يبدأ، اليوم الإثنين، في العاصمة المصرية القاهرة، لقاء حواري بين الفصائل الفلسطينية، الهدف منه الشروع في حوار وطني شامل، من المتوقع أن يرشح عنه ميثاق شرف لضمان سلامة العملية الانتخابية للمجلس التشريعي المتوقع عقدها في 22 مايو/ أيار المقبل، وتذليل أي عقبات تعترضها.
ووجهت مصر دعوات إلى جميع الفصائل الفلسطينية وعدد من المستقلين في الضفة الغربية وقطاع غزة لحضور الحوار الوطني الذي يستمر على مدار يومي الإثنين والثلاثاء، وسيكون مغلقاً أمام الإعلام.
يحاول "العربي الجديد" الإجابة عن أهم 5 أسئلة حول هذا الحوار، الذي يعتبر مهمًا بالنسبة لموضوعه والوقت الذي يعقد فيه.
ما هي الفصائل الفلسطينية التي تمت دعوتها للقاء القاهرة؟
تمت دعوة أربعة عشر فصيلاً وحركة فلسطينية تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، غالبية هذه الفصائل لا تملك وزناً شعبياً في الشارع الفلسطيني، وجزء منها ذو ارتباط تاريخي بحزبي البعث السوري والعراقي، إلى جانب عدد من المستقلين مثل: هاني المصري، منيب المصري، وليد الأحمد وهم من الضفة الغربية، وشرحبيل الزعيم من قطاع غزة.
والفصائل هي: حركة "فتح"، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، وطلائع حزب التحرير الشعبية، وحزب الشعب الفلسطيني، والاتحاد الديمقراطي الفلسطيني "فدا"، وجبهة النضال الشعبي، وجبهة التحرير الفلسطينية، وجبهة التحرير العربية، والجبهة العربية الفلسطينية، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، والمبادرة الوطنية الفلسطينية، وإضافة إلى حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" وكلتاهما غير منضويتين في إطار منظمة التحرير الفلسطينية.
ما هو جدول أعمال اللقاء؟
أجندة اللقاء هي ذات النقاط الخلافية بين طرفي الانقسام، حركتي "فتح" و"حماس"، وهما القوتان الوازنتان في اللقاء، والاتفاق بينهما يعني التوافق على حل النقاط الخلافية، وأبرزها:
المحكمة الدستورية:
تتخوف حركة "حماس" من تدخل المحكمة الدستورية، وهي محكمة تم تشكيلها من قبل الرئيس محمود عباس في إبريل/نيسان 2016، وخرجت منظمات المجتمع الأهلي الفلسطينية بموقف حينها أن هذه "المحكمة سياسية"، معترضة على تفرد الرئيس محمود عباس بتشكيلها، سيما أن بعض أعضائها محسوبون على حركة "فتح"، ومخاوف من أن تشكيلها في ظل الانقسام يمكن أن يحوّلها إلى ذراع للسلطة التنفيذية التي تسعى لشرعنة قراراتها عبرها.
وتتخوف "حماس" من استخدام المحكمة سياسياً، إذ قررت المحكمة بتاريخ 12 ديسمبر/كانون الأول 2018، حل المجلس التشريعي، وأوقفت رواتب نوابه عن حركة "حماس"، ولذلك، فإن هناك تخوفاً من أن تقوم هذه المحكمة بإبطال نتائج الانتخابات وحل المجلس التشريعي القادم، إن لم تكن النتائج مُرضية للسلطة التنفيذية في الضفة الغربية التي تقودها حركة "فتح".
وإلى جانب ذلك، لا تعترف حركة "فتح" بالجهاز القضائي في قطاع غزة، وتعتبره غير شرعي.
محكمة الانتخابات:
تتخوف حركة "حماس" من تشكيل محكمة الانتخابات، لأن الرئيس محمود عباس عيّن مجلسًا قضائيًا جديدًا برئاسة القاضي عيسى أبو شرار، بموجب التعديلات على قانون السلطة القضائية الذي قام به عباس قبل أربعة أيام من إصداره مرسوم الانتخابات.
ويقوم مجلس القضاء الأعلى المسيطر عليه من السلطة التنفيذية، حسب ما تؤكده منظمات المجتمع المدني، ونقابة المحامين، بتنسيب قضاة هذه المحكمة، في ظل عدم شرعية مجلس القضاء الأعلى الذي تم تعيينه بناء على تعديل قانون السلطة القضائية، بينما تشهد الضفة الغربية إضرابًا لنقابة المحامين وتعليقاً لدوام المحاكم احتجاجاً على التعديلات القانونية على السلطة القضائية.
ومحكمة الانتخابات منصوص عليها بقانون الانتخابات، وهي محكمة خاصة بشؤون الانتخابات تنشأ في وقت الانتخابات، وتنتهي بانتهاء المدة القانونية المتعلقة بالطعون الانتخابية.
المحكمة الإدارية:
أصدر عباس قرارًا بقانون في 11 يناير/كانون الثاني 2021، بتشكيل محكمة إدارية على درجتين؛ إدارية، وإدارية عليا، أما صلاحية المحكمة الإدارية فهي النظر في الطعون في نتائج الانتخابات، كما أنه يوجد تخوف لدى المجتمع المدني بأن تُستغل هذه المحكمة للانقضاض على النتائج، في حال لم تكن مناسبة للسلطة التنفيذية الحالية.
المحكمة الإدارية العليا: جاء تشكيل هذه المحكمة بموجب ذات القرار بقانون في 11 يناير/ كانون الثاني 2021، وتنظر هذه المحكمة في أي طعون في قرار المحكمة الإدارية، والتخوف من تشكيلها يكمن في أن عباس في قراره، منح نفسه صلاحية تعيين رئيس المحكمة الإدارية العليا، وإقالته بقرار منه، دون تنسيب من أي جهة قضائية.
الأمن الذي سيحمي المراكز الانتخابية: ترفض السلطة الفلسطينية أن تقوم شرطة حماس في قطاع غزة بحماية المراكز الانتخابية، وترفض أيضًا أن يكون الإداريون العاملون في هذه المراكز من حركة "حماس". وترى السلطة الفلسطينية أن جهاز الشرطة هو الأفضل لحماية مراكز الأمن، أما الإداريون فسوف تقوم باختيارهم من قوائم المعلمين بعناية.
البرنامج السياسي: هناك خشية من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وبعض دول الإقليم ألا ينسجم البرنامج السياسي لحركة "حماس" مع شروط الرباعية الدولية التي تضم: "الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة الأميركية، روسيا"، وأن فوز "حماس" بأي نسبة تسمح لها بالتمثيل في الحكومة سيكون مثار صدام مع العالم، وهذا ما تخشاه السلطة الفلسطينية أيضاً، لا سيما في ما يتعلق أيضاً بسلاح المقاومة في قطاع غزة.
لماذا القاهرة ؟
تحتكر القاهرة بحكم موقعها الجغرافي من قطاع غزة، وثقلها السياسي ملفات المصالحة وإنهاء الانقسام بين حركتي "فتح" و"حماس"، وكذلك التهدئة بين فصائل المقاومة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، وكل هذه الملفات موكلة لجهاز المخابرات المصري تحديداً، حيث وجّه القنصل العام المصري في السفارة المصرية برام الله مصطفى الشحات، وهو ممثل المخابرات المصرية في السفارة، الدعوات للفصائل الفلسطينية للحضور إلى القاهرة لإطلاق الحوار الوطني.
وهناك قول معروف في كواليس القيادة الفلسطينية: "إذا غضبت القاهرة اختنقت غزة!"، وعندما قامت القيادة والفصائل الفلسطينية في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، بعقد اجتماع أمناء الفصائل في العاصمة التركية، في احتجاج صامت على موقف مصر من التطبيع العربي استاءت مصر وبشدة، واعتبرت اللقاء استفزازًا لها.
كم مرة استضافت القاهرة حوارات واتفاقيات فلسطينية؟
هناك عشرات اللقاءات بين الفصائل الفلسطينية والمخابرات المصرية برعاية مصرية، لكن أبرزها خلال العقد الماضي:
إعلان القاهرة مارس/ آذار 2005، حيث تم اللقاء بين الفصائل الفلسطينية الهدف منه إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية.
الورقة المصرية سبتمبر/ أيلول 2009.
وثيقة سبتمبر/ أيلول 2010 بشأن إجراء الانتخابات العامة في قطاع غزة والضفة الغربية وإصلاح الأجهزة الأمنية.
اتفاقية القاهرة 2011.
في 27 إبريل/ نيسان 2011، أعلنت الفصائل اتفاقاً بوساطة من مصر لتشكيل حكومة مؤقتة مشتركة مع إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في عام 2012.
في 4 مايو/ أيار 2011، وفي حفل أقيم في القاهرة وقع الاتفاق رسمياً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس آنذاك خالد مشعل، ويتضمن الاتفاق: تشكيل حكومة تكنوقراط، والتحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية للسلطة الفلسطينية في سنة واحدة.
اجتمعت الفصائل الفلسطينية في القاهرة في 20 ديسمبر/كانون الأول 2011، برعاية مصرية، لبحث آليات تنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني الفلسطيني التي وقعت عليها الفصائل بالقاهرة في 4 مايو/أيار 2011.
اتفاق القاهرة مايو/ أيار 2012.
في 22 فبراير/شباط 2012، عُقد لقاء بين الرئيس محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحماس في حينه خالد مشعل في القاهرة بحثا خلاله مجمل القضايا الفلسطينية، وعلى رأسها حكومة الوفاق الوطني وملف المصالحة الفلسطينية.
وفي 20 مايو/أيار 2012، أُبرم اتفاق جديد في القاهرة بين فتح وحماس بوساطة مصرية، ينص على بدء المشاورات لتشكيل الحكومة، تزامناً مع عمل لجنة الانتخابات المركزية في قطاع غزة، وتسجيل الناخبين الجدد في قطاع غزة وتشكيل حكومة مؤقتة.
اتفاق أغسطس/ آب 2014:
وفي 14 أغسطس/ آب 2014،كانت المبادرة المصرية للتهدئة ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وفصائل المقاومة في قطاع غزة، إبان الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وفي 25 سبتمبر/ أيلول 2014، تم التوصل لاتفاق شامل "ينهي الخلافات القائمة بين حركتي فتح وحماس، يتضمن دخول حكومة الوفاق الوطني قطاع غزة وتولي مسؤولية إدارته.
اتفاق القاهرة 2017.
توصلت حركتا فتح وحماس يوم 12 أكتوبر/تشرين الأول 2017، إلى اتفاق عقد في القاهرة، يقضي الاتفاق بـ"تمكين حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله من تولي كافة المسؤوليات في قطاع غزة، وأن يتولى الحرس الرئاسي الإشراف على المعابر ومعبر رفح الحدودي مع مصر".
وفي 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أعلنت الفصائل الفلسطينية، بينها حركتا "حماس" و"فتح"، في بيان مشترك، بعد محادثات في القاهرة أنها اتفقت على إجراء انتخابات عامة بنهاية 2018.
هل ستتفق الفصائل هذه المرة؟
الاتفاقيات لا تكون عبر الحوارات الجماعية، وإنما باللقاءات الجانبية بين "فتح" و"حماس"، كما جرى عدة مرات في الأشهر الماضية، عبر اللقاءات والتواصل بين أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" جبريل الرجوب، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري، وبين الطرفين والمخابرات المصرية.