صلاحيات وزعامة بين أردوغان وداود أوغلو

27 أكتوبر 2014
يتساءل البعض عن دور داود أوغلو الحالي (فولكان فورونسو/الأناضول)
+ الخط -


تمحورت الحملة الانتخابية الرئاسية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حول تقوية دور رئاسة الجمهورية في الحياة السياسية، داخلياً وخارجياً، الأمر الذي حقّق له انتصاراً ساحقاً في الجولة الأولى من الانتخابات في 10 أغسطس/ آب الماضي، وبـ52 في المئة من الأصوات، الأمر الذي فاق أقوى انتصارات حزب "العدالة والتنمية" في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في العام 2011.

لكن ما حدث يوم الجمعة الماضي كان غريباً، فقد قامت معظم المحطات التركية التلفزيونية بقطع تغطيتها لخطبة رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو، الثرية بالمعلومات التاريخية والأكاديمية، وأيضاً المهمة من الناحية السياسية، حين كانت موجّهة للقيادات المحلية لـ"العدالة والتنمية"، والذين يشكّلون خزان الشخصيات التي ستترشح إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة، وذلك لصالح تغطية المؤتمر الصحافي الذي عقده أدروغان قبل زيارته لأستونيا.

لم تجد بعض المحطات حرجاً من قطع خطبة داوود أوغلو، دون أن ينهي حتى جملته، علماً بأنه قبل ستة أشهر، عندما كان أردوغان رئيساً للوزراء، لم يكن ليحدث أمر كهذا قط، فقد كانت هناك قواعد غير مُلزمة ومتعارف عليها، حين كان على الجميع تغطية خطاب رئيس الوزراء دون أن يتم قطعه مهما حصل، وذلك خوفاً من مكالمة من مكتب رئاسة الوزراء التي "ستسأل عن أسباب قطع البث، وهل هناك مشاكل؟".

لم تتوقف المعارضة عن إبداء اعتراضاتها القوية حول تفعيل دور رئيس الجمهورية على حساب رئاسة الوزراء، ومن ثم ليتم استخدام الأمر كوسيلة لإزعاج رئيس الوزراء الحالي أحمد داوود أوغلو، كلما سنحت الفرصة.

وطالبته الاخيرة بإثبات أنه "فعلاً رئيس الوزراء، أي القائد الفعلي للبلاد"، وكان آخرها تصريحات زعيم حزب "الشعب الجمهوري"، أكبر أحزاب المعارضة، كمال كلجدار أوغلو، قبل بدء خطبة داوود أوغلو، حين قال: "إن داود أوغلو يحمل الطبل، لكن أردوغان هو مَن يحمل العصا ويقرع"، في إشارة إلى مثل تركي يصف مَن "لا يمتلك قراره".

وكان كلجدار أوغلو، قد أكد بان "أردوغان هو مَن يعطي الأوامر للوزراء والبيروقراطيين، ويتجاوز داود أوغلو"، وأشار إلى أنه "يوجد بعض الوزراء من يقومون بتقديم تقاريرهم مباشرة إلى أردوغان من دون المرور لرئاسة الوزراء".

يبدو بأن "الخوجا"، أي المعلم، وهو لقب داود أوغلو في الحزب، أذكى من أن يدخل في صراع مع الزعيم وصاحب السطوة الأكبر، سواء في الحزب أو في الدولة، خصوصاً بعدما بدأت تتّضح معالم تقاسم الأدوار بين الشخصيتين، بعد شهرين من الانتخابات الرئاسية، إذ تتسلّم رئاسة الوزراء الشؤون الداخلية، بينما تحاول رئاسة الجمهورية سحب شؤون السياسة الخارجية لصالحها، مع إبقاء دور فعال لها في ما يخص القضايا المصيرية، كعملية السلام مع حزب "العمال" الكردستاني.

ويبقى السؤال الأهم، مَن سيضع قائمة مرشحي العدالة والتنمية للانتخابات البرلمانية الأهم في حزيران/ يونيو من العام 2015، والمرشح أن يتم تقديمها إلى نيسان/ إبريل المقبل، بكل ما تحمله هذه الانتخابات من أهمية في ما يخص حلم أردوغان الأكبر وهو تغيير الدستور، علماً بأن الدستور الحالي يفرض على رئيس الجمهورية أن لا يكون متحزباً.