ومن المفترض أن يستمر التجمع ساعتين فقط اعتبارا من الساعة 14,00 (11,00 ت غ) وأن يبقى محصورا في جادة ساخاروف القريبة من وسط العاصمة الروسية، حسب وكالة "فرانس برس".
ومن بين قادة المعارضة الليبرالية، وحدها المحامية الشابة ليوبوف سوبول لا تزال طليقة من غير أن يتم اعتقالها إذ إنها أم لطفل صغير.
ونددت الجمعة خلال مؤتمر صحافي بـ"الترهيب والقمع السياسي" داعية السلطات إلى "وضع حد فوري لهجوم الدولة هذا على المجتمع".
وإن كانت السلطات حرمت المعارضة من قادتها، فإن الكثير من الشخصيات البعيدين أحيانا عن السياسة أعلنوا عزمهم على التظاهر، وبينهم أحد رواد يوتيوب يوري دود الذي تتخطى أحيانا مقاطع الفيديو التي ينشرها عشرين مليون مشاهدة، وأحد أشهر موسيقيي الراب في روسيا أوكسيمورون الذي سيشارك في "أول تظاهرة" له.
وسيسمح الإذن الصادر عن بلدية موسكو بتفادي اعتقالات جماعية كما حصل في الأسابيع الأخيرة، لكن المرشح المستبعد من الانتخابات الرئاسية في العام الماضي، أليكسي نافالني، دعا إلى مسيرة في المدينة بعد التجمع، فيما حذرت الشرطة بأنه سيتم "وقفها فورا".
ومن المقرر تنظيم تجمعات أخرى في عدد من المدن الروسية.
وتبدو الأوضاع السياسية في موسكو على صفيح ساخن على عكس الطقس الذي كان باهتاً طوال الصيف. ويبدو أن معارضي سياسات الكرملين مصرون على الاستمرار في أضخم تظاهرات سياسية منذ شتاء 2011 ـ 2012 رغم استخدام الأجهزة الأمنية القوة المفرطة لفض التظاهرات، وشنّ حملة اعتقالات بحق الداعين للاحتجاجات وقادة المعارضة، ما قد يجبر النخب الحاكمة على إجراء تغييرات في النظام السياسي الحالي لتجنب الأسوأ.
ومع إدراك "المعارضة غير المدجنة" أهمية انتهاز فرصة تراجع شعبية حزب "روسيا الموحدة" الحاكم، والتذمر الشعبي على خلفية تراجع الدخل الحقيقي للمواطنين المستمر منذ خمس سنين، وتباطؤ النمو الاقتصادي، ورفع السن التقاعدية، ركزت المعارضة الليبرالية على انتخابات مجلس النواب المحلي في العاصمة موسكو في 8 سبتمبر/أيلول المقبل، ودفعت بأفضل مرشحيها إلى المعركة.
لكن جميع الترشيحات رُفضت، ما دفع المعارضة إلى القول إن رفض مرشحيها ناجم عن خوف السلطات من اكتشاف شبكات فساد واختلاس داخل إدارة هذه المدينة التي تصل موازنتها السنوية إلى 38 مليار يورو. وفي المقابل، وفي سابقة أثارت حملة انتقادات دولية ومحلية واسعة، قمعت قوى الأمن، والحرس الوطني التظاهرات بوحشية أظهرتها مقاطع الفيديو المسربة، واعتقلت مئات المشاركين في الاحتجاجات "غير المرخصة"، ووجّهت لبعضهم تهما تصل عقوبتها إلى السجن 15 سنة بعد توجيه اتهامات لهم بـ"أعمال شغب جماعية"، وزجت بمعظم قادة المعارضة في السجن.
قمع التظاهرات العنيف واعتقال المعارض البارز أليكسي نافالني في تظاهرات 20 يوليو/تموز الماضي، لم يفلح في إنهاء الاحتجاجات التي ازدادت في 27 من الشهر الماضي و3 أغسطس/آب الحالي.
وذهبت السلطات إلى حدّ توجيه اتهامات بـ"تبييض الأموال" بحق "صندوق مكافحة الفساد" الذي يديره نافالني، ويقف خلف كثير من التحقيقات بشأن الحياة المرفهة والفساد في أوساط النخب الروسية، كان آخرها اتهام مساعدة رئيس بلدية موسكو ناتاليا سرغيونينا باختلاس مليارات الروبلات من الأموال العامة في إدارة رصيد الإسكان الخاص بالبلدية.
ومع أن برلمان موسكو ليس مؤثراً في صناعة القرار في روسيا، يبدو أن الكرملين اتخذ قراراً بالمواجهة الخشنة وعدم السماح للمعارضين بالترشح لأسباب عدة منها؛ الخشية من تكرار تجربة الانتخابات المحلية في المقاطعات والأقاليم العام الماضي، عندما تمكن أكثر من مئتين من مرشحي المعارضة من الفوز بمقاعد في البرلمانات المحلية.
كما تعرض مرشحو السلطة لقيادة ثلاثة أقاليم مهمة لخسارة قاسية أمام مرشحين معارضين في الانتخابات ذاتها. ومع عدم إمكانية التوصل إلى حل وسط، فإما أن يسمح للمرشحين بخوض الانتخابات أو يمنعوا من ذلك، تتراجع إمكانية المناورة لدى صنّاع القرار في الكرملين.
ويبدو أن الخيار كان واضحاً بالمحافظة على صورة الدولة القوية وعدم تقديم أي تنازلات، ولو كانت محدودة للمعارضين لأنها يمكن أن تفتح على تنازلات إضافية قد تربك النظام القائم، الذي يعيش أصلاً أزمة تتجسد في كيفية إدارة البلاد بعد عام 2024، حين تنتهي ولاية الرئيس فلاديمير بوتين الأخيرة بحسب الدستور الحالي.