مصر: هوية المعتقلين ودياناتهم وأعمارهم تكذّب بروباغاندا السلطة

27 سبتمبر 2019
بدأت التظاهرات بعد دعوات على مواقع التواصل (فرانس برس)
+ الخط -
لاحظ عدد من المراقبين والمحامين الحقوقيين في مصر، تركيبة جديدة تجلّت في المتظاهرين الذين خرجوا في احتجاجات في مدن مصرية عدة، يوم الجمعة الماضي، للمطالبة برحيل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. الملاحظة الأولى، انصبت في أن أغلب المتظاهرين أعمارهم صغيرة نسبياً، وعدداً كبيراً منهم دون سن الـ20، ومن دون خبرة سياسية ولم يسبق لهم المشاركة في أي عمل سياسي. الملاحظة الثانية؛ أنه بينما يدّعي السيسي محاربته الإسلام السياسي، أمام قادة العالم في نيويورك أمام اجتماعات الأمم المتحدة؛ كشف تكوين معتقلي 20 سبتمبر/أيلول الحالي، عن عدم علاقة المتظاهرين بالإسلام السياسي، وخروجهم جميعاً من أجل الإطاحة برأس النظام بعد فضائح فساده التي لم ينكرها، بحسب الحقوقي المصري أحمد سميح.

وأظهرت كشوف المعتقلين الذين تخطى عددهم ألف معتقل ولا يزال العدد قابلاً للزيادة مع استمرار التحقيقات وظهور مختفين في النيابات، أن هناك عدداً من المسيحيين بين المعتقلين أُلقي القبض عليهم في التظاهرات أو خلال حملات القبض العشوائي المستمرة بشراسة منذ حوالي أسبوع. ومن بين المعتقلين في حملة الاعتقالات 13 مواطناً مسيحياً هم: مجدي صموئيل خليل، ومينا سامي بشارة، وديفيد عماد موريس، وإيهاب مرزوق وديع، وروبرت إميل لمعي سيدراك، وبولا ثابت فوزي، وماركو النوبي عبد النور، وماريو ميشال سيحة، وإقلاديوس، وممدوح مكرم، ومينا كارل عزمي فرج، وموكا محسن لمعي، وفاد فخري شفيق. بدوره، لاحظ الباحث الحقوقي بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، مينا ثابت، "صِغَر أعمار كثير من المشاركين وانعدام خبرتهم السياسية". ولاحظ كذلك أن من يلقون القبض على الشباب هم ضباط شرطة وليسوا جنوداً أو مخبرين، كما كان متبعاً سابقاً. ولاحظ أيضاً أن من يُلقى القبض عليه، تتم مصادرة هاتفه وبطاقته وضربه ثم انتظار التحريات التي تحدد من يخرج ومن يستمر حبسه.

أما عن قاعدة الاشتباه خلال حالات القبض العشوائي التي أعقبت التظاهرات، فبحسب مينا: "بالنسبة للرجال: أي رجل شعره طويل أو لحيته طويلة، أو يرتدي شورت أو ملابس رياضية. وبالنسبة للبنات: أي بنت شعرها مموّج ولا تحمل حقيبة". وطبقاً للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وهي منظمة مجتمع مدني مصرية، فقد بلغ إجمالي عدد المقبوض عليهم وإحالتهم على ذمة القضية 1338 لسنة 2019 أمن دولة عليا، منذ تظاهرات الجمعة، 1298 حالة، 55 سيدة و1243 رجلاً. مع العلم بأن التحديث مستمر للعرض على النيابات.
أما آخر تحديث لأعداد المعتقلين وفق المفوضية المصرية للحقوق والحريات، فقد بلغوا 1003 معتقلين منذ احتجاجات 20 سبتمبر حتى يوم 25 سبتمبر في 17 محافظة. وشهدت القاهرة 335 معتقلاً، الإسكندرية 25 معتقلاً، الغربية 21 معتقلاً، السويس 18 معتقلاً، الجيزة 11 معتقلاً، الدقهلية 10 معتقلين، القليوبية ودمياط 5 معتقلين في كل محافظة، الشرقية 3 معتقلين، مرسى مطروح معتقلين اثنين، ومعتقلاً واحداً في كل من أسيوط والبحيرة والغردقة والمنصورة وبني سويف وقنا وكفر الشيخ، وأخيرا 561 معتقلاً مجهولة محافظاتهم. أما في شأن تصنيف حوالي 600 معتقل في احتجاجات 20 سبتمبر، فإن 32 شخصاً منهم لم يبلغوا سن الـ18، و208 مواطنين ينتمون للفئة العمرية بين 18 و40 عاماً، و20 مواطناً في الفئة العمرية بين 40 و60 عاماً، إضافة إلى مواطنين فوق سن الـ60.

مع العلم أن بعض التظاهرات التي اندلعت في محافظات مصر مساء يوم الجمعة، طالبت برحيل السيسي، على خلفية دعوات انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي للمواطنين بالخروج والتعبير عن رفضهم لاستمرار الرئيس الحالي في السلطة، وسط اتهامات لعائلته ولعدد من قادة القوات المسلحة بالفساد وتبديد المال العام، وتأكيد الرئيس في آخر خطاباته صحة بعض هذه الادعاءات. يأتي ذلك بينما تتخذ الحكومة المصرية سياسات تقشفية زادت من الأعباء الاقتصادية الواقعة على عاتق المواطنين، مما أدى لوجود احتقان لديهم نتيجة للتدهور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

وتجاهلت القنوات والصحف التقليدية تغطية الاحتجاجات التي جرت يوم الجمعة، مع سعي السلطات المصرية خلال السنوات الماضية إلى السيطرة على ملكية وسائل الإعلام عن طريق أجهزتها الأمنية، ونتج من ذلك شراء صحف وشبكات تلفزيونية وتأسيس قنوات ومحطات إذاعية جديدة، ما أطلق عليه مراقبون "إعلام المخابرات".

وعوضاً عن ذلك، كانت وسائل التواصل الاجتماعي هي البديل الذي تبنّاه المصريون لمتابعة هذه الاحتجاجات، فبينما كان عشرات المواطنين يحاولون التجمع والهتاف على مشارف ميدان التحرير، الجمعة الماضي، كانت كاميرا الموبايل تنقل هذه المحاولات مباشرة إلى المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي. وباستمرار التظاهرات في أماكن متفرقة لليوم الثاني على التوالي، نجحت مجموعات من المواطنين المصريين في انتزاع الحق في التظاهر بعد سنوات من تقييده.

وواجهت قوات الشرطة هذه الاحتجاجات باستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، لتفريق التظاهرات، كما ألقت قوات الشرطة القبض على بعض المشاركين فيها، وبينهم صحافيون، كما نشرت قوات الشرطة عدداً من الأكمنة في محيط ميدان التحرير، وقامت بتوقيف المارة وتفتيش هواتفهم المحمولة والقبض على بعضهم، بسبب مشاركات داعمة للاحتجاجات على مواقع التواصل الاجتماعي. كما استمرت اعتداءات قوات الشرطة على المتظاهرين بمدينة السويس، حتى صباح الأحد الماضي.

المساهمون