تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية هجمات تنظيم "ولاية سيناء"، الموالي لتنظيم "داعش" الإرهابي، في موجة جديدة استهدفت قوات الأمن المصرية، في تكرار لـ"موسم رمضان" الذي يرى فيه التنظيم فرصة سانحة لتنفيذ الهجمات وإيقاع الخسائر البشرية والمادية في صفوف الأمن. ما يُظهر حجم الفجوة في المشهد الأمني في محافظة سيناء، التي تشهد عملية عسكرية واسعة النطاق، بدأت في فبراير/ شباط 2018، من دون أن تحقق النتائج المرجوة منها، على الرغم من القدرة العسكرية الفائقة التي جرى استخدامها على مدار أكثر من عام كامل. وفي تفاصيل المشهد، كشفت مصادر قبلية لـ"العربي الجديد"، أنه "منذ منتصف شهر رمضان الحالي تعرّضت قوات الأمن للعديد من الهجمات المتنوعة من ناحية المكان وطبيعة القوة المستهدفة، فضلاً عن الزمان وشكل الهجوم. ما أدى إلى إحداث غالبيتها تأثيرات سلبية واضحة، وأوقعت خسائر بشرية ومادية فادحة في صفوف قوات الأمن، خصوصاً الجيش، الذي ردّ بشنّ غارات جوية وقصف مدفعي مكثف طيلة الأيام الماضية، على مناطق متفرقة من مدن رفح والشيخ زويد والعريش، في رد معتاد بعد كل سلسلة هجمات دموية يتعرض لها".
واهتم التنظيم المسلح بنشر أخبار الهجمات التي شنها ضد قوات الأمن، عبر وكالة "أعماق" التابعة للتنظيم الأم "داعش"، بشكل سريع، في أعقاب وقوع كل هجوم، مع ذكر تفاصيل مقتضبة عن طبيعة الاستهداف، وحجم الخسائر، ومكان الاستهداف، والتي كانت تتوافق مع معلومات المصادر الطبية والقبلية في سيناء، والتي كانت تتبعها هجمات من الطيران الحربي والقصف المدفعي. وهي في غالبيتها لمناطق مفتوحة، أو منازل تم تهجير سكانها خلال السنوات الماضية، ضمن إجراءات التهجير القسري الذي تعرّض له آلاف المواطنين في مدينتي رفح والشيخ زويد، منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2014، في أعقاب هجوم كرم القواديس، غرب مدينة الشيخ زويد.
وعن حجم الخسائر في صفوف الجيش والشرطة خلال الأيام القليلة الماضية، قال مصدر طبي في مستشفى العريش العسكري إنه "منذ نحو 10 أيام، سقط أكثر من 16 عسكرياً وأصيب آخرون، بينهم ضباط، في عمليات تراوحت بين قنص وتفجير آليات وعبوات ناسفة. ما أجبر الجيش على نقل غالبية الإصابات لتلقي العلاج في المستشفيات العسكرية في القاهرة والإسماعيلية. في المقابل، تركزت الهجمات على أطراف مدينة العريش، وجنوب الشيخ زويد، وجنوب مدينة رفح وغربها، بينما لم يجرِ نقل أي جثة لقتلى من أفراد التنظيم الإرهابي كما جرت العادة".
وأضاف أن "قيادة عمليات الجيش المصري اعتادت على هذا المشهد الذي يتكرر كل عام، من دون إمكانية السيطرة عليها، أو منع الهجمات، في ظل انتشار التنظيم في مناطق واسعة من سيناء، وتغييره في أساليب الهجمات وطبيعتها. ما يزيد الإرباك في صفوف قوات الأمن، ويبقيها عاجزة أمام هجمات التنظيم. وهذا من شأنه زيادة شهية التنظيم لتنفيذ المزيد من العمليات خلال الأيام العشرة الأخيرة من رمضان، ما يستدعي زيادة في احتياطات الأمان لدى قوات الجيش، بدلاً من الوقوع كفرائس سهلة أمام هجمات التنظيم. مع الإشارة إلى أن العملية العسكرية الشاملة خففت من حدة الهجمات في رمضان الحالي".
ويشنّ الجيش المصري عملية عسكرية واسعة النطاق منذ فبراير 2018، بهدف إحكام السيطرة على محافظة شمال سيناء، في أعقاب انتشار تنظيم "ولاية سيناء" بشكل كبير في كافة مدن المحافظة، وشنه مئات الهجمات ضد قوات الجيش والشرطة، من دون القدرة على كبح جماح الهجمات، إلا أن القوات العسكرية التي جرى حشدها في المحافظة، والقصف الجوي الدائم، كان لهما الأثر الكبير في إعادة السيطرة الأمنية بشكل نسبي على المحافظة، والتقليل من حجم الخسائر في صفوف قوات الجيش والشرطة، بعد انخفاض عدد هجمات التنظيم.