الموصل تتخوّف من السباق الانتخابي المقبل: قرارات لتحجيم الحملات الدعائية الحزبية

11 سبتمبر 2019
خشية من أن تتسبب الحملات بانقسام لدى الموصليين(فرانس برس)
+ الخط -
تثير الحملات الانتخابية المبكرة التي تنفذها أحزاب ومليشيات في محافظة نينوى، شمالي العراق، مخاوف أهالي ومسؤولي المحافظة، من أن تتسبب بانقسام الشارع الموصلي، خاصة أنّ بعض الأحزاب تستغل نفوذها وقوتها المالية بالتحشيد لنفسها.

وعلى الرغم من أنّه لا تزال هناك فترة 8 شهور على موعد إجراء الانتخابات المحلية، إلّا أنّ أغلب الأحزاب السياسية بدأت بخططها الترويجية لنفسها، محاولة كسب الأهالي واستغلال ظروفهم.

وتعد الموصل من أكثر مناطق العراق تنافسا للسيطرة عليها من قبل الأحزاب، وتعاني المحافظة من نفوذ تلك الجهات التي هيمنت عليها بعد تحريرها من "داعش"، قبل أكثر من عامين.

وأقدم مدير مدينة الشورة في محافظة نينوى خلد الجار، على اتخاذ قرار بمنع دخول أي شخصية إلى الناحية مهما كانت الصفة التي تحملها من أجل التسويق لأهداف انتخابية. وقال في بيان له نقلته وسائل إعلام محلية عراقية، إنّه "تم توجيه القوات الأمنية بمنع دخول أي شخصية قادمة من خارج المحافظة لتحقيق أهداف انتخابية"، مؤكدا "وجود تحركات من قبل شخصيات سياسية قادمة من خارج المحافظة عمدت إلى زيادة عدد من مدنها في هذه الفترة من أجل كسب ود أهلها للحصول على اصوات الناخبين لا أكثر".

وأشار إلى أنه "لا نحتاج لاستيراد زعامات تظهر قبيل مرحلة الانتخابات وتذهب دون عودة، مخلفة إرباكاً وشرخاً مجتمعياً بين أهالي المدن".
ويقول مسؤولون في مدينة الموصل، عاصمة محافظة نينوى المحلية، إن "مسؤولين في الدولة باشروا منذ الآن تسخير إمكانياتهم من خلال مناصب يشغلونها من أجل دعاية انتخابية لهم مبكرة وبعضها يتم من خلال استغلال حاجة الناس وفقرهم".

وبحسب عضو في مجلس محافظة نينوى فإن أحزابا نافذة في المحافظة وفصائل مسلحة تمتلك اجنحة سياسية لها تعمل حاليا على تعزيز وجودها في الموصل، من أجل الانتخابات وهو ما يفسر رفض فصائل كثيرة الانصياع لقرار هيكلة الحشد والانسحاب من الموصل فيرون أن وجودهم في المدينة كقوة فاعلة على الأرض مهم خلال عملية الاقتراع بالانتخابات المحلية"، مبينا لـ"العربي الجديد" أنّ "تلك الجهات تقوم أيضا بزيارات ميدانية وتلتقي وجهاء وشيوخ المحافظة، وتعمل على استمالتهم بطرق شتى لدعمها انتخابيا، مستغلة نفوذها وإمكاناتها المالية، أو سلطتها ويتورط بذلك قادة بالجيش وضباط شرطة يعملون لصالح جهات محددة".

وأكد أنّ "تلك التحركات أثارت مخاوف أطراف عديدة داخل الموصل، بينها سياسية تجد أن صوت السكان سيغيب بالانتخابات المقبلة، ويفرض عليها صوت من خارجها أو لا يمثلها، لذا فإن مثل تلك القرارات التي اتخذها مدير بلدة الشورة قد تتكرر في مناطق أخرى رغم أن هناك شكوكا بإمكانية تنفيذها على الأرض".

في المقابل، قال عضو التيار المدني في بغداد أحمد الصفار إن على الحكومة في العاصمة أن تكون أكثر وضوحا وتشكل خلايا عمل لمنع استغلال أي مسؤول أو زعيم مليشيا او حزب أموال الدولة وامكانياتها في دعاية انتخابية مبكرة أو استغلال فقر الناس وحاجتهم.

وأضاف الصفار، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الأمر ينطبق على مدن أخرى في الأنبار وكركوك وديالى بدأت فيها حملات مبكرة غير معلنة أو غير مباشرة من خلال مسؤولين أو حتى ضباط أمن محسوبين على أطراف سياسية معينة، من خلال تقديم خدمات للناس يجب أن تكون من صلب واجبهم، لكنهم يستخدمون أسلوبا يجعلون الأمر فيه كبادرة أو إنجاز شخصي لسكان هذه القرية أو تلك البلدة".
الشيخ يوسف الحمداني، وهو أحد أعيان مدينة الموصل دعا وجهاء نينوى ومسؤوليها إلى "منع استغلال حاجة الناس من قبل الراغبين بخوض الانتخابات المحلية المقبلة"، وقال الحمداني لـ"العربي الجديد"، إنّه "يجب الحفاظ على لحمة أهالي الموصل وتعايشهم السلمي، وإنّ ذلك لا يتم إلا من خلال منع بعض الجهات التي تستغل نفوذها بالتأثير على وجهاء المحافظة وكسبهم انتخابيا أو استغلال حاجة الناس"، مبيناً أن "تلك الجهات هي تابعة لأحزاب السلطة التي لم تقدم خيرا للمحافظة، ويجب أن لا تترك لهم فرصة تحقيق أجنداتهم على حساب الأهالي". ودعا من وصفهم بـ"الجهات المسؤولة"، إلى، "أخذ دورها بمنع أي جهة تحاول تنفيذ أجنداتها على حساب الموصل وأهلها"، مشددا على ضرورة "تعميم قرار منع تلك الجهات من دخول بلدات الموصل الأخرى وتنفيذ أجنداتها بها".

وتعاني مدن محافظة نينوى من تعدد الجهات المسلحة التي تتواجد فيها منذ تحرير المدينة من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي؛ فعدا عن قوات الجيش والشرطة والأمن الوطني ووحدات مكافحة الإرهاب، هناك ما لا يقل عن 13 مليشيا مسلحة متعددة التوجهات تنتشر في المدينة وتنشط من خلال ما يعرف بالمكاتب الاقتصادية وتمارس من خلالها اعمالا تجارية وسياسية في بعض الأحيان، عدا عن افتتاح نحو 10 أحزاب مقرات لها في المدينة ومناطق سهل نينوى وجنوب الموصل، وهو ما يعتبره مراقبون بسبب الارتباك الرئيس في ملفها الأمني والاجتماعي وعدم استقرارها اسوة بمحافظة الأنبار التي حررت معها من قبضة التنظيم في الوقت نفسه.
المساهمون