لا يقل عن ذلك أهمية حقيقة أن الأنظمة التي تسببت بالنكبة الثانية لم تتغير فقط، ولكنها غيرت القضية الفلسطينية المركزية للعرب؛ حسب التعبير البليغ للشهيد غسان كنفاني، إذ جرى تقزيم واختزال فلسطين التاريخية في حدود حزيران؛ الضفة الغربية وغزّة
أدى كل من تفكك الاتحاد السوفييتي وتوقيع اتفاق أوسلو إلى تشويش رؤية حركات التضامن والمناصرة الدولية، إذ غاب حليف النضال التحرري الفلسطيني على المستوى الدولي أولا، وحول اتفاق أوسلو الصراع مع الاحتلال من صراع وجودي وأخلاقي إلى صراع حدودي
هذا التحول الجذري في موقف الاتحاد السوفييتي، الذي كان يقود المعسكر الاشتراكي في مواجهة الإمبريالية الغربية، كان له بالغ الأثر على معادلة الصراع العربي- الإسرائيلي، وخدم بالتأكيد حركات التحرر الوطني الفلسطيني في نضالها ضد الصهيونية والإمبريالية
ربّما يمكن الزعم باستمرار تداعيات هزيمة 67، فلسطينيًّا وعربيًّا وإقليميًّا، مع غياب البدائل العربيّة في مواجهة إسرائيل وتصاعد دورها الإقليميّ "شبه المهيمن"؛ إذ أدّى تحكّم الولايات المتّحدة في عملية التّسوية إلى إدماج حليفها الإسرائيلي في نسيج المنطقة
نَمت الجريمة المنظّمة العربيّة في ظلّ الواقع الاستعماريّ الإسرائيليّ، وازدهرت خلال السّنوات الأخيرة كثيرًا، وخلقت سوقًا بالمليارات، يغسل أمواله في مصالحٍ تجاريّةٍ محليّةٍ في الدّاخل، وأيضًا في الخارج مثل تركيا والإمارات
إنّ كلّ عمليّةٍ عسكريّةٍ، أيّا كان حجمها ومداها الزمنيّ والمكانيّ، لن تؤدي إلى حلٍّ جذريٍّ يضمن الأمن والأمان والهدوء لإسرائيل لفترةٍ طويلةٍ. وهذا ما لا تدركه القيادات السياسيّة والعسكريّة في إسرائيل، أو تتغاضى عنه كلّيّةً
مع تطور دراسات التاريخ الشفوي وتنوع مصادره وتطور آليات ضبطه، تحول من مجرد سرديات وروايات فلسطينيّة في مواجهة المحو الصهيونيّ الممنهج، إلى نشاط يمكن الاستفادة منه قانونيّاً في استرجاع الحقوق الفلسطينيّة.