- وزير الصناعة جورج بوشكيان وغيره من السياسيين حرضوا ضد اللاجئين، بينما ندد ناشطون بالحملة ضدهم كمحاولة لتحقيق مكاسب سياسية، مطالبين بتحقيق عادل.
- رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان وديع الأسمر ووزير الداخلية بسام مولوي أكدا على ضرورة التهدئة ورفض العنف، مع تأكيد مولوي على خطورة الوجود السوري وضرورة تطبيق القوانين للحد منه.
يتعرّض اللاجئون السوريون في لبنان منذ أول من أمس الأحد، لعمليات تحريض تُعرّضهم للخطر وشتّى أنواع الانتهاكات، مع إعلان خطف المسؤول في حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان وقتله، وتوقيف عددٍ من السوريين المشاركين في العملية، علماً أن التحقيقات الأولية وضعت الجريمة في إطار دافع السرقة.
وفور إعلان الجيش اللبناني أنّ معظم أعضاء العصابة سوريّون، وعُثِر على جثة سليمان مساء الاثنين، خرج مناصرون من "القوات اللبنانية" في بعض المناطق في بيروت وكسروان إلى الشارع، وأقدموا على ضرب سوريين، وتوجيه الشتائم والإهانات لهم، ورفع الصوت عالياً لطردهم من لبنان، ما دفع بعض البلديات في بيروت والمتن وكسروان والبقاع اللبناني إلى إصدار تعاميم بمنع تجوّل اللاجئين في نطاقها، اليوم الثلاثاء. وترافقت الاعتداءات الميدانية مع دعوات سياسية لترحيل السوريين من لبنان، وتجديد التحريض عليهم، وتحميلهم مسؤولية الانهيار المالي، وارتفاع مستوى الجرائم في البلاد، إلى جانب تهديد بعض المناصرين الحزبيين باتخاذ مبادرات فردية لفرض أمن ذاتي، وطردهم إن لم تتخذ السلطات اللبنانية إجراءات بهذا الإطار.
ودخل على خط التحريض بعض السياسيين، بينهم وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال النائب جورج بوشكيان، الذي قال إنّ "النازحين السوريين بدل عودتهم إلى المناطق الآمنة في بلدهم سورية، يفتعلون المشاكل في لبنان من دون سبب، إلا لإيقاع التفرقة بين اللبنانيين، وبينهم وبين السوريين، وتنفيذ جرائم الخطف، والسرقة، والتهريب، وتعاطي الممنوعات، وغيرها".
في المقابل، اعتبر ناشطون أنّ الحملة على السوريين مدانة، ومن شأنها أن تعرّض حياتهم للخطر، وتجعل من كلّ لاجئ عرضة للاعتداء والضرب والإهانة، رافضين استغلال الجريمة لتحقيق مكاسب أو تنفيذ أجندات في السياسة، مؤكدين أيضاً أنّ ما يحصل يساهم في تمييع القضية، داعين الأجهزة الأمنية إلى تبيان كامل الحقيقة بإشراف القضاء المختصّ.
وفي الإطار، يقول رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان وديع الأسمر لـ"العربي الجديد"، إن ما يحصل هو نتيجة خطاب الكراهية والعنصرية الممارس ضد اللاجئين والمقيمين السوريين في لبنان، والتحريض المستمرّ ضدهم، الذي يأتي عادة من المسؤولين السياسيين الكبار، ويترجم على الأرض بمشاهد عنفية. ويشدد الأسمر على أنّ التعرّض لأي شخص والاعتداء عليه من أي جنسية كان، مرفوض، ويدخل في إطار الجريمة العادية التي تستوجب محاكمة مرتكبها، وإلا نصبح أمام شريعة الغاب.
من ناحية ثانية، يستغرب الأسمر التناقض الحاصل في مواقف بعض الأفرقاء السياسيين، وتحديداً التي تعتبر أن الجريمة سياسية، "فبهذه الحالة ما ذنب اللاجئين السوريين؟". ويرى الأسمر أن الأحزاب السياسية لا تتخذ مواقف واضحة وكافية لتهدئة المناصرين وضبط نفوسهم، واعتبار أن المجرم يتحمّل هو المسؤولية، ولا يجوز رميها على المجتمع أو جميع السوريين.
وسادت حالة غليان في الشارع اللبناني منذ يوم الأحد، على خلفية جريمة خطف منسّق منطقة جبيل في "القوات اللبنانية" باسكال سليمان وقتله، وسط تشكيك لافت في رواية الأجهزة الأمنية، خصوصاً أنها تناقضت بداية مع البيان الأول الصادر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي قبل إجراء تعديل عليه، وحذف كلمة "تصفيته" التي استُخدِمت، في حين يشير الجيش اللبناني إلى قتل المخطوف في أثناء محاولة سرقة سيارته.
وأعلن الجيش اللبناني الاثنين، أن مديرية المخابرات تمكّنت من توقيف معظم أعضاء العصابة السوريين المشاركين في عملية الخطف، وتبين خلال التحقيق معهم أن المخطوف قُتل من قبلهم في أثناء محاولتهم سرقة سيارته في منطقة جبيل، وأنهم نقلوا جثته إلى سورية، والتنسيق جارٍ مع السلطات السورية لتسليم الجثة، واستكمال التحقيقات بإشراف النيابة العامة التمييزية.
وزير الداخلية: الوجود السوري يشكل خطراً على لبنان
في السياق، دعا وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي إلى التهدئة وضبط النفس "لكون البلد لا يحتمل المشاكل أكثر والفتن". وكشف مولوي في مؤتمر صحافي ظهر اليوم الثلاثاء، أن عملية الخطف نفذت بسيارة "هيونداي" بيضاء اللون، سُرقت منذ فترة من نطاق انطلياس، المتن اللبناني، وكان الخاطفون يلاحقون أكثر من سيارة بهدف سرقتها، وهم السبب وراء الحادثة التي أودت بحياة سليمان.
وقال مولوي: "الجريمة ارتكبها سوريون، وهناك جريمة ارتكبت أيضاً قبل أيام وقف وراءها سوريون، ونسبة الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية تصل إلى 35%، ونؤكد أن الوجود السوري يشكّل خطراً طبعاً، وهو غير مقبول ولا يتحمّله لبنان ولا اللبنانيون، ويجب أن تطبق القوانين اللبنانية عليه والحدّ منه بطريقة واضحة".
ودعا مولوي في السياق، اللبنانيين إلى عدم تأجير منازل للسوريين غير الشرعيين، أو مشاركتهم بأي أعمال، وعدم الانجرار نحو الكسب المادي، مضيفاً: "أكدنا على الأمن العام التشدد في تطبيق القوانين اللبنانية على النازحين السوريين، وعلى البلديات ضرورية التقيد أيضاً بتعاميم وزارة الداخلية المتعلقة بالوجود السوري، ومراقبة وضعهم ما إذا كان شرعياً أو لا، والعقود التي تجري مع المواطنين، فأمن البلد من أمننا وعلينا الحفاظ عليه".
من جهته، شدد حزب القوات اللبنانية على اعتبار الجريمة حصلت عن عمد وعن قصد وعن سابق تصوّر وتصميم، وهي عملية اغتيال سياسية حتى اثبات العكس. وقال بيار بو عاصي، النائب عن "القوات اللبنانية"، إنه "حتى ظهور الحقيقة لا ثقة لديّ بأحد، لا بالأجهزة الأمنية ولا بوزراء الوصاية".
وتتضارب المعلومات حول خلفية اختطاف سليمان، وهو موظف معلوماتية في بنك بيبلوس، في ظلّ غموض واضح يسود الجريمة، يدفع إلى خروج روايات عدة حولها، منها مرتبط بدافع السرقة، وأخرى سياسية طائفية، تصوّب نحو "حزب الله" والعصابات التي "يحميها"، علماً أنّ الجريمة أعادت أيضاً إلى الواجهة قتل مدير بنك بيبلوس أنطوان داغر عام 2020، التي بقيت ملابساتها غامضة.
وعلى وقع اتهام مناصرين لحزب القوات اللبنانية وشخصيات سياسية تدور في فلكه، "حزب الله" منذ لحظة حصول الخطف بوقوفه وراء العملية، ردّ الأمين العام للحزب حسن نصر الله أمس الاثنين، باعتبار ما حصل "فضيحة كبيرة كشفت حقيقتهم، وأظهرت أنهم أصحاب فتن يبحثون عن الحرب الأهلية".