آلاف البريطانيين معرّضون للفقر والتشرد

23 مارس 2023
التدفئة من أساسيات الحياة في بريطانيا (راصد نيكاتي أسلم/الأناضول)
+ الخط -

منذ مطلع العام الماضي، يتم تداول قصص حول آلاف العائلات البريطانية التي أجبرتها الظروف المعيشية القائمة على الاختيار بين دفع كلفة التدفئة وتوفير الأساسيات اللازمة لإعداد الطعام.
ويتعرّض وزراء الحكومة البريطانية لانتقادات متزايدة بسبب تفاقم الأزمة المعيشية، ويطالبهم كثيرون بتقديم المزيد من الدعم لملايين المواطنين الذين يواجهون ضغوطاً معيشية، أو يعيشون في ظل ظروف صعبة للغاية تهدّد بانقطاع إمدادات الطاقة عن منازلهم في فصل الشتاء، فضلاً عن اضطرار كثيرين منهم إلى تقليص مشترياتهم من المواد الغذائية، وصولاً إلى خسارة منازلهم، وبالتالي التشرّد.
بدورها، تعهّدت الحكومة بحزمة دعم قيمتها 22 مليار جنيه إسترليني، لمساعدة الأشخاص على دفع تكلفة فواتير الطاقة، فضلاً عن تكرار الوعود بمزيد من الدعم للأشخاص المتأثرين بالأوضاع الاقتصادية.

ويشير بحث أجراه "مركز تأثير التشرّد"، إلى أن أكثر من نصف المستأجرين (52%) و49 في المائة من أصحاب القروض العقارية قلقون من قدرتهم على دفع تكاليف السكن خلال العام الحالي، ونقلت النتائج عن أشخاص كثر لم يتجاوزوا الخمسين من عمرهم، أن تكاليف السكن تؤثر على صحتهم العقلية، وتبلغ النسبة 62 في المائة لدى أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و34 سنة.
وفي ظلّ ارتفاع أسعار الفائدة وغلاء اجتاح جميع تفاصيل الحياة، يخشى عشرات الآلاف من أصحاب المنازل المقيّدين برهون عقارية من خسارة بيوتهم، وفي الوقت ذاته يعيش المستأجرون في حالة قلق من عدم قدرتهم على دفع الإيجار.
في السياق، تقول الرئيسة التنفيذية لـ "مركز تأثير التشرّد"، ليجيا تيكسيرا، إنها شعرت بقلق بالغ بسبب النتائج التي أظهرت أن أكثر من نصف المستأجرين قلقون بشأن قدرتهم على دفع الإيجار خلال العام الحالي، موضحة أن "توفير الإسكان ميسور التكلفة، خاصة للأشخاص ذوي الدخل المنخفض أو الذين يواجهون ضغوطًا مالية، يعدّ شرطاً أساسياً لمنع دخولهم في فئة المشردين. لكنّ الأزمة المعيشية الحالية تهدّد بضياع سنوات من التقدّم الذي أحرزته البلاد في تقليص نسب التشرّد".
وتحذّر هيئة السلوك المالي من أنّ نحو 750 ألفاً من مالكي المنازل يخشون العجز عن سداد ديونهم العقارية خلال العامين المقبلين، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة، وانخفاض الدخل الحقيقي الناجم عن ارتفاع التضخم.
ويقول مدير شركة "جون شاركول" للرهون العقارية، نيكولاس منديز، لـ"العربي الجديد"، إنّ العديد من مالكي المنازل الذين حصلوا على رهن عقاري في عام 2023، قد يجدون أنفسهم في وضع يفوق طاقتهم على الدفع في ظل زيادة معدلات الفائدة، وتأثير ذلك على المدفوعات الشهرية، بالإضافة إلى الضغط الذي تواجهه الأسر بالفعل في توفير تكاليف المعيشة.

الصورة
قلص معظم البريطانيين مشترياتهم اليومية (كارل كورت/Getty)
قلص معظم البريطانيين مشترياتهم اليومية (كارل كورت/Getty)

وينصح منديز: "بالنسبة لأولئك الذين يقتربون من الحصول على رهن عقاري، لا يزال الحصول على صفقة مناسبة خياراً مهماً، فعلى سبيل المثال، إذا كان لديك 6 أشهر أو نحو ذلك متبقية من مدّة الرهن العقاري الثابت، ولا تريد دفع أي رسوم سداد مبكرة للتبديل إلى صفقة جديدة، يمكنك إصلاح صفقة الـ6 أشهر مقدماً مع معظم المقرضين، بحيث تنتقل مباشرة إلى السعر الجديد بمجرد انتهاء فترة الإصلاح الحالية، وفي حال استمرت المعدّلات في الانخفاض خلال هذه الأشهر الستة، فيمكنك حينئذٍ النظر في التحول إلى سعر جديد أقل مع المُقرض. أمّا إذا استمرّت الأسعار في الارتفاع في غضون الأشهر الستة، فستحصل على سعر أقل في وقت مبكر. وفي الحالتين ستحقق توفيراً".
وتدفع العائلات البريطانية الجزء الأكبر من دخلها في الرهن العقاري، أو الإيجار، وكشف موقع العقارات "زوبلا"، أنّ الإيجار بات يمثّل نحو 35 في المائة من إجمالي دخل المستأجر، وذلك بعد ارتفاع كلفة الإيجارات بنسبة 12.1 في المائة خلال عام 2022، في حين يبحث المستأجرون بشكل متزايد عن خيارات ميسورة التكلفة عند البحث عن منازل.
ووفق موقع مكتب الإحصاءات الوطنية، أفاد 9 من كل 10 بالغين في بريطانيا بأن تكلفة المعيشة قضية مهمة تواجه المملكة المتحدة، وقال 8 من كل 10 أشخاص إن الخدمات الصحية هي القضية المهمة، ووفقًا للبيانات التي تم جمعها بين 21 ديسمبر/كانون الأوّل 2022 و8 يناير/كانون الثاني 2023، ذكر أكثر من نصف البالغين (53%) أنهم قلقون للغاية حول قدرتهم على تأمين الدفء لمنازلهم هذا الشتاء، وأفاد نصف البالغين بأنهم ليسوا متأكدين إلى حد ما من أوضاعهم في المستقبل بسبب الظروف التي يعيشونها حالياً.
ويشير مكتب الإحصاءات الوطنية إلى أنّ 65 في المائة من البالغين في بريطانيا باتوا ينفقون مبالغ أقل على المواد غير الأساسية بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة، وأفاد 4 من كل 10 بالغين بأنهم ينفقون بشكل أقل على شراء المواد الغذائية والضروريات، وقال 6 من كل 10 بالغين إنهم باتوا يستخدمون كميات وقود أقل للتدفئة في منازلهم، وكانت الأسباب الأكثر شيوعًا التي تحدثوا عنها، هي ارتفاع أسعار التسوق الغذائي (95%) وارتفاع كلفة فواتير الغاز أو الكهرباء (77%) والوقود (48%).

قضايا وناس
التحديثات الحية

وبعد أن كشف بحث جديد لـ "استشارات المواطنين" تناول الأشخاص الذين كانوا لا يزالون يستخدمون "عدّاد الدفع المسبق" للكهرباء والغاز، وعجزوا عن زيادة الرصيد عند نفاده، قال المستشار جيريمي هانت، إنه اعتباراً من الأول من يوليو/ تموز ستنتهي "عقوبة عدادات الدفع المسبق"، مما سيؤدي إلى خفض فواتير أكثر من أربعة ملايين أسرة. 
وكان هناك أكثر من مليوني شخص انقطعت الطاقة عنهم مرة واحدة على الأقل شهرياً، بينما انقطعت أكثر من مرّة شهرياً عن 19 في المائة من عملاء عدّاد الدفع المسبق خلال العام الماضي، ليمضي هؤلاء 24 ساعة على الأقل من دون غاز أو كهرباء، ويحرمون من تشغيل التدفئة، أو طهي وجبة ساخنة.

المساهمون