غابت بهجة العيد هذا العام عن أغلب بيوت السوريين وشوارعهم في مناطق سيطرة النظام بسبب الفقر والأوضاع الاقتصادية المزرية والخدمات السيئة، التي تقدمها حكومة النظام، وعلى رأسها الكهرباء التي استمرت في الانقطاع معظم ساعات اليوم، وخاصة في محيط العاصمة دمشق.
واقتصرت معظم مظاهر العيد على زيارة من بقي من الأقارب في المحيط القريب والاتصال بالموجودين منهم خارج سورية، وفق ما تقول "ليلى"، التي تقطن في يبرود بريف دمشق، حيث انتظرت ساعات قدوم الكهرباء للاتصال بأقاربها الذين غادروا سورية، ولم يكن الاتصال سهلاً، بسبب سوء شبكة التغطية وضعف الإنترنت.
تقول "ليلى" إنها لم تستطع إرسال أولادها للعب في مدينة الملاهي، ولم تُعدّ لهم الحلوى أيضاً، وتضيف أن "العيد لم يعد للجميع في سورية، فهو بات للأغنياء"، فليلى حالياً تهتم بأن يكون أولادها بخير، وتبقى كلمة "كل عام وأنت بخير" تغنيها عن بقية المظاهر.
وتغيب الكهرباء لساعات طويلة عن معظم مناطق ريف دمشق وأحياء في دمشق العاصمة، وعندما تأتي تترافق مع أعطال تسبب انقطاعها عن أجزاء كثيرة من المناطق، وتبقى مزاعم النظام دائماً أن السبب عدم إعادة إعمار ما دمرته الحرب، والسرقات والاعتداء على الشبكات.
ويؤكد "سليمان" من حرستا، الغوطة الشرقية، أن واقع الكهرباء لم يتغير في العيد عن سابقه، حيث تعيش المنازل في الظلام الدامس مع غروب الشمس، ويضيف سليمان أن البهجة في أول أيام العيد كانت محدودة، حيث لم يكن هناك مظاهر كما في السابق، الأولاد لا يملأون الشوارع، وليس هناك مدن ملاهٍ مليئة بالأطفال.
وأوضح أن من بقي من الأطفال في معظم الغوطة الشرقية يلهون على أراجيح قديمة يؤجرها عاملون في المنطقة بأسعار زهيدة، إضافة إلى أن عمّال التحميل وبعض الفلاحين يستخدمون البغال والأحصنة في هذا التوقيت كلعبة للأطفال مقابل أجور زهيدة أيضاً.
ويُذكر أن معظم مدن الغوطة الشرقية تعرّض للدمار بسبب قصف النظام السوري قبل تهجير جلّ السكان بعملية عسكرية دعمتها القوات الروسية في نيسان عام 2018.
على الجانب الآخر، في العاصمة السورية يعيش أناس في عالم آخر، ويقول "سالم" الذي كان قادماً من ضاحية قدسيا إلى دمشق إنه رأى في طريقه مظاهر بذخ وترف، فالمطاعم في منطقة الربوة، على نهر بردى، كانت مليئة بالرواد، وكأن هناك عالماً آخر غير العالم الذي يعيشه سائر السوريين.
وأضاف سالم أن الطريق كان مضاءً بالأنوار، وأصوات الموسيقى والأغاني مرتفعة، والأجواء جميلة، وحين وصل إلى منطقة الجزماتية كانت الأسواق مُنارة بالكهرباء وتعجّ بالناس الذين يشترون الحلوى ويسيرون بين المتاجر، مؤكداً أن هناك عالمين في سورية، والفرق واضح بينهما، في ظل الأزمة الاقتصادية.
وتعيش مناطق النظام السوري عموماً أزمة اقتصادية خانقة منذ سنوات، وتترافق مع أزمات على مختلف الأصعدة، وخاصة المحروقات والمواد الرئيسية، مثل القمح والطحين والسكر.
وتتغاضى وسائل إعلام النظام السوري دائماً عن السبب الحقيقي وراء الأزمات الاقتصادية في البلاد، وهو تجيير النظام موارده كافة لدعم الحرب ضد المعارضة والثورة السورية، إذ إن حرب النظام أدت إلى التضخم وانحدار قيمة الليرة السورية وفرض الحصار الاقتصادي عليه من الولايات المتحدة ودول أوروبية وعربية.