هل تتجدد العراقيل مع بدء الاستعدادات للانتخابات في ليبيا؟

10 ابريل 2018
المفوضية تستعد فنياً للبدء في العملية الانتخابية(محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -

منذ الإعلان عن بدء التسجيل في منظومة الانتخابات الليبية تزايدت الأسئلة حول المسار الجديد، الذي أطلقته البعثة الأممية ضمن خطتها للذهاب إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية كحل لإنهاء الانقسام السياسي والأمني في البلاد.

وأعلنت المفوضية العليا للانتخابات أنّ عدد المسجلين في السجل بلغ (2,434,654 ناخبا وناخبة)، أي ما نسبته (53.26 في المائة) من الليبيين المؤهلين للمشاركة في العمليات الانتخابية المقبلة، لافتةً إلى أنّها النسبة المتعارف عليها دولياً لإضفاء معيار المصداقية على أية عملية انتخابية.

ويأتي هذا الاعلان بعد إقفال باب التسجيل أمام الناخبين والراغبين في تحديث سجلاتهم الانتخابية من المترشحين السابقين، ليبدو أن هذا الإعلان نهائي، وبالتالي استعداد المفوضية فنياً للبدء في العملية الانتخابية متى ما صدرت الأوامر إليها.

وتزايدت الأسئلة حول المسار الجديد، الذي أطلقته البعثة الأممية ومن بينها من الجهة التي تصدر الأوامر لمفوضية الانتخابات، وتشرف عليها، إذ أنّ مؤسسات الدولة العليا منقسمة على نفسها، فمجلس النواب الجهة التشريعية، ومجلس الدولة الجهة الاستشارية، بل حتى الحكومة التي تحمل مسمى حكومة الوفاق تعد جميعها أطرافاً متخاصمة.

وتتوازى هذه الأسئلة مع دخول قضية مسودة الدستور والاستفتاء عليها على خط مسار الانتخابات، إذ أثارت هي الأخرى تساؤلات حول انطلاق الانتخابات فهل ستكون على أساس الدستور الدائم بعد الاستفتاء عليه، أم انتخابات جديدة لإفراز أجسام سياسية جديدة ضمن مرحلة انتقالية أخرى. والأكثر جدلاً حول إمكانية استمرار العرقلة الأولى والثابتة أمام أي توافق سابق ممثل في منصب اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

وفي هذا الإطار، يقول المحلل السياسي الليبي، جمعة بوسعدة، إنّ "خيار الانتخابات وضع ليكون بديلاً عن مسار تعديل الاتفاق السياسي مما يعني الاستغناء عن الاتفاق، وإعلان فشله ضمنياً"، لافتاً إلى أنّ "الخطة الأممية كانت ناجحة وفي طريقها للتنفيذ إلى حين إبراز مسألة الاستفتاء على الدستور لتتوقف عجلة السير نحو هذا المسار".

ويرى بوسعدة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ معارضي التوافق السياسي والراغبين في دعم مسار الحسم العسكري بقيادة حفتر "كمن جاء بالحبل ليشنق نفسه"، لافتاً إلى أن "من أبرز مسألة الاستفتاء على الدستور ودافع عن قانونية التصويت عليه وتحويله إلى مجلس النواب، هم الموالون لحفتر، بهدف عرقلة مسار الانتخابات لمعرفتهم بأن المسودة الحالية تعتريها عيوب كثيرة، وبالتالي سترفض من قبل الشعب، وتتاح مدد زمنية أخرى لحفتر وحلفائه"، مؤكّداً أنّ "الخطوة جاءت بالنقيض".

ويضيف المحلل عينه أنّ "عيب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية أنه يستلزم الفصل في السلطات بينهما، وهو ما لا يتأتى إلا بدستور واضح النصوص مما يعني ضرورة الاستفتاء على الدستور ليكون أساس للانتخابات"، مشيراً إلى أنّ "خيارات أخرى مطروحة مثل الاقتصار على الانتخابات البرلمانية وتأجيل الرئاسية لإفراز حكومة جديدة، لكنه خيار لا يخدم مصالح حفتر وحلفائه".

ويؤكّد أنّ مسار الانتخابات "سيصطدم بلا شك بالعراقيل السابقة في الاتفاق السياسي، وذلك من قبل حلفاء حفتر مما يعني استمرار التعنت والانقسام السياسي".

وتوافق الناشطة السياسية والحقوقية الليبية، نعيمة الجدال، على أن حلفاء حفتر في مجلس النواب هم من كانوا وراء إثارة قضية الاستفتاء على الدستور لعرقلة الانتخابات، لكنها تذهب بعيداً بالحديث عن عراقيل التسويات السياسية في كل مساراتها، مؤكدةً أنّ العرقلة الثابتة في جهود السلام تنتهي عن منصب حفتر.

وتضيف الجدال، لـ"العربي الجديد"، "هناك شخصيات متنفذة في كل أجسام الدولة تقف عقبة أمام أي جهود لأي تسوية بحثاً عن مصالحها الشخصية أو الجهوية أو الحزبية، وعلى سبيل المثال عبد الرحمن السويحلي عندما كان رئيساً للمجلس الأعلى".

لكنها تستدرك قائلة "الآن يوجد بوادر أمل بوصول شخصية سياسية أكثر مرونة إلى رئاسة مجلس الدولة ممثلة في خالد المشري، الذي شارك في مفاوضات السلام السنين الماضية، لكن المجلس لا يزال في داخله تياراً يتخذ موقفاً معرقلاً بالتأكيد على ضرورة تعديل الاتفاق السياسي".

وتلفت إلى أنّ "قضية استمرار التعنت والجمود مرتبطة بشخصيات متنفذة في المشهد السياسي والأمني عند كلا الطرفين، لا تريد ترك مناصبها وكراسيها".

وتضيف "الأمر عينه في حكومة الوفاق، إذ رأينا رئيسه فايز السراج يسعى للتقارب مع حفتر من أجل البقاء في المشهد"، مشددة على ضرورة "تغيير الوجوه الحالية سواء في مسار تعديل الاتفاق السياسي أو الانتخابات، على غرار ما حدث في مجلس الدولة".

وتوضح الناشطة السياسية والحقوقية، أنّ "بروز وجوه سياسية جديدة قد تشكل ضغطاً على حفتر، المعرقل الأول لأي تسوية سياسية لتغيير مواقفه".

وتجدد التأكيد على أنّ "العراقيل الموجودة في المشهد منذ سنين، تنتهي عند نقطة واحدة يتفق عليها الجميع، وهي منصب حفتر"، مبينةً أنّ "الخلافات لا تدور حول أي مسار من التوافق يتوجب أن يتجه إليه الليبيون".

وترى أن "إنهاء مسألة وجود حفتر أو تسويتها بأي طريقة ستفتح المجال للتوافق عبر أي مسار سواء عبر الاتفاق السياسي أو الانتخابات أو غيرها من المسارات".

المساهمون