وقال المصدر إنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حضر جانباً من الاجتماع، عبر خطّ مرئي، من دون أن يفصح عن الملفات التي تطرق إليها الأخير مع قادة الفصائل. ووصف المصدر اللقاء بـ"العادي والدوري"، موضحاً أنّ رئيس الاستخبارات التركية أكّد استمرار دعم أنقرة لفصائل المعارضة في حقها بالدفاع عن نفسها، ولا سيما في إدلب، التي تعدّ تركيا ضامناً لها ضمن الاتفاقات مع روسيا.
وعما ذكرته وسائل إعلام سورية معارضة بأنّ الأتراك طلبوا خلال الاجتماع استعداد الفصائل لفتح الطريقين الدوليين "أم 5" و"أم 4"، وقتال "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، نفى المصدر لـ"العربي الجديد" صحة هذه المعلومات، مشيراً إلى عدم التطرق إلى ملف "تحرير الشام" بالمطلق خلال الاجتماع.
وحول تقديم دعم عسكري جديد من قبل تركيا لفصائل المعارضة، أشار المصدر إلى أنّ "الدعم لم ينقطع أساساً، وتركيا هي ضامن لمنطقة إدلب وتقع على عاتقها التزامات في هذا الإطار، وهي وعدت باستمرار الدعم للفصائل للدفاع عن إدلب، ولا سيما بعد إحساس الأتراك بانهيار الاتفاقات المتعددة الخاصة بالمحافظة، وآخرها اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه أنقرة مع روسيا، وخرقته الأخيرة والنظام بعد ساعات من إعلانه".
وعمّا إذا كانت تركيا تستند إلى الموقف الأميركي المؤيد لها في إدلب، للتنسيق حول عودة الدعم الأميركي للفصائل عبرها، أوضح المصدر أنّ "المسؤولين الأميركيين الذين التقوا شخصيات في المعارضة أخيراً، تطرقوا إلى الضغط على النظام عبر الوسائل السياسية والاقتصادية، لإرغامه على الجلوس إلى طاولة التفاوض، ولم يتطرقوا إلى إعادة الدعم العسكري أبداً، على الأقل خلال الفترة الحالية، ولا نعلم ما ستؤول إليه الأمور مستقبلاً".
من جهتها، أكدت مصادر في الخارجية التركية لـ"العربي الجديد" انعقاد الاجتماع من دون تأكيد حضور أردوغان له، لافتة إلى أنّ "الدعم التركي للفصائل العسكرية المعارضة مستمر ومتواصل، وأنقرة أبلغت بالفعل هذه الفصائل بالاستعداد للمعركة، لأن النظام وروسيا مصممان على العملية العسكرية، ورفض كل المقترحات التركية. وبالتالي، فإنّ الدعم التركي أيضاً سيستمر للفصائل، مع احتمال أن تكون الولايات المتحدة طرفاً في هذه المعركة، في ظلّ وجود مؤشرات عديدة حيال ذلك".
وأضافت المصادر أنّ اللقاءات التركية الروسية حول إدلب ما زالت متواصلة، من دون أن تحرز أي نتيجة، ما قد يستدعي زيارة قريبة لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار إلى روسيا، أو إجراء مكالمة هاتفية بين أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، في محاولة للخروج بتفاهمات جديدة حول إدلب.
وفي تأكيد على نيّة موسكو بالتصعيد، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال لقائه المبعوث الأممي إلى سورية، غير بيدرسن، أمس، إنّ "العمل يستمر للتغلّب على فلول الجماعات الإرهابية في كل من منطقة إدلب وشمال شرق البلاد"، متهماً من وصفها بـ"الجماعات الإرهابية" بإعاقة دخول المساعدات الإنسانية إلى سورية والاستحواذ عليها عند إدخالها.
وجاء ذلك فيما استمر قصف سلاح الجو الروسي وذلك التابع لقوات النظام، لمناطق مختلفة في محافظتي إدلب وحلب يوم أمس الجمعة، وسط توقعات بأنّ الطرفين يحضران لهجومٍ واسع في شمالي غرب البلاد، ولا سيما غرب وجنوب حلب، حيث تحشد قوات النظام هناك قواتٍ من وحداتها ومليشيات مساندة لها مدعومة من إيران.
وقال مراسل "العربي الجديد" إنّ الطيران الحربي الروسي استهدف بالصواريخ الفراغية بلدة المنصورة وحي الراشدين وكفرحمرة في ريف حلب الغربي، فيما قصف الطيران المروحي التابع للنظام بالبراميل المتفجرة قرية خان طومان في ريف حلب الجنوبي. كذلك، استهدفت طائرات النظام الحربية بالرشاشات الثقيلة الطريق الدولي بين معرة النعمان وسراقب، بينما قصفت قواته بالمدفعية بعد منتصف ليل الخميس وصباح أمس الجمعة، مناطق معرشورين وتلمنس والغدفة في ريف إدلب، ومناطق أخرى في كفرناها والمنصورة وخان العسل والراشدين بريف حلب الغربي.
ويأتي ذلك وسط استعداد فصائل المعارضة لصدّ أي هجوم محتمل في أي توقيت، بحسب ما أفاد به قادة ميدانيون على الأرض "العربي الجديد". واستهدفت الفصائل ظهر أمس الجمعة تجمعاً لقوات النظام في مشروع 3000 شقة في ريف حلب، بصواريخ الغراد وقذائف المدفعية، ما أدى إلى إعطاب دبابة لهذه القوات ومقتل ثلاثة عناصر منها. كذلك استهدفت الفصائل المقاتلة بالصواريخ مواقع قوات النظام في مستودعات خان طومان وقرية الوضيحي بريف حلب الجنوبي، بحسب ما نقل "المرصد السوري لحقوق الإنسان". وأضاف "المرصد" أنّ الفصائل استهدفت كذلك مواقع قوات النظام في مغارة ميرزا على محور أبو جريف في ريف إدلب الشرقي، من دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.
وكان "مركز المصالحة الروسي" في سورية قد أعلن أخيراً عن هجومٍ شنته فصائل المعارضة على مواقع كانت قوات النظام ومليشيات مساندة لها قد سيطرت عليها خلال هجومها الأخير جنوب شرقي إدلب. ولفت المركز في بيان إلى أنّ "مجموعات مسلحة هاجمت مواقع تابعة للجيش السوري في منطقة خفض التصعيد في إدلب، وقامت القوات الحكومية خلال تصديها لهجوم المسلحين بقتل 50 مسلحاً وإصابة نحو 90 منهم. أمّا خسائر القوات الحكومية السورية، فقد بلغت 40 قتيلاً و80 جريحاً".
وأشار البيان إلى أنّ "الجيش السوري، إثر الهجوم، غادر مواقعه في منطقة خفض التصعيد بإدلب". كذلك، تحدّث البيان عن هجوم آخر "نفذه مسلحون على مواقع تابعة للجيش في مدينة حلب"، مشيراً إلى أنّ "مجموعة من المسلحين يقدر عددها بنحو 50 شخصاً، قامت بمهاجمة مواقع الجيش السوري في مدينة حلب من اتجاهين، وهذا هو الهجوم الأول ضدّ المواقع الحكومية بعد تحريرها من الإرهابيين".
بيان "مركز المصالحة الروسي" أكدته وكالة الأنباء التابعة للنظام "سانا"، التي نقلت عن مصدر من قوات النظام قوله إنّ "التنظيمات الإرهابية أقدمت على تصعيد ميداني جديد عبر هجوم عنيف نفذه إرهابيو جبهة النصرة الذين تمّ الزجّ بأعداد كبيرة منهم باتجاه وحدات الجيش المتمركزة في جنوب وجنوب شرق إدلب". وأضاف أنّ "الإرهابيين تمكنوا عبر استخدام مختلف أنواع الأسلحة، ومن ضمنها العربات المفخخة، وتحت غطاء ناري كثيف، من اختراق بعض نقاط تمركز الجيش على اتجاه التح - أبو حريف - السمكة"، موضحاً أنّ "وحدات الجيش أعادت انتشارها وعملت بكفاءة عالية على امتصاص الهجوم ومنع الإرهابيين من تطويره"، قبل أن يعلن ناطق عسكري باسم قوات النظام في وقت لاحق تمكّن قواته من استعادة قرية السمكة بريف إدلب الجنوبي الشرقي.
ويعتبر إعلان "مركز المصالحة الروسي" وتأكيد قوات النظام تعرضها للهجوم وانسحابها مستغرباً وغير معتادٍ من قبل قوات الأسد وحلفائها التي لطالما عمدت إلى ترويج إثبات تفوقها في كل المعارك التي تخوضها، على الرغم من خسارتها في أحيان عدة. وهو ما دفع ناجي المصطفى، المتحدث باسم "الجبهة الوطنية للتحرير"، أحد أهم التشكيلات العسكرية المقاتلة على جبهات إدلب، للردّ على المزاعم الروسية عبر بيان أشار فيه إلى أنّ ذلك يأتي ضمن "محاولات النظام الفاشلة لتبرير مجازره وقصف المدنيين، والتي لن تنطلي على أحد"، مشيراً إلى أنّ النظام "هو من باشر الهجوم، وادعاءاته بالانسحاب من جبهات إدلب كاذبة وعارية عن الصحة، ومحاولاته المتكررة للتقدّم لم تتوقف، والتي يواجهها ثوارنا بالصدّ والثبات، بل واسترجاع بعض ما خسروه خلال الفترة الأخيرة".
وكان موقع "روسيا اليوم" قد نشر مقطعاً مصوراً التقطه مصور وكالة "أسوشيتد برس" يظهر قصف المروحيات التابعة لقوات النظام على الأحياء السكنية في مدينة معرة النعمان بريف إدلب بالبراميل المتفجرة، إلا أنّ الموقع قال إنّ الاستهداف كان "لمواقع في معرة النعمان، رداً على هجمات المسلحين التي أودت بحياة عشرات الجنود خلال الأيام الماضية"، ما يشير إلى أنّ إعلان الروس والنظام تعرضهم للهجوم جنوب إدلب، يأتي لتبرير القصف المستمر على مدن وبلدت الريف الجنوبي الشرقي من المحافظة، ولا سيما مدينة معرة النعمان.