بدأ أساتذة وموظفو الجامعات البريطانية في 14 فبراير/ شباط الجاري إضراباً للمطالبة بخفض معاشات التقاعد، وتدهور الأجور وظروف العمل.
وكان مسؤولو جامعات قد اقترحوا خفض 35 في المائة من أموال التقاعد، في إجراء قد يعتمد رسمياً في مطلع الأسبوع المقبل، وأصروا على عدم التراجع عن الاقتراح، أو قبول أخرى للتسوية قدمها اتحاد الجامعات والكليات، ما حتم إعلان أساتذة محاضرين وموظفين الإضراب عن التعليم على مدى ثلاثة أسابيع.
وشمل الأسبوع الأول من الإضراب أساتذة وموظفي 44 مؤسسة اعترضوا على نظام معاشات الجامعات لمدة خمسة أيام، انتهت أمس الجمعة، في حين سيشمل الأسبوع الثاني من الإضراب أساتذة وموظفي 68 مؤسسة يحتجون على معاشات التقاعد والأجور وظروف العمل، في تحرك مقرر يومي الإثنين والثلاثاء المقبلين. أما الأسبوع الثالث فسيشهد احتجاج أساتذة وموظفي 63 مؤسسة على أجور وظروف العمل لمدة ثلاثة أيام، بدءاً من 28 فبراير/ شباط الجاري إلى الأربعاء 2 مارس/ آذار المقبل.
وسيتزامن اليوم الأخير من الإضراب مع آخر ينفذه الاتحاد الوطني للطلاب للمطالبة بدعم الحركة الصناعية لاتحاد الجامعات والكليات، وتحسين ظروف العمل والأجور ومعاشات تقاعد الموظفين أيضاً.
ونشب الخلاف بالدرجة الأولى بسبب خفض الأجور بنسبة 20 في المائة على مدار الأعوام الـ12 الماضية، وزيادة أعباء العمل بشكل لا يمكن السيطرة عليه، وعدم اعتماد المساواة في الأجور، وانتشار عقود العمل الاستغلالية وغير الآمنة في قطاع التعليم العالي، علماً أنه يتوقع أن يغادر أكثر من 50 ألف شخص وظائفهم في القطاع، ما يؤثر على أكثر من مليون طالب.
وفي إطار محاولات حل النزاع، طالب اتحاد الجامعات والكليات أرباب العمل بإلغاء خفض معاشات الموظفين، والموافقة على اقتراحات التسوية، وزيادة مبلغ 2500 جنيه إسترليني (3400 دولار أميركي)، على المرتب السنوي لجميع الموظفين.
ويعلّق الدكتور في جامعة "سيتي" مازن المصري بالقول لـ"العربي الجديد": "تستهدف مطالب الإضراب موضوعي التقاعد والأجور. وبالنسبة إلى التقاعد يستمر النزاع الموجود منذ سنوات والذي زادت حدته اليوم. فحين أجرى صندوق التقاعد تقييماً لقيمة الأصول والالتزامات المستقبلية في 31 مارس/ آذار 2021 كانت بورصات العالم منهارة، لكن أرقامه اعتمدت للقول إن هناك عجزاً ضخماً، فتقرر رفع نسبة مساهمة الموظفين في صندوق التقاعد مقابل تقليص نسبة الفائدة التي يحصلون عليها من معاش التقاعد، ما يؤثر بشكل كبير على الموظفين، ويعني خسارتهم مبالغ كبيرة خلال فترة التقاعد".
يضيف: "في شأن الأجور، حصل الأساتذة وموظفو الجامعات خلال العام الماضي، رغم ازدياد ضغوط العمل بسبب كوفيد- 19 والتضخم المالي، على زيادة مقدارها 1.5 في المائة، أي أقل من نسبة التضخم. كما ظلت الأمور السابقة العالقة على حالها، ومنها فجوة الأجور التي تختلف بناء على الجنس والعرق، فمعدل أجور النساء أقل بنسبة 17 في المائة من الرجال، ويقبض الموظفون البيض رواتب أعلى بـ18 في المائة من نظرائهم الذين يتحدرون من أعراق أخرى".
ويلفت المصري إلى أن "طلاباً كُثراً يتعرضون لتشويش في شأن الإضرابات، لكن معظمهم يدعمون مطالبنا حتى الآن".
من جهته، يقول الدكتور في جامعة "إيست لندن" رواد حماد لـ"العربي الجديد": "زاد كوفيد- 19 تدهور بيئة العمل، لأن الناس بدأوا في العمل من المنازل، وباتوا لا يفصلون بين وقت العمل ووقت الفراغ. وأصبح البعض منهم يعملون ساعات أكثر وهم محاطون بأولادهم، ما جعل كثيرين منهم يعانون من ضغوط نفسية. وفي المقابل، تجاهل مسؤولو الجامعات هذا الأمر، وألقوا اللوم على الحكومة. ثم زادت الطين بلة إقالة الجامعات موظفين إداريين كثيرين وتكليف الأكاديميين القيام بمهماتهم من أجل تقليص النفقات".
يضيف: "يخشى الأكاديميون خصوصاً من اتساع الفجوة إلى درجة كبيرة بين أجور الإداريين ورئيس الجامعة الذي قد يبلغ مرتبه السنوي نحو 400 ألف جنيه إسترليني (544.000 دولار)، في مقابل تقاضي الأستاذ المحاضر 40 ألف جنيه (54.000 دولار) فقط، لذا يتخلى أكاديميون عن وظائفهم ويتوجهون إلى مراكز إدارية للحصول على مرتبات أعلى".
إلى ذلك، ترى الطالبة الجامعية تامسين (21 عاماً)، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أنه رغم أن سبب إضراب الأساتذة المحاضرين والموظفين واضح، لكنها تشعر بأن طلاباً كُثراً يعانون من عواقب المشاكل القائمة، وتقول: "هذه السنة الأولى للعودة إلى المحاضرات الوجاهية في الحرم الجامعي، لكن الإضراب أوجد عراقيل جديدة لنا، فهو يصعّب تلقينا الحدّ الأدنى من ردود المحاضرين على استفساراتنا حول البحوث، وهذا أمر مرهق للغاية. وأنا لا أشعر بالتالي بأنني حظيت بدراسة عادلة خلال فترة وجودي في الجامعة".
أمّا الطالب الجامعي أوشان (21 عاماً)، فيقول لـ"العربي الجديد": "أنا مستاء للغاية لأنني فقدت الكثير مما كان يمكن أن أتعلمه عن قرب خلال فترة كوفيد- 19، لكنني أتفهم أيضاً مطالب أساتذتنا وأدعمها، وأرى أن مسؤولية حرمان المحاضرين من الحصول على الرواتب التي يستحقونها تقع على عاتق الأشخاص الموجودين في القمة، ويتمتعون بسلطات أعلى".