تخرّج المهندس من كلية الهندسة في العام 1977 في العراق، وانتمى لحزب "الدعوة" مطلع العام نفسه. وغادر البلاد إلى الكويت عام 1979 بعد تولي الرئيس السابق صدام حسين السلطة، واستقر هناك سنوات عدة. وتشير التقارير إلى أنه كان يحمل الرقم 2722174 في بطاقة إقامته بالكويت بمنطقة الجابرية، وأنه مارس نشاطاً سياسياً وأمنياً معادياً لنظام صدام حسين، قبل أن تمنعه الحكومة الكويتية آنذاك من مزاولة أي نشاط على أراضيها.
ونجحت الشرطة في العثور على أدلة مادية حول ذلك، أدين بسببها المهندس مع رفاقه وحُكم عليه بالإعدام، لكنه نجح في الفرار من الكويت عبر جواز سفر باكستاني متجهاً إلى إيران، كما وُضع اسمه على لائحة المنع في دول الخليج ومصر والمغرب العربي، إضافة إلى الدول الأوروبية والأميركتين، ولم يُسجّل خروجه من إيران سوى إلى سورية والعراق خلال السنوات العشر الماضية.
وفي التفاصيل، أنه بعد وقوف دول الخليج مع العراق في حربه ضد إيران، ومقاطعتها بشكل شبه كامل، هاجم المهندس مطلع العام 1983 مع مجموعة تابعة له، عدداً من المباني الحساسة في العاصمة الكويت، ومنها السفارتان الأميركية والفرنسية وبعثات أخرى، بواسطة متفجرات تبيّن أنها محلية الصنع، وجرى تحضيرها داخل البلاد، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة 80 آخرين، ما دفع القضاء الكويتي إلى الحكم عليه بالإعدام بعد إدانته بالضلوع في تلك التفجيرات بصفة منفذ، إلا أنّه كان قد فرّ من الكويت بعد ساعات من التفجيرات إلى إيران عبر جواز سفر باكستاني، من خلال رحلة بحرية كان قد حجز تذكرة على متنها قبل يوم واحد من تنفيذ التفجيرات الإرهابية في الكويت، واستقرّ هناك، وتزوج سيدة إيرانية تكبره بسنوات عدة، واكتسب الجنسية الإيرانية، وعُيّن مستشاراً عسكرياً لدى قوات "القدس"، التي كانت تتولى مهاجمة القوات العراقية الموجودة حول البصرة، مسقط رأس المهندس.
ووجهت النيابة العامة الكويتية في العام 1985 للمهندس رسمياً تهمة التورط بمحاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت أمير البلاد الراحل جابر الأحمد، وبات منذ ذلك التاريخ المطلوب الأول لدى الكويتيين، وضمن القائمة الأميركية السوداء للمطلوبين بأعمال إرهابية، وسبق زعيم "القاعدة" السابق أسامة بن لادن في هذه القائمة.
وفي العام 1987، تولى رسمياً منصب قائد فيلق "بدر"، ثم انتقل بعد سنوات للعمل بمفرده ضمن قوة مرتبطة بفيلق "القدس" أيضاً، تُعرف باسم التجمع الإسلامي. شارك مع القوات الإيرانية في مهاجمة بلدات عراقية مختلفة مطلع العام 1988، أسفرت عن مقتل المئات من المدنيين والعسكريين العراقيين.
وفي مارس/ آذار من العام 2003، عقب دخول القوات الأميركية إلى العراق، عاد المهندس مستخدماً اسم جمال الإبراهيمي، وترشح لانتخابات البرلمان العراقي عن قائمة حزب "الدعوة" بزعامة نوري المالكي، رئيس الوزراء السابق، في العام 2005، تحت تسلسل 24، وفاز في دائرته الانتخابية عن محافظة بابل، لكنّ قوة تابعة لمشاة البحرية الأميركية اقتحمت مقر إقامته شرق بغداد بعد اكتشاف هويته، ونجح بالفرار مرة أخرى إلى إيران، بعد أشهر من تخفّيه خارج العراق ومطاردة الأميركيين له، ولم يدخل العراق إلا بعد انسحاب القوات الأميركية منه عام 2011، وكانت له زيارات قصيرة سرعان ما يعود بعدها لطهران مرة أخرى.
ولم يشفع للمهندس تنفيذه عمليات عسكرية ضد الجيش العراقي عقب غزوه الكويت، من خلال ضرب عدد من المخافر والمراكز القريبة من شبه جزيرة الفاو، حيث فشلت وساطات عدة طيلة السنوات الماضية في دفع الكويت لإسقاط الحكم الموجه ضده، كما رفضت الشرطة الدولية (الإنتربول) رفع اسمه من قائمة المطلوبين الخطرين لديها على مستوى العالم.
وبعد احتلال تنظيم "داعش" أجزاء واسعة من شمال العراق وغربه، تولّى المهندس تشكيل مليشيات عدة بدعم إيراني، تورطت غالبيتها في عمليات تطهير وجرائم طائفية بحق السكان المحليين.
ويقع مكتب أبو مهدي المهندس على بعد كيلومتر واحد من السفارة الأميركية ومقر قيادة قوات التحالف في المنطقة الخضراء منذ عام 2014، بعد توليه منصب نائب رئيس "الحشد الشعبي".
ويقول الخبير بالشؤون السياسية العراقي أحمد الحمداني، إن اغتيال المهندس يمثّل مقتل رجل إيران الوفي في العراق. ويضيف: "كان الوكيل الرئيسي وأكثر شخص يمكن الوثوق به بالنسبة للإيرانيين، وكانت تُسند إليه غالبية المهام الحساسة لإيران في العراق.
وأشار، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن المهندس لديه الآلاف من أتباعه، وقد يلجأون إلى ردّ سريع على مقتله، حتى من دون العودة إلى فيلق "القدس" أو قادة مليشيات "الحشد".