كيف يمكن تقدير إنتاجية الأنهار حول العالم؟

06 ابريل 2023
نهر ميكونغ ينبع من مرتفعات التيبت ويمتد لمسافة 2700 ميل (Getty)
+ الخط -

على الرغم من أن الأنهار حول العالم تتميز بأهميتها البيئية والاقتصادية، إلا أن تقدير القيمة المالية أو النقدية لها لا يزال محط تجاذب، حتى أنه في الكثير من الأحيان يتم احتسابها بطريقة خاطئة.

وعادة ما يقوم الخبراء بتقييم الأنهار من خلال التركيز على ما تحتويه من ثروة سمكية، دون الأخذ بالاعتبار أن العديد من المشاريع التي تقام على الأنهار قد  تؤثر سلباً على قيمته المالية، ولذا طالب العلم البيئي ستيفان لوفغرين، المشرف على مشروع "عجائب نهر ميكونغ"، الذي تموله الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في جامعة نيفادا، بضرورة توسيع مفاهيم تقييم الأنهار، متخذاً من نهر "ميكونغ"، الذي ينبع من مرتفعات التيبت ويمتد لمسافة 2700 ميل (حوالي 4350 كيلومتراً) عبر ست دول قبل أن يصب في بحر الصين الجنوبي، نموذجاً لدراسته

الصورة
نهر ميكونغ (Getty)
نهر ميكونغ (Getty)

كيف يتم احتساب قيمة الأنهار؟

تقوم حسابات لوفغرين بحسب ما نقلته صحيفة "ّذي كونفرزيشن" على أساس اعتماد تقييم إنتاجية الأنهار بعيداً عن فكرة ما تحتويه من ثروة سمكية، واحتساب مجموعة من العوامل المؤثرة، وتتلخص في ما يلي:

  •   أولاً: اعتماد نظرية رأس المال الطبيعي

 تقوم هذه النظرية على أساس دراسة جميع العوامل الطبيعية التي تؤثر على قيمة النهر، سواء أكانت مواد خام، فيضانات، أم جفاف.

بمعنى آخر، يحث لوفغرين المسؤولين في الدول على ضرورة احتساب رأس المال الطبيعي للأنهار من خلال مراقبة تأثيرات الفيضانات، أو الجفاف، أي العوامل الطبيعية التي تطرأ على شكل  النهر، وبالتالي تؤثر على قيمته المالية، إذ إن الفيضانات أو الجفاف لها تأثيرات سلبية عند تقييم الأنهار.
الصورة
نهر ميكونغ (Getty)
نهر ميكونغ يمتد عبر 6 دول قبل أن يصب في بحر الصين الجنوبي (Getty)
 وقد بدأت بعض الدول، على غرار ما أعلنته الحكومة الأميركية هذا العام، بتطبيق استراتيجية جديدة لتطوير مقاييس حساب قيمة الأصول الطبيعية الأساسية، من خلال مراقبة العوامل الطبيعية المحيطة بالأنهار. 
  • ثانياً: دراسة تأثيرات توليد الطاقة الكهرومائية

عادة ما يتم استغلال الأنهار من أجل توليد الطاقة، ولكن غالباً لا تتم دراسة الأضرار الحاصلة جراء بناء محطات توليد الطاقة هذه.

وتشير دراسات عديدة إلى أن توليد الطاقة الكهرومائية له تأثيرات سلبية على الثروة السمكية والرواسب التي تصبح في ما بعد أرضاً زراعية خصبة.
وأظهرت دراسة يقوم بها مركز "ميكونغ دام مونيتور" غير الربحي المتخصص بمراقبة نهر "ميكونغ"، أن بناء السدود في حوض ميكونغ لتوليد الطاقة أدى إلى حصول تغيير في تدفقات الأنهار ومنع هجرة الأسماك.

الصورة
نهر ميكونغ (Getty)
بناء السدود على نهر ميكونغ أثر على هجرة الأسماك (Getty)
أضف إلى ذلك، يؤدي بناء السدود من أجل توليد الطاقة الكهرومائية إلى إمكانية التسبب في جفاف الأنهار، فقد تبين ارتفاع حالات الجفاف في نهر ميكونغ بسبب بناء المحطات الكهرومائية.
وأيضاً، يؤدي بناء المحطات لتوليد الكهرباء على الأنهار إلى حصول تغييرات في البيئة المحيطة بالنهر، من خلال إجبار العديد من الصيادين على التخلي عن مهنتهم بسبب نفوق الأسماك. 
  • ثالثاً: أهمية الثروة السمكية

تشير الدراسة التي قام بها لوفغرين إلى أن الأنهار ليست مجرد مكان وفير لتكوين مصائد للأسماك وحسب، بل هي أيضاً موطن للعديد من الأسماك النادرة، والتي قد تتأثر بسبب المشاريع الاقتصادية والتجارية التي تقام على الأنهار، وبالتالي عند تقييم الأنهار لا بد من دراسة أنواع الأسماك التي تحتويها وطبيعتها وما مدى وفرتها أو ندرتها.
الصورة
نهر ميكونغ (Getty)
انخفضت قدرة نهر ميكونغ على نقل الرواسب إلى أكثر من 110 ملايين طن (Getty)
في هذا الإطار، يلفت زيب هوجان، عالم الأحياء في جامعة نيفادا، وقد شارك في الدراسة، إلى أن العديد من الأنهار تعد موطناً لبعض أندر أنواع الأسماك في العالم، على غرار أسماك "الراي اللساع"، "السلور" وغيرها الكثير.
  • رابعاً: تأثيرات بناء السدود

عادة ما يتم بناء السدود لأهداف اقتصادية، لكن لبناء السدود تأثيرات سلبية على قيمة النهر الفعلية. يقول رافايل شميت، العالم البيئي في جامعة ستانفورد: "تسببت السدود على نهر ميكونغ في ضعف قدرة النهر على القيام بإحدى وظائفه الطبيعية، والقائمة على أساس نقل الرواسب لتشكيل أراض زراعية".
وتشير الدراسات إلى أن نهر ميكونغ وفي حالته الطبيعية، ينقل 160 مليون طن من الرواسب كل عام، ولكن بسبب بناء السدود، فقد انخفضت قدرة النهر على نقل الرواسب إلى أكثر من 110 ملايين طن، وهو ما يتسبب في خسارة النهر قيمته المالية. 

 

  •  خامساً: الأبعاد الثقافية

الأنهار ليست فقط مكاناً بيئياً أو مصدراً متجدداً، بل هي أيضاً من الأماكن التراثية والاجتماعية، ولذا يسعى خبراء الطبيعة إلى  التركيز على أهمية الأنهار من الناحية الثقافية والاجتماعية، من خلال حث المنظمات الدولية، على غرار "اليونيسكو"، لاعتماد بعض الأنهار كمواقع تراثية، ما يساعد في رفع قيمتها المالية.