إيران تعتبر اجتماع وكالة الطاقة الذرية "فرصة" لكشف الخروقات... وترحب بـ"جهود فرنسا"

10 يوليو 2019
رحّب موسوي بدور فرنسا في تخفيف التوتر (Getty)
+ الخط -

قالت وزارة الخارجية الإيرانية إنّ اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، اليوم الأربعاء، يمثل "فرصة لنا للكشف عن الخروقات الأميركية والأوروبية" للاتفاق النووي، مرحبة بـ"الجهود الفرنسية لإنقاذ الاتفاق"، وذلك بالتزامن مع زيارة كبير المستشارين الدبلوماسيين للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى طهران، لإجراء محادثات بهدف إنهاء الأزمة.

زيارة بون

ويزور إيمانويل بون، كبير مستشاري ماكرون الدبلوماسيين، إيران، التي وصل إليها فجر اليوم، للقاء مسؤولين إيرانيين، مع تصاعد التوتر بين طهران وواشنطن.

وعقد بون، صباح اليوم، في طهران مباحثات مع أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني، على أن يلتقي بعد الظهر بوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.

وتبين من حوار أجراه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عباس موسوي، مع وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية، ونشرته اليوم، أن مهمة بون تشمل عنوانين مهمين، هما السعي لإنقاذ الاتفاق النووي، وخفض التوتر بين طهران وواشنطن. 

وأعلن موسوي ترحيب بلاده بالجهود الفرنسية لـ"خفض التوتر" مع واشنطن و"إنقاذ الاتفاق النووي"، قائلا إن "فرنسا شريكة في الاتفاق، وجهودها تأتي في إطاره، وذلك من واجباتها للحفاظ عليه".


في المقابل، أكد المتحدث الإيراني أن بلاده "لم تلمس مؤشرات خاصة تظهر أن أوروبا بدأت بتنفيذ تعهداتها"، لافتا إلى أن طهران تواصل سياسة تقليص تعهداتها "حفاظا على حقوقها" من دون أن تغلق أبواب الدبلوماسية.

وأشار المتحدث الإيراني في الوقت ذاته إلى أن "الساعي إلى خفض التوترات عليه أن يكون منصفا ويعالج جذورها"، التي تعتبر طهران أنها تعود إلى الحرب الاقتصادية التي تشنها الإدارة الأميركية عليها بعد انسحابها من الاتفاق النووي.

ونفى المتحدث ذاته أن يكون هدف زيارة بون إلى طهران الوساطة بينها وبين واشنطن، لكنه أكد أنها "تأتي في سياق تخفيض التوترات" بينهما.

وعلّق موسوي على أنباء عن جهود فرنسية لإعادة واشنطن إلى طاولة التفاوض واحتمالات تغيير الموقف الأميركي من الاتفاق النووي، بالقول "إننا نرحب بالجهود الفرنسية في هذه القضايا، لأن الفرنسيين هم شركاء في الاتفاق النووي، ومن واجباتهم العمل لإنقاذه".

وتأتي زيارة مستشار ماكرون على وقع بدء إيران تنفيذ المرحلة الثانية من تقليص تعهداتها النووية، اعتباراً من الأحد الماضي، والتي بموجبها تخطت عتبة الـ3.67 في تخصيب اليورانيوم، وهو الحد المسموح به في الاتفاق النووي، لتعلن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، الإثنين، أنّ إيران بالفعل تجاوزت العتبة لتوصل النسبة إلى 4.5%.

وأوضح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أنه سمع بمقترحات مثل "التجميد مقابل التجميد"، التي تقول مصادر إعلامية إن المبعوث الفرنسي سيقترحها خلال زيارته لطهران، ويعني تجميد إيران خلال هذه المرحلة تقليص تعهداتها النووية مقابل أن توقف واشنطن عقوبات في المجال النفطي، بحيث تمنح إعفاءات لبعض مشتري النفط الإيراني.

واعتبر موسوي أن قناة "إنستكس" المالية الأوروبية "قد تكون من المواضيع التي تناقش" خلال زيارة مستشار الرئيس الفرنسي، مشيرا إلى أن بلاده "أكدت للجانب الأوروبي أن هذه القناة مقدمة لتنفيذ التعهدات الأوروبية".

وأعلنت الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) أخيرا، خلال مباحثات اللجنة المشتركة للاتفاق النووي في فيينا، تدشين "إنستكس" للتجارة مع إيران في "السلع الإنسانية" من دون أن تشمل السلع المحظورة أميركيّاً.

وبشأن زيارة المبعوث الفرنسي، قال وزير الخارجية الإيراني إن "موقف إيران من الاتفاق النووي واضح، وهو أنها عملت في إطاره، والمشكلة تكمن في الجانب الأوروبي الذي ليس مستعدا لدفع الثمن لأمنه".

وأضاف ظريف "المشكلة الرئيسة هي أن أميركا انسحبت من الاتفاق النووي، وعلى الأوروبيين حل هذه المشكلة".

وأضاف أن بلاده تمارس حقوقها، وأن "الحل يكمن في وقف الإرهاب الاقتصادي ضد الشعب الإيراني"، وذلك في إشارة إلى العقوبات الأميركية.

وحول التفاوض مع واشنطن، أكد وزير الخارجية الإيراني على موقف بلاده الرافض لأي مفاوضات معها، مضيفا "لا إمكانية للتفاوض تحت الضغط"، قبل أن يدعوها إلى "وقف الضغوط والحرب الاقتصادية".


وعلّق ظريف على مواصلة بريطانيا احتجاز ناقلة النفط الروسية "غريس 1" التي كانت تحمل مليوني برميل من النفط الإيراني في مضيق جبل طارق، بوصف التصرف البريطاني بأنه "قرصنة".

واتهم ظريف بريطانيا باحتجاز الناقلة "تنفيذا للحظر النفطي الأميركي على إيران"، معتبرا أن ذلك يمثل "خرقا لتعهداتها بموجب الاتفاق النووي، لأنه جاء بالنيابة عن أميركا".

ونفى وزير الخارجية الإيراني أن تكون السفينة متجهة نحو سورية، مضيفا أن "بريطانيا قامت باحتجازها نيابة عن الفريق باء (مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، ووزير حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو)، وأن ذلك خرق كبير للاتفاق النووي".

بدوره، وصف الرئيس الإيراني حسن روحاني الدعوات الأميركية للتفاوض بأنها "مخادعة وغير صحيحة وخاطئة"، مشترطا للتفاوض مع واشنطن "إلغاء العقوبات والاعتذار من الشعب الإيراني وتنفيذ التعهدات". وأضاف روحاني أنه في حال تجاوبت واشنطن مع هذه الشروط الإيرانية "ستكون هناك ظروف مختلفة".

وخاطب الإدارة الأميركية بالقول "إذا كنتم ترون حل الأوضاع الراهنة بالتفاوض، فعليكم أن تلغوا العقوبات وتنفذوا التعهدات"، وذلك في إشارة إلى الاتفاق النووي. ​

إلى ذلك، وصف الرئيس الإيراني احتجاز بريطانيا ناقلة النفط الروسية التي كانت تحمل النفط الإيراني في جبل طارق، بأنه "تصرف صبياني وسخيف"، مؤكدا أن بريطانيا "بدأت تضرب أمن الملاحة البحرية، ومن خلال ذلك ستدرك تبعات احتجاز الناقلة".

اجتماع الوكالة الدولية للطاقة الذرية

واستبقت تصريحات المسؤولين الإيرانيين الاجتماع الطارئ للوكالة الدولية للطاقة الذرية، المرتقب اليوم الأربعاء، بناءً على طلب الولايات المتحدة، لعرض ما تعتبره "انتهاكات إيران" للاتفاق النووي الذي وقّع عام 2015.

حول دعم محتمل من دول عدم الانحياز لموقف إيران خلال اجتماع الوكالة، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إن "دول عدم الانحياز، سواء في الجمعية العامة للأمم المتحدة أو الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفي مجاميع أخرى، تتبع سياسة واحدة وتدافع عن الحق".

ووصف موسوي دعوة واشنطن إلى عقد هذا الاجتماع بأنها "نكتة مريرة"، لكونها انتهكت الاتفاق النووي وانسحبت منه.

من جهته، اعتبر الرئيس الإيراني، خلال اجتماع لحكومته اليوم، دعوة واشنطن لعقد اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنها "قصة مضحكة"، مشيرا إلى التصريحات الأميركية ضد بلاده بعد تقليص تعهداتها النووية، وقال إن "أميركا من جهة تعتبر الاتفاق النووي سيئا للغاية وتنسحب منه، ومن جهة أخرى تطالب إيران بالالتزام به".

وفي السياق، أشار إلى رفع إيران مستوى تخصيب اليورانيوم ليتخطى حاجز الـ3.67 في المائة، وهو الحد المسموح به في الاتفاق النووي، متسائلا "إذا كان تخصيب اليورانيوم يمثل عملا سيئا، فلماذا تقومون أنتم بذلك؟".

وأضاف أن "الدولة الوحيدة التي خصبت اليورانيوم لأغراض سيئة واستخدمت السلاح النووي، اليوم تنصح الآخرين وتظهر بمظهر مصلح"، وذلك في إشارة إلى الولايات المتحدة.

وأضاف أن بلاده "تتحرك في إطار الاتفاق النووي ولم تنتهكه"، مشيرا إلى أنها أمهلت 14 شهرا، وبعد رفع مستوى تخصيب اليورانيوم منحت أيضا مهلة لشهرين آخرين للأطراف الأوروبية لتنفيذ تعهداتها. ​

وهدد الرئيس الإيراني بأن الخطوات القادمة لبلاده في تقليص تعهداتها "ستكون متدرجة، لكنها تتخذ منحى تصاعديا"، مؤكدا في الوقت نفسه أن "هدف إيران هو الحفاظ على الاتفاق النووي".

وعلى صعيد متصل، قال المبعوث الأميركي الخاص بإيران براين هوك، لقناة "الجزيرة" الفضائية، إن بلاده تسعى إلى اتفاق مع إيران يحظى بموافقة الكونغرس ليحل محل الاتفاق النووي المبرم في 2015، مضيفا أن واشنطن قد تفرض عقوبات جديدة على إيران.

وكانت الولايات المتحدة قد طلبت عقد الاجتماع، بعدما تجاوزت طهران الحدّ المسموح به في الاتفاق لمخزونها من اليورانيوم المخصب.


وطالبت البعثة الدبلوماسية الأميركية في فيينا بعقد هذا الاجتماع لممثلي الدول الـ35 في مجلس المحافظين، لـ"مناقشة أحدث تقرير للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية"، الذي أكد في وقت سابق أنّ إنتاج إيران تجاوز 300 كيلوغرام من اليورانيوم ضعيف التخصيب.

وشددت البعثة على "ضرورة أن يقدم المدير العام عرضاً شاملاً وواقعياً للأنشطة الإيرانية، وكل التغييرات التي تطرأ عليها".

والوكالة الدولية للطاقة الذرية مسؤولة عن التحقق من وفاء طهران بالالتزامات التي أعلنتها حيال المجتمع الدولي في تموز/ يوليو 2015 في فيينا، عبر اتفاق يضمن الطبيعة السلمية لأنشطتها النووية.

ورداً على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في مايو/ أيار 2018، بانسحاب بلاده من جانب واحد من هذا الاتفاق، وإعادة فرض العقوبات على إيران، أعلنت طهران أنّها تعتزم الانسحاب تدريجياً من التزاماتها إذا كانت الدول الأخرى التي وقّعت الاتفاق (ألمانيا والصين وفرنسا وبريطانيا وروسيا) لا تساعدها في تجنب العقوبات والخروج من عزلتها الاقتصادية.

المساهمون