعية إلى تشريع قانون الأحكام البديلة للتخفيف من أعداد السجناء.
ولا توجد إحصائية رسمية لعدد السجناء في العراق، لكن أرقاماً متضاربة تؤكد أنها تقارب المائة ألف سجين يتوزعون على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين.
ووفقاً لرئيس اللجنة النائب أرشد الصالحي، فإن لجنته "تسعى لتشريع قانون الأحكام البديلة الذي قدمت بشأنه دراسات في أكثر من مناسبة للحكومة ووزارة العدل"، مؤكدا في تصريح لصحيفة الصباح الرسمية، الإثنين، أن "تشريع القانون أصبح ضرورة، وهو يمنح صلاحية تكليف المحكوم 4 أو 5 سنوات بأعمال معينة خارج أسوار السجن، كتنظيف الشوارع أو ما شابه ذلك، كما هو معمول به في الدول الأوروبية، مقابل تخفيف محكوميته".
وأضاف أن "تشريع هذا القانون سيخفف من الاكتظاظ الموجود داخل السجون بعدما تزايدت أعداد السجناء عن السبعين ألفا في السجون والإصلاحيات"، مؤكدا أن واقع السجناء غير جيد.
وأشار إلى أنه "مع الاكتظاظ في السجون، توجد أيضا تدخلات حزبية وسياسية بامتياز في ملف الإطعام بالدرجة الأولى، وتشغيل الحوانيت وغير ذلك"، مبينا أن "الشركات العاملة على ملف الإطعام لا يمكن السيطرة عليها بسبب النفوذ السياسي، وأن كلما حاولت اللجنة التدخل في هذا الأمر تواجه من جهات معينة".
وأضاف: "هناك نفوذ لأطراف قوية داخل السجون وإدارتها، ومديرو السجون يواجهون ضغوطا تمارس عليهم، وهذا كله يضاف إلى معاناة السجناء"، مشددا على "ضرورة منع هذه التدخلات والخروج بحلول".
وعبّر عن قلقه بشأن "واقع السجون بسبب عدم استقرار الوضع الأمني، معربا عن خشية من حصول تدهور كالذي حصل قبل سنوات في سجن أبو غريب، من هروب السجناء، لاسيما مع غياب السلطة الرقابية المتمثلة في المفوضية العليا لحقوق الإنسان (التي تم حلها)، الأمر الذي أدى إلى تراجع وضع السجون".
وزارة العدل امتنعت عن التصريح بشأن الملف، إلا أن مسؤولا في الوزارة أكد أن "حالة الاكتظاظ أصبحت واقع حال في جميع السجون، وأن الوزارة تسعى لاستحداث سجون جديدة"، مبينا لـ"العربي الجديد"، مشترطا عدم ذكر اسمه، أن "الوزارة لديها تقارير كثيرة بشأن حالة الاكتظاظ، وتأثيراتها السلبية على السجناء، ونعمل على استحداث سجون جديدة بسبب التزايد المستمر في أعداد النزلاء، إلى جانب شكاوى بحصول ابتزاز واعتداء على السجناء من قبل موظفين بالسجون".
وأكد، أن "الملف يحتاج إلى تخصيصات مالية كبيرة، وأن الوزارة تتعاون أيضا مع الأمم المتحدة لإبرام تفاهمات بشأن توسيع السجون".
وتضاعف عدد السجون في البلاد منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003 عدة مرات، إذ أنشأت سلطة الاحتلال المؤقتة ثلاثة سجون في السليمانية والبصرة وبغداد، قبل أن توسع الحكومات المتعاقبة خطة السجون، ليرتفع العدد إلى 13 سجنا رئيسيا تنتشر في مدن وسط وجنوب البلاد، فضلا عن العاصمة بغداد، وإقليم كردستان، عدا عما يعرف بالسجون المؤقتة التي تتبع وزارتي الداخلية والدفاع، وتُعرف في العراق بـ"التسفيرات".
تعذيب وإهمال طبي في سجون العراق
تسجل السجون العراقية انتهاكات كبيرة، وكان المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب قد كشف في تقرير له، رصد وفاة نحو 50 معتقلاً نتيجة "عمليات التعذيب والإهمال الطبي في السجون التابعة لحكومة بغداد"، أضاف أنّه في المدّة المتراوحة ما بين يناير/ كانون الثاني الماضي وأغسطس/ آب الجاري توفّي 49 معتقلًا؛ 39 منهم في سجن الناصرية المركزي، وثمانية في سجن التاجي (شمالي بغداد)، بالإضافة إلى توثيق حالة انتحار في مراكز شرطة إجرام الموصل في محافظة نينوى (شمال)، ووفاة واحدة في مركز تابع لمكافحة الإجرام في العاصمة بغداد.
كذلك، كشف المركز عن "احتجاز السلطات الحكومية عشرات الآلاف من المعتقلين في ظروف غير إنسانية، بوضعهم في زنازين مكتظة وغير مهيأة صحياً لسنوات عدّة بدوافع انتقامية وطائفية"، موضحاً أنّ "الظروف الصحية معدومة في معتقلاتهم، وأنّها ذات درجة حرارة ورطوبة عاليتَين، ممّا يؤثّر على صحتهم بشكل مباشر".
وأشار المركز في التقرير نفسه إلى وفيات أخرى في السجون الحكومية التابعة لوزارات العدل والداخلية والدفاع في حكومة بغداد، فضلاً عن السجون السرية التابعة للمليشيات، إلا أنّه لم يتمكّن من الحصول على معلومات مؤكّدة بشأنها.