خرج الآلاف من طلبة الجامعات الجزائرية اليوم في مظاهرات الثلاثاء الـ52 من الحراك الطلابي، وسط تعزيزات أمنية كبيرة عبر مختلف شوارع العاصمة الجزائرية الكبرى، ورغم حالات القمع والتضييق والاعتقالات التي طاولت عدداً من المتظاهرين السلميين، مع اقتراب مرور سنة على الحراك الشعبي الذي اندلع في 22 فبراير/ شباط 2019.
وتجمع الطلبة في ساحة الشهداء قبل الانطلاق في مسيرة جابت كبرى شوارع العاصمة الجزائرية، بينها شارع الشهيد العربي بن مهيدي، وساحة البريد المركزي، وصولا إلى شارع الشهيد ديدوش مراد، رافعين الأعلام الوطنية ومرددين المطالب المركزية للحراك الشعبي المعلنة منذ سنة، بينها تطبيق المادة السابعة والثامنة من الدستور، التي تحيل السيادة إلى الشعب، والتمسك بمسار ديمقراطي، ورفض هيمنة الجيش على الخيارات السياسية والاقتصادية للجزائريين، وهتف المتظاهرون بشعار "دولة مدنية وليس عسكرية".
وحمل المتظاهرون على السلطة في ما يخص ملف إدارة العدالة واستمرار الضغوط على القضاة في المحاكم، ورفعت طالبة لافتة كتب عليها "لقد تبيّن خيط العصابة من خيط الحراك"، كما حضرت في مظاهرات اليوم صور الناشطين الذين ما زالوا في السجون، ككريم طابو وفوضيل بومالة، ونددوا باستمرار ملاحقتهم قضائيا على تهم وصفت بـ"الواهية".
ويحتفي الطلبة الثلاثاء المقبل بمرور عام على انطلاق الحراك الطلابي الذي بدأ في 26 فبراير/ شباط الماضي بالحراك الشعبي ولدعم مطالبه المركزية.
ويصرّ الطلبة، رغم مرور سنة كاملة على التظاهر، على تحقيق كل المطالب.
وقال الناشط الطلابي علي بوسبولة لـ"العربي الجديد" إن "ثلاثاء الطلبة هو الوقود الذي ما زال يحرك الشارع بعد مرور ما يقارب السنة على اندلاع الحراك الشعبي والطلابي.. الطلبة مصرّون على مواصلة المسيرات إلى غاية تحقيق كل المطالب المتصلة بالتغيير المنشود".
وبرغم التشديد الأمني الذي رافق مسيرة الطلبة اليوم، ووقوع عدد من الاعتقالات، إلا أن الطلبة حاولوا تجاوز حواجز أمنية أقامتها الشرطة، ورددوا شعارات "سلمية سلمية" و"نحن خاوة"، للتعبير عن رفضهم القمع الذي تمارسه الشرطة.
وقالت الطالبة في كلية الحقوق والعلوم الإدارية نورة بودينة لـ"العربي الجديد" إن "التضييق والضغط الأمني لمنع الطّلبة من السير في الشوارع الكبرى لن يغيرا من الأمر شيئاً، بل سيواصلون المسيرات حتى تتحقق المطالب، هذه الأساليب تعودنا عليها منذ سنة. على السلطة أن تتأكد أن الحل الأمني لن يزيدنا إلا إصراراً".
ورفع مجموعة من المتظاهرين شعارات لافتة كتب عليها: "الثلاثاء أولاً تجاهلتمونا، ثانياً ضحكتم علينا، ثالثاً حاربتمونا، ولكن رابعاً سننتصر".
وقال الطالب بكلية الهندسة سمير بودن لـ"العربي الجديد" إن "الإبقاء على المسيرات كل أسبوع من شأنه أن يضع السلطة الحالية تحت رقابة الشارع".
وشدد المتظاهرون على أن "السلطة الحالية تريد تكرار تجربة المرحلة السابقة".
ولم يحظ قرار الرئيس عبد المجيد تبون باستحداث منصب وسيط للجمهورية وتعيينه لهيئة الوساطة كريم يونس بالقبول، إذ تعرض القرار لانتقادات حادة اليوم وصفها الطلبة بأنها "عودة إلى سياسات قديمة تتناقض كلياً مع تعهدات تبون بجزائر جديدة".
وأكد الطالب في كلية الطب محمد حمزاوي، لـ"العربي الجديد"، أن "العودة إلى هكذا أساليب في التسيير تؤكد أن السلطة تسير عكس تطلعات الحراك وطموحه في إحداث القطيعة مع مرحلة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ومع منظومة الفساد"، مضيفاً أن "تعيين وسيط يعني إقراراً من قبل السلطة بوجود أزمة بينها وبين الشعب".
وفي السياق نفسه، خرج الآلاف من طلبة الجامعات في عدد من الولايات الجزائرية للتظاهر، إذ عاد الحراك الطلابي إلى مدينة سكيكدة بعد توقف دام ثمانية أشهر، كما شهدت المدن الجامعية عنابة وقسنطينة شرقي البلاد ووهران وتلمسان غربي البلاد، وبجاية وتيزي وزو في منطقة القبائل، مظاهرات طالب فيها المتظاهرون بإطلاق مسار ديمقراطي، ومحاسبة كل الفاسدين دون استثناء، خصوصاً المسؤولين المحليين، ودعا الطلبة الجزائريون إلى مظاهرات حاشدة الجمعة المقبل بمناسبة مرور سنة من عمر الحراك الشعبي.