إيران تلوح بالانسحاب من الاتفاق النووي وتتخطى نسبة تخصيب اليورانيوم

08 يوليو 2019
موسوي: انهيار الاتفاق النووي سيكون مؤسفا للجميع(عطا كانار/فرانس برس)
+ الخط -

بعد يوم من إعلان إيران تنفيذ المرحلة الثانية من تقليص تعهداتها النووية، جددت العديد من التصريحات على المستويين السياسي والعسكري في طهران، التأكيد على المواقف الإيرانية من التوتر مع واشنطن، واحتجاز ناقلة النفط الإيرانية في جبل طارق، وتطورات الاتفاق النووي.

وأعلنت طهران، صباح اليوم الإثنين، تخطيها رسمياً عتبة 3.67 في المائة في تخصيب اليورانيوم.

موسوي: المرحلة الثالثة ستكون أكثر حزماً

في السياق، دافع المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، خلال مؤتمره الصحافي اليوم الإثنين، عن سياسة بلاده في تقليص تعهداتها وتنفيذها المرحلة الثانية منها، مهدداً بأن "المرحلة الثالثة ستكون بعد 60 يوماً والأكثر حزماً وقوة ما لم تنفذ أوروبا تعهداتها".

وجدد موسوي التأكيد على أن "التقليصات الإيرانية تأتي في إطار الاتفاق النووي وللحفاظ عليه"، داعيا الأطراف الأوروبية الشريكة في الاتفاق إلى الوفاء بالتزاماتها.

وأكد أن "جميع الخيارات في خطوات إيران القادمة لتقليص التعهدات مطروحة"، مشيراً إلى أن أحد هذه الخيارات "هو الانسحاب من الاتفاق النووي"، قبل أن يوضح أن بلاده "لم تتخذ قراراً بعد حول ذلك".

وأضاف أن "انهيار الاتفاق النووي سيكون مؤسفا للجميع"، لافتا إلى أن إيران "لن تنتظر كثيرا"، لكنها تأمل أن تتخذ بقية الأطراف خطوة إلى الأمام لتنفيذ التزاماتها.


حراك دبلوماسي

وأشار المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إلى "حراك دبلوماسي" للحفاظ على الاتفاق النووي، قائلا في هذا السياق إنه "قد يزور مستشار الرئيس الفرنسي للشؤون الدبلوماسية إيمانويل بون مرة أخرى طهران قريبا".


وكان بون قد حل بإيران خلال الشهر الماضي في زيارة غير معلنة للتباحث بشأن تطورات الاتفاق النووي وإقناع الإيرانيين بمواصلة كامل تعهداتهم النووية.

وفي رده على سؤال حول رهان إيراني على الصين وروسيا، الشريكتين في الاتفاق النووي، قال موسوي إن "إيران لم تعقد آمالها على أي دولة أو أي أحد، سواء كانت دولا صديقة، مثل الصين وروسيا، أو الدول الأوروبية"، معتبرا أن "المهم بالنسبة لنا هو الوفاء بالوعود في إطار الاتفاق النووي".

وأكد أن الصين وروسيا أيضا شركاء في الاتفاق النووي، وأن "رئيس الجمهورية (حسن روحاني) أرسل لقادتهما رسائل بشأن تقليص التعهدات".

وحول المباحثات التي قال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه اتفق على إجرائها مع روحاني في الخامس عشر من الشهر خلال الاتصال الهاتفي بينهما ليل السبت، عشية انتهاء المهلة الإيرانية، قال موسوي "لا نعلم بهذه المباحثات".

في السياق، ومن دون أن يشير إلى هذا الاتصال أو ماكرون، قال نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، اليوم الإثنين، إن الكثير من قادة الدول الأوروبية طلبوا من الرئيس الإيراني روحاني "منح مهلة لأسبوع آخر".

وأضاف جهانغيري أن "السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل سيكون بداية خطوة جادة"، وذلك في إشارة إلى انتهاء مهلة الستين يوما الإضافية في هذا اليوم، داعيا أوروبا إلى "اغتنام فرصة الشهرين".

ولم يكشف نائب الرئيس الإيراني عن طبيعة الخطوة التي ستتخذها إيران بعد انتهاء المهلة لتقليص تعهداتها.

وكانت إيران قد دشنت، أمس الأحد، المرحلة الثانية من تقليص تعهداتها النووية، بعد انتهاء مهلة الستين يوما، بوقفها تنفيذ تعهد جديد كانت قد التزمت به في إطار الاتفاق النووي المبرم عام 2015، إذ كشفت عن تخطّيها نسبة تخصيب اليورانيوم إلى أكثر من 3.67 في المائة، وهو الحدّ المسموح به في الاتفاق النووي، لكنها أعلنت في المقابل وقف إعادة تشغيل مفاعل أراك لإنتاج المياه الثقيلة، وذلك بعدما كانت قد ذكرت سابقاً أنها ستعيد تفعيله كجزء من تقليص التعهدات خلال المرحلة الثانية.

ومنحت إيران مهلة مدتها 60 يوماً إضافية، قبل أن تقدم على تنفيذ المرحلة الثالثة من تقليص تعهداتها النووية، معربة عن أملها أن "تتوصل إلى حلّ مع الأوروبيين لكي لا تضطر إلى تنفيذ هذه المرحلة".

ورغم تركها الباب مفتوحاً أمام إنقاذ الاتفاق والعودة عن تقليصاتها الحالية واعتمادها نبرة مهادنة متفاديةً التصعيد، إلا أنّ المواقف الدولية، ولا سيما الأوروبية، سارعت إلى التعبير عن القلق من خطوة طهران.

التخصيب: 3.67% في أفق 20%

بدوره، أعلن المتحدث باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية بهروز كمالوندي، أن بلاده تخطت، صباح اليوم الإثنين، عتبة الـ3.67 % في تخصيب اليورانيوم، وهي الحد المسموح به في الاتفاق النووي.

وفيما لم تكشف إيران، أمس الأحد، طبيعة الخطوات التي تتضمنها المرحلة الثالثة من تقليص التعهدات بعد انتهاء مهلة الستين يوما الإضافية في السابع من سبتمبر/ أيلول المقبل، إلا أن كمالوندي كشف اليوم أن من ضمنها رفع مستوى التخصيب إلى 20 في المائة.

وأضاف أن إيران ستواصل سياسة تقليص تعهداتها النووية في فترات زمنية مدة كل منها ستون يوما كمهل للأطراف الأوروبية لتنفيذ مطالب إيران في بيع نفطها وتسهيل معاملاتها المصرفية. ​

مواجهة متعددة الأبعاد

وفي سياق الموقف من التوتر مع واشنطن، قال القائد العام للجيش الإيراني اللواء عبد الرحيم موسوي، اليوم الإثنين، إن بلاده تواجه منذ سنوات "تهديدات معقدة ومتداخلة، بحيث لا يمكن دفع مخاطرها من خلال القدرات الدفاعية والعسكرية فحسب"، مضيفا أن هذه التهديدات "لها أبعاد ناعمة".

وأوضح موسوي، وفقا لما أوردته وكالة "فارس" الإيرانية، أن الاستراتيجية الأميركية في مواجهة إيران تعتمد على ثلاثية "العقوبات والتهديد والحرب النفسية"، قائلا إن هذه الاستراتيجية تركز على استهداف "المجالات الفكرية والإرادة الوطنية للشعب والسلطات".

وأكد أن واشنطن تتبع "خدعة استراتيجية للإخلال بحسابات صناع القرار الإيرانيين".

كما شدد موسوي على أن إيران "لا تسعى إلى الحرب مع أي دولة، لكنها تعلمت كيفية الدفاع عن نفسها بشكل جيد جدا"، مشيرا إلى أن "أي قوة لا يمكنها أن تتخذ قرارا حازما للاعتداء على إيران بسبب قدراتها الصلبة والناعمة".

وحدد هدف العقوبات والتهديدات الأميركية الأخيرة في السعي لـ"إضعاف إرادة السلطات والشعب الإيراني"، مؤكدا أن "ما يحظى حاليا بأهمية استراتيجية هو مواجهة الحرب النفسية للعدو".

حاتمي: سنرد على "القرصنة البريطانية"

وعلى صعيد تطورات احتجاز بريطانيا ناقلة نفط كانت تحمل مليوني برميل من النفط الإيراني في مضيق جبل طارق في الرابع من الشهر الجاري، قال وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي إن "الخطوة البريطانية تتعارض مع القوانين والأعراف الدولية، وهي نوع من القرصنة البحرية".

وأضاف أن بلاده "حاربت دوما القرصنة البحرية"، قبل أن يجزم أنها "لن تتحمل هذا النوع من القرصنة البحرية، وهي لن تمر من دون رد".

وفي هذا الصدد، قال أيضا المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن إيران "تتابع خطواتها السياسية والقانونية بشكل جاد"، مشيرا إلى استدعاء السفير البريطاني لدى طهران مرتين، والتواصل مع دبلوماسيين أوروبيين حول الحادث.


وأضاف: "إننا من خلال محام ووثائق وأوراق كافية نتابع القضية حقوقيا وقانونيا"، لافتا إلى أن الناقلة لم تكن متجهة نحو سورية، "لأن أيا من الموانئ السورية لم تكن صالحة لرسو هذه الناقلة العملاقة".

كما رفض الكشف عن وجهة ناقلة النفط المحتجزة، قائلا "إنني لا أعلم عنها".

ودعا المتحدث باسم الخارجية الإيرانية الحكومة البريطانية إلى الإفراج "فورا" عن الناقلة لمواصلة مسارها، مؤكدا أن بلاده "لن تقبل هذه القرصنة البحرية التي تزيد من التوتر، وقدمنا توصيات كافية في هذا الخصوص".

الملاحة في مضيق هرمز

ومن جانب آخر، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن ضمان أمن الملاحة في مضيق هرمز والخليج "مسؤولية الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، قائلا إن بلاده ستحافظ على هذا الأمن "انطلاقا من مسؤوليتها القانونية".

وفي السياق، أضاف أنه لا يحق للولايات المتحدة الأميركية، التي تبعد آلاف الكيلومترات، الحديث عن ضمان أمن الخليج والمنطقة.