جنوب السودان: هل يسبق اتفاق السلام الوصاية الدولية؟

21 نوفمبر 2014
من المتوقع عرض صيغة الاتفاق نهاية الشهر (ميناسي وونديمو/الأناضول)
+ الخط -

باشرت دولة جنوب السودان، بمساعدة بعض دول الجوار، خطوات فعلية لإبعاد شبح الوصاية الدولية عنها، والذي بات قاب قوسين أو أدنى، بعد فشل الهيئة الحكومية للتنمية في دول شرق أفريقيا "الإيغاد"، من إقناع فريقي الرئيس سلفاكير ميارديت ونائبه رياك مشار، بالتوصل لاتفاق سلام، ينهي الحرب الأهلية بينهما.

وشهدت العاصمة الأوغندية، كمبالا، يوم الأحد، اجتماعاً نادراً بين وفد حكومي من دولة جنوب السودان برئاسة سلفاكير، ومجموعة "المعتقلين العشرة" بقيادة الأمين العام المُقال لـ "الحركة الشعبية" باقان أموم، بمبادرة من الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، بهدف تجاوز الخلافات بين الطرفين والوصول لأرضية تسهم في إحلال السلام.

وتعتبر هذه الخطوة الأولى من نوعها، التي يجتمع فيها سلفاكير، على رأس وفد كبير من حكومته وأعضاء المكتب القيادي لحركته، مع مجموعة "المعتقلين العشرة"، الذين سبق أن اتهمهم بتدبير محاولة انقلابية لإسقاطه بالتعاون مع مشار. وكان سلفاكير أودع المجموعة السجن لنحو ثلاثة أشهر، قبل إطلاق سراحهم، بعد ضغوط إقليمية ودولية، لتنتقل المجموعة من جوبا وتستقر في العاصمة الكينية نيروبي.

ووصل سلفاكير إلى كمبالا بصحبة 15 عضواً من أعضاء حكومته وقيادات الحركة، ومن بينهم وزير الخارجية برنابا بنيامين، ووزير الدفاع كوال ميانق، ووزير الإعلام مايكل مكواي، إلى جانب رئيس وفد الحكومة المفاوض نيال دينق نيال. وعُقدت جلسة مشتركة عرفت "بجلسة المكاشفة "، التي تحدّث فيها كل طرف بصراحة مطلقة، ليتجاوزا آخر الخلافات التي نشبت بينهما قبيل اندلاع الحرب الأهلية، والمتعلقة بتفاصيل لوائح ودستور الحزب الحاكم، والاتفاق على وضع مصلحة الجنوب كأولوية في هذه المرحلة.

وعلمت "العربي الجديد" أن "الاجتماع جاء بسبب خشية كمبالا من التحركات الدولية، الرامية إلى وضع الجنوب تحت الوصاية الدولية. الأمر الذي يهدد مصالح أوغندا". وذكرت مصادر مطّلعة أن "موسفيني تحدث بلهجة قوية، خلال اللقاء، داعياً كل الأطراف للإسراع في تجاوز الخلافات، وإيجاد حلول فورية للأزمة الجنوبية، للحدّ من التدخّل الأجنبي في الشأن الجنوبي". وكلّف المجتمعون "مجموعة المعتقلين"، بإعداد تصور كامل وشامل لإنهاء الحرب في الجنوب، بناءً على محادثات أديس أبابا بين النظام في جوبا والمعارضة المسلّحة بقيادة مشار.

وأكدت المصادر أنه "تمّ منح المجموعة ثلاثة أيام لإنجاز التصوّر وهو ما تمّ بالفعل، وسُلّم التصوّر، أمس الأربعاء، لموسفيني، الذي سيطرحه على سلفاكير، ويدفع به خلال جلسات التفاوض المزمعة بنهاية الشهر الجاري في أديس أبابا، لتُشكّل أساساً لإتفاق السلام". والتزم الرئيس الجنوبي، في تنفيذ الاتفاق، "طالما سيحقق السلام والوحدة في البلاد"، على حدّ تعبيره.

ويرى مراقبون في الخطوة، محاولة لقطع الطريق أمام تدويل قضية جنوب السودان بشكل أكبر، ووضع البلاد تحت الوصاية الدولية. ما قد يُشكّل ضربة موجعة، لنضال "الحركة الشعبية" التي حاربت السودان، لنحو ربع قرن، من أجل نيل استقلالها، قبل أن تُفاجأ بمن يأتي ليرميها في أحضان الاستعمار الحديث.

ويسود الاعتقاد بأن المجموعة التي تُشكّل القيادات التاريخية للحركة الشعبية، تملك رصيداً كبيراً من الخبرة التراكمية، في عمليات التفاوض، بعد مفاوضاتها مع الحكومة السودانية، التي توصّلت معها لاتفاق سلام، أنهى 21 عاماً من الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب.

ويراهن البعض على إمكانية نجاح هذه المجموعة، في إعداد اتفاقية سلام، تجد قبولاً من الحكومة والمعارضة، وتُنهي الحرب، التي سقط ضحيتها حتى الآن نحو الـ10 آلاف شخص، وأدت إلى نزوح نحو 1.5 مليون إنسان.

وأبدى المحلل السياسي، خالد عبد العزيز، في حديث لـ "العربي الجديد"، اعتقاده بأن "مجموعة المعتقلين، التي طرحت نفسها كطرف ثالث، تُعتبر من أكثر الأطراف قبولاً، باعتبارها مكوّنة من القيادات الكبيرة في الحركة. الأمر الذي يُمكّنها من تأدية دور في تقريب وجهات النظر، إلى جانب الاحترام الذي تتمتع به لدى الجيش الشعبي والمتمردين على حدّ سواء. إضافة إلى أنها الأقرب لواقع الأزمات في جنوب السودان، كما كان أعضاء المجموعة جزءا من دوائر اتخاذ القرار السياسي والعسكري والأمني هناك".

وشدد عبد العزيز على ضرورة أن "تكون لحركتهم مساندة دولية وإقليمية، حتى يُكتب لهم النجاح، على الرغم من توفر معطياته. وذلك بسبب تورّط أطراف إقليمية ودولية في الصراع على المستوى العسكري، ما يتطلب ضمانات وضغط دولي على تلك الأطراف، وأخرى لضمان تنفيذ ما يتم التوصل إليه من نتائج".