وصنّف الادعاء العام الجريمة بأنها اغتيال سياسي ذو خلفيات يمينية متطرفة، فيما بات المشتبه به قيد التوقيف الاحتياطي ويخضع للتحقيق بعدما عثر على حمضه النووي في موقع الجريمة التي حدثت في 2 يونيو/ حزيران الحالي في ولاية هيسن، وقد نفذها الموقوف قتلاً بالرصاص من على شرفة منزله.
هذه المستجدات جعلت وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر، يحذّر في مقابلة صحافية مع مجموعة "فونكه" الإعلامية، أخيراً، من أنّ التطرف اليميني أصبح خطراً حقيقياً، معلناً العمل على تكثيف مواجهته، وواضعاً تهديدات اليمين من "مواطني الرايخ"، على قدم المساواة مع "الإرهاب الإسلاموي".
وذكرت شبكة "إيه آر دي" الألمانية أخيراً، أنّ المشتبه به تواصل هذا العام وبشكل مكثّف مع جماعات من اليمين المتطرف، وشارك أواخر مارس/ آذار الماضي في اجتماع لأعضاء من المنظمات النازية الجديدة. كما تم تصويره مع أعضاء بمنظمة "كومبات 18"، التي تعتبر نفسها الفصيل المسلح لشبكة النازيين الجدد. كذلك، أفاد موقع "تي أونلاين" الألماني بأنّ أعضاء من المنظمة قاموا بتدريبات على إطلاق النار والقتال، بالقرب من الحدود التشيكية. ووفقاً للموقع نفسه، فإنّ المنظمة تمّ إنشاؤها عام 2013 ويقيم أعضاؤها في ولايات هيسن وشمال الراين ــ وستفاليا وتورينغن وبافاريا وبادن فورتمبرغ وسكسونيا السفلى.
وكانت وزارة الداخلية في ولاية شمال الراين ــ وستفاليا قد أوضحت أخيراً، وبعبارات أكثر واقعية وحسماً، خطر المنظمة، وذلك في ردّ على طلب إحاطة لحزب "الخضر" بهذا الشأن، إذ أبرزت الوزارة حيازة المنظمة للأسلحة وقيامها بأعمال وارتكابات عنف فردية.
وفي الوقت الذي يعود فيه للسلطات القضائية الحسم في ما إذا كانت هذه المنظمة إرهابية، وفقاً للمادة 129 من القانون الجنائي، يطالب الحزب الليبرالي الحرّ واليسار بإعادة بتقييمها وتسريع حظرها، علماً أنّ الداخلية الاتحادية كانت تعتبر أنه لا يوجد لديها أي أساس قانوني ملزم لحظر المنظمة في ألمانيا، على الرغم من تحذيرات العديد من المراقبين للمشهد اليميني المتطرف في البلاد من خطرها. وأكد وزير الداخلية الاتحادي هورست زيهوفر أنه سيتم تعزيز عمل السلطات الأمنية بشكل كبير لمكافحة التطرف اليميني، لافتاً إلى أنّ جريمة قتل لوبكه دفعته لبذل الجهود كافة لرفع مستوى الأمن، ليشمل حماية المواطنين والمؤسسات من كافة المستويات. وشدّد على أنه "من الواجب أن نفعل ما في وسعنا لحماية المواطنين الذين يتعرضون للتهديد وإلى الفتنة والإهانة والتشهير"، داعياً الجميع للعمل بشكل أفضل ضدّ الكراهية، وخصوصاً على الشبكة الإلكترونية، إذ تخضع التهديدات التي تطلق عبرها أيضاً للملاحقة القانونية، لا سيما في ظلّ ما قد يصدر من تحريض قد يؤدي إلى القتل.
وشدّد زيهوفر على أنه "إذا تمّ التثبت من المعلومات بمقتل المسؤول في كاسل جراء جريمة يمينية متطرفة، فإننا سنكون أمام تطوّر بالغ الخطورة، ووزارة الداخلية ستقيّم الواقع المستجدّ. كما سيتحقّق مكتب الشرطة الجنائية من الاتصالات المحتملة للمشتبه به في قضية القتل، ليبنى على الشيء مقتضاه، عملاً بمبدأ الشفافية الكاملة".
بدورها، رأت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، السبت الماضي، خلال مشاركتها في دورتموند في "يوم الكنيسة" البروتستانتية، أنّ ما جرى مع سياسي حزبها "لا يتعلّق بعمل مريع فحسب، وإنما يمثّل أيضاً تحدياً كبيراً يواجهنا"، مشددةً على أهمية إعادة النظر على كل المستويات، في ظلّ وجود ميول يمينية متطرفة"، مؤكدةً على أهمية مكافحة هذا التطرف من دون أي محرمات. كما أكّدت ميركل على "ضرورة مكافحة حركة النازيين الجدد"، قائلةً إنّ "الحكومة ستأخذ الأمر بكثير من الجدية، والدولة مطالبة بالتدخل على أكثر من مستوى".
وفي الإطار ذاته، كان مقال وزير الخارجية هايكو ماس، السبت الماضي، الأكثر حدة، إذ دعا فيه للاحتجاج ضدّ اليمينيين المتطرفين و"لنظهر أننا أكثر عدداً من هؤلاء الأشخاص المعادين للسامية والذين يريدون تقسيم المجتمع". ولفت إلى أنه "وبعد مرور 80 عاماً على الحرب العالمية الثانية، يقع السياسيون مرة أخرى ضحايا الإرهاب اليميني المتطرف بسبب قناعاتهم السياسية والتزامهم تجاه بلدهم... كل هذا يظهر ما الذي يغضّ الكثيرون النظر عنه، وهو أن ألمانيا تعاني من مشكلة مع الإرهاب".
ولم تمر الجريمة مرور الكرام في المجتمع الألماني وتحديداً حيث وقعت، إذ عمّت موجة من الغضب كاسل وخرجت، السبت، مسيرات احتجاجاً على عنف اليمين المتطرف، تلبية لدعوة أكثر من 60 جمعية، وذلك للتعبير عن الغضب لمقتل الرئيس المحلي للمدينة المعروف بتأييده وتعاطفه مع اللاجئين. ودعت الجمعيات إلى حلّ منظمة "كومبات 18" التي تفيد المعطيات الأولية بأنها ضالعة في عملية الاغتيال.