التعديل الحكومي بمصر: محرر عسكري للإعلام والإبقاء على "وزراء الفشل"

22 ديسمبر 2019
التعديلات لم تُحدث تغييراً حقيقياً في أداء الحكومة(Getty)
+ الخط -
لم يلبِّ التعديل الوزاري الذي طال انتظاره في مصر تطلعات الجماهير إلى إحداث تغيير حقيقي في أداء الحكومة، إذ أبقى على جميع الوزراء المتهمين بـ"الفشل" في إدارة حقائبهم، ولا سيما الخدمية، وفي مقدمتهم وزيرة الصحة، هالة زايد، ووزير التربية والتعليم، طارق شوقي، ووزير التموين والتجارة الداخلية، علي المصيلحي، ووزير الأوقاف، محمد مختار جمعة.

وأدت الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، برئاسة مصطفى مدبولي، اليوم الأحد، متضمنة تعديلات محدودة، منها استحداث وزارة للدولة لشؤون الإعلام، ودمج وزارتي الآثار والسياحة، ونقل وزيرة السياحة لتشغل منصب وزيرة التعاون الدولي، وكذلك وزير الشؤون النيابية ليشغل منصب وزير العدل.

ولم يكن اختيار رئيس لجنة الثقافة والإعلام والآثار في مجلس النواب، أسامة هيكل، في منصب وزير الدولة لشؤون الإعلام، محض صدفة، بل جرى التحضير له كثيراً طوال الفترة الماضية، خصوصاً أن الأخير عضو فاعل في تمرير التشريعات المعروفة إعلامياً بـ"إعدام الصحافة"، التي استهدفت في المقام الأول "تقييد الحريات"، وسيطرة السلطة التنفيذية على وسائل الإعلام.

وهيكل يشغل منصب رئيس مجلس إدارة "الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي" منذ سبتمبر/ أيلول 2014، ولم يستقل من منصبه مع شغله عضوية مجلس النواب بحسب ما تقتضيه أحكام الدستور، التي تشترط تفرغ العضو لأعمال المجلس النيابية، بل زاد الطين بلة أنه شغل منصب رئيس لجنة الإعلام في البرلمان، بالمخالفة لأحكام قانون مجلس النواب في ما يخص مواد "تضارب المصالح".

وهيكل محرر عسكري في الأساس، واقتصر عمله لسنوات طويلة على تلقي البيانات العسكرية، ونشرها في جريدة "الوفد" الحزبية، حتى شغل رئاسة تحريرها، مستغلاً علاقاته مع الجيش في يناير/ كانون الثاني 2011، ومن ثم عُين وزيراً للإعلام في أثناء إدارة المجلس العسكري للفترة الانتقالية الأولى، ليشغل المنصب من 24 يوليو/ تموز 2011 وحتى 6 ديسمبر/ كانون الأول 2011.

ويتصادم قرار عودة وزارة الإعلام في التشكيل الوزاري الجديد مع مواد الدستور أرقام 211 و212 و213، وكذلك مع التشريعات المنظمة للصحافة والإعلام، ولوائحها الداخلية، التي اختصت الهيئات الإعلامية والصحافية بإدارة جميع شؤون الصحافة والإعلام، وهي هيئات مستقلة طبقاً للدستور، وبالتالي ليس من حق الوزير التدخل في عملها.

وأبقى التعديل الحكومي على وزيرة الصحة والسكان، هالة زايد، في منصبها، على الرغم من احتجاجات الأطباء والصيادلة المتواصلة ضدها، نتيجة فشلها في إدارة الملف العلاجي، فضلاً عن تزايد حدة الغضب لدى المواطنين جراء تردي الخدمات الصحية في مختلف المحافظات، وتحرك الوزارة في خطة بيع المستشفيات العامة، بالتزامن مع تطبيق قانون التأمين الصحي الشامل.

وأبقى التعديل على وزير التربية والتعليم، طارق شوقي، بحجة استكمال خطة تحديث المناهج والامتحانات، على الرغم من الهجوم المتواصل عليه من أولياء الأمور، وتنظيمهم العديد من الوقفات الاحتجاجية بسبب عدم وضوح النظام التعليمي الجديد، واستفحال ظاهرة تسريب امتحانات الثانوية العامة في عهده.

وأبقى كذلك على وزير التموين والتجارة الداخلية، علي المصيلحي، الذي كان على رأس المرشحين للإطاحة من التعديل، في ضوء أزمات وزارته المتلاحقة، واستمرار عمليات الحذف العشوائي للمواطنين من البطاقات التموينية، علاوة على تورط قيادات في وزارته بوقائع إهدار للمال العام، على غرار تورط ثلاثة من مستشاريه المقربين في واقعة رشوة.

واستمرّ أيضاً وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، في منصبه، وهو أقدم الوزراء الحاليين، والذي حظي بمنصبه في حكومة الانقلاب الأولى التي تشكلت برئاسة حازم الببلاوي في يوليو/تموز 2013، وتحولت الوزارة في عهده إلى بؤرة من الفساد، على وقع تورطه في وقائع فساد، منها على سبيل المثال لا الحصر قضية رشوة وزير الزراعة السابق صلاح هلال.

وتلقت النيابة الإدارية في مصر بلاغات عدة عن الفساد المالي لوزير الأوقاف، ومن بينها استغلال النفوذ في تجهيز شقة فاخرة مملوكة لجمعة بضاحية المنيل على نيل القاهرة بقيمة 772 ألف جنيه (46.320 دولاراً أميركياً) من أموال الوقف الإسلامي، علاوة على إرسال زوجته ونجله لأداء مناسك الحج على نفقة الوزارة الخاصة، في مخالفة صريحة للقانون.

دلالات
المساهمون