5 طرق ساعدت أوكرانيا على إبطاء تقدّم القوات الروسية حتى الآن

08 مارس 2022
آلية عسكرية روسية بعد استهدافها في أوكرانيا (سيرغي بوبوك/ فرانس برس)
+ الخط -

بعد قرابة أسبوعين من الغزو الروسي لبلادها، تمكنت القوات الأوكرانية من صدّ تقدم خصومها بمقاومة نالت استحسان الحلفاء الغربيين. ويقول محللون إن أداءها أمام جيش متفوق عددياً كان مدفوعاً بمزيج من الإعداد الجيد، والتضامن الوطني، والأخطاء الروسية. ومع ذلك، لا يزال المستقبل غير واضح، إذ أعلن الرئيس فلاديمير بوتين عدم وقوف شيء بينه وبين أهدافه.

وقال مصدر عسكري فرنسي كبير، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن الروس "لا يتقدمون بسرعة كبيرة"، بحيث سيتعين عليهم في مرحلة ما إعادة تنظيم صفوفهم، لكن ذلك "لن يعني الفشل".

وتبحث وكالة "فرانس برس" في خمس طرق تمكنت أوكرانيا من خلالها من وقف التقدم الروسي:

التحضير

عززت أوكرانيا، بمساعدة غربية، قواتها المسلحة تعزيزاً كبيراً بعد عام 2014، بعدما ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية في عملية خاطفة، واجتاح الانفصاليون الموالون لروسيا أجزاء من شرق البلاد. وفي عام 2016، بدأ حلف شمال الأطلسي (الناتو) وكييف برنامجاً تدريبياً للقوات الخاصة الأوكرانية، التي وصل عددها الآن إلى 2000 عنصر، وتمكنت من مساعدة المتطوعين المدنيين.

"قضى الأوكرانيون الأعوام الثمانية الماضية في التخطيط، والتدريب، وتجهيز أنفسهم لمقاومة الاحتلال الروسي"، تبعاً للأستاذ المساعد في جامعة جورج تاون دوغلاس لندن. وبعدما أدركت أوكرانيا أن الولايات المتحدة و"الناتو" لن يهبّا لإنقاذها، عمدت إلى تركيز استراتيجيتها على "استنزاف موسكو، لتصعيب نجاح الاحتلال"، وفقاً لما كتبه مسؤول وكالة الاستخبارات المركزية في مجلة "فورين أفيرز".

المعرفة المحلية

يبدو أن روسيا، التي تعتمد على معرفتها بالمنطقة أيام الحقبة السوفييتية، قد قلّلت من شأن وجود القوات الأوكرانية على أرضها. شمل ذلك معرفة التضاريس - في وقت يمكن أن تتحول فيه الطرق إلى طين - وقدرة السكان المحليين على حمل السلاح ضد الاحتلال. في سيناريو الحرب غير النظامية هذا، يمكن للقوات الأضعف أن تزيد من مزاياها ضد خصومها الأقوياء - "مزايا التضاريس والمعرفة المحلية والروابط الاجتماعية"، كما يقول سبنسر ميريديث، الأستاذ في كلية شؤون الأمن الدولي. وستتصاعد التحديات أكثر إذا وصل القتال إلى المدن، عندما تسعى روسيا إلى التغلغل داخل مدن مثل كييف. "سيغير هذا كل شيء. سيواجه الروس مشكلات في كل زاوية من زوايا الشوارع، بناء تلو الآخر"، بحسب مصدر عسكري فرنسي.

التضامن

أظهر الأوكرانيون مرونة كبيرة في الشدائد بقيادة الرئيس فولوديمير زيلينسكي، الذي بقي في كييف على الرغم من تهديد حياته، مع دخول روسيا منطقة العاصمة. وقد تطوع مواطنون عاديون في الخطوط الأمامية، بعد ضمان ذهاب أسرهم بأمان إلى غرب البلاد أو خارج حدودها. وأظهرت الصور المتداولة على الإنترنت أشخاصاً عاديين يصنعون زجاجات حارقة، أو مزارعين يسحبون معدات عسكرية روسية تم الاستيلاء عليها. ولم يكن أمام أوكرانيا خيار آخر سوى رفع قدرتها على حرب الاستنزاف، "من خلال التدريب السريع للقوات الإقليمية واستخدام الأسلحة الخفيفة"، وفقاً للكولونيل الفرنسي المتقاعد ميشيل غويا.

الصورة
أوكرانيون يحضّرون زجاجات حارقة لاستخدامها ضد القوات الروسية (Getty)
أوكرانيون يحضّرون زجاجات حارقة لاستخدامها ضد القوات الروسية (Getty)

الأخطاء الاستراتيجية

يقول محللون عسكريون إن روسيا ارتكبت أخطاء استراتيجية في الأيام الأولى للغزو، إذ أرسلت أعداداً قليلة من القوات البرية في المرحلة الأولية، وفشلت في تنسيق عمل القوات البرية والجوية. ويبدو أن موسكو كانت تتوقع تحقيق نجاح عسكري في غضون أيام.

"في البداية، اعتقدوا أن بإمكانهم إدخال وحدات بسرعة كبيرة إلى العاصمة كييف... لكنّهم صُدموا في وقت مبكر"، على حدّ تعبير مدير برنامج الدراسات الروسية في مركز التحليلات البحرية في الولايات المتحدة مايكل كوفمان. وأضاف: "كانت افتراضات سخيفة... كيف يمكنك أن تأخذ كييف في ثلاثة أيام؟ لقد عدّل الجيش الروسي أموره الآن، وسيحاول تنفيذ الأمر بتنسيق مشترك بين قواته".

الخوف النفسي

دقت روسيا أجراس الإنذار في جميع أنحاء العالم، حين أبقت عشرات الآلاف من الجنود منتشرين بالقرب من الحدود مع أوكرانيا خلال الأسابيع الأخيرة. ولكن على الأرجح أن نسبة ضئيلة منهم كانت تظن أنهم على وشك شنّ الحرب في بلد مجاور سكانه من السلاف، ويتحدث كثيرون منهم الروسية كلغة أم. ولم تكن المعنويات سترتفع بفعل خسائر روسية فادحة، شملت جنرالاً مهماً واحداً على الأقل، بحسب مصادر فرنسية، ما أرغم القيادة العسكرية العليا على وجوب الذهاب إلى الخطوط الأمامية.

وقال الزميل البارز غير المقيم في معهد "بروكينغز" توم بيبينسكي إن الأدلة تشير حتى الآن إلى أن تعامل أوكرانيا مع أسرى الحرب الروس قد يصبح أقسى مع تقدم الغزاة إلى داخل البلاد. وأضاف: "ستكون المقاومة الأوكرانية أكثر فعالية إذا كان الروس عرضة للاستفزاز، والأرق، وردود الأفعال الطائشة".

ودخلت الحرب الروسية على أوكرانيا، اليوم الثلاثاء، يومها الثالث عشر، مع بدء إجلاء السكان من مناطق مختلفة، بعد فشل محاولات عدة سابقة. وظهر الرئيس الأوكراني في وقت متأخر من مساء الإثنين للمرة الأولى من داخل القصر الرئاسي في كييف، مؤكداً أنه سيبقى في العاصمة، وأنه سيفعل كلّ ما يلزم للفوز بالحرب.

وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في الساعات الأخيرة أن الولايات المتحدة الأميركية وحلفاءها زوّدوا أوكرانيا، في إطار مساعدتها على التصدي للاجتياح الروسي، بـ17 ألف سلاح مضاد للدبابات في غضون ستة أيام، مضيفة أن واشنطن تشارك في "عمليات سيبرانية سرية" تفادياً لصراع مباشر مع موسكو.

وقالت الصحيفة إنه في أقل من أسبوع، أدخلت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو) أكثر من 17 ألف سلاح مضاد للدبابات، بما في ذلك صواريخ "غافلين"، عبر حدود بولندا ورومانيا، وأفرغتها من طائرات شحن عسكرية عملاقة كي تُنقَل براً إلى العاصمة الأوكرانية كييف، وغيرها من المدن الكبرى.

وأشارت إلى أنه حتى الآن، كانت القوات الروسية "شديدة الانشغال" في أجزاء أخرى من البلاد، وغفلت عن استهداف خطوط إمداد الأسلحة، لكن مراقبين قليلين يعتقدون أن الوضع سيستمر على هذا النحو.

المساهمون