مؤشرات معركة أميركية ضد إيران في ريف دير الزور

24 ابريل 2019
من غير المرجّح مشاركة "قسد" في القتال(دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
تتوالى المؤشرات الدالّة على وجود نية لدى الولايات المتحدة، التي تقود "التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش"، لطرد المليشيات الإيرانية الموجودة على الحدود السورية العراقية، والمتمركزة في مدينة البوكمال السورية، وذلك بمشاركة من الفصائل الموجودة في قاعدة التنف، جنوب البوكمال بنحو 250 كيلومتراً، وعلى رأسهم "جيش مغاوير الثورة"، إضافة إلى "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، المُسيطرة في شرقي الفرات. في السياق، كشف أحد قياديي "جيش مغاوير الثورة"، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن "تداول تسريبات حول وجود احتمال للتحرك باتجاه المليشيات الإيرانية في دير الزور، في كامل منطقة الشامية (بريف دير الزور، جنوب نهر الفرات، التابعة للنظام)، لكن موعد هذا التحرك وشكله غير معروف بعد"، لافتاً إلى أن "الإمكانية والقدرة متوفران لدى جيش مغاوير الثورة لفتح معركة ضد المليشيات الإيرانية، مع توفر السلاح الثقيل والعتاد المطلوب".

وأوضح أنه "من المتوقع أن تكون المعركة ضد المليشيات الإيرانية كبيرة، وستشارك في المعركة، إن انطلقت، الفصائل الموجودة في المنطقة إلى جانبنا، وهي جيش أسود الشرقية، وقوات الشهيد أحمد العبدو، وشهداء القريتين، وأحرار العشائر"، مضيفاً أن "جيش مغاوير الثورة فتح باب التطوع في صفوفه، ومن المقرر استيعاب جميع الشبان المتقدمين للتطوع عبر فتح دورات تمتد لمدة 15 يوماً، يكون في صفوفها ما بين 50 إلى 75 متطوعاً".

وأعرب القيادي في "جيش مغاوير الثورة" عن اعتقاده بأن "قرار التحرك لطرد المليشيات الإيرانية جدّي، وأن المسألة مسألة وقت"، مشيراً إلى أن "هناك فصائل عربية ضمن قسد في الطرف الآخر من نهر الفرات، قد تشارك في العمليات العسكرية، مثل المجلس العسكري في دير الزور، وهناك تنسيق بينها وبين المغاوير". وحول احتمال مشاركة القوات الكردية التي تشكل الثقل الأساسي لـ"قسد" في المعركة، إذا ما اندلعت، نفى امتلاكه معلومات عما إذا كان هناك اتصال بقيادتها.

وكشفت معلوماتٌ متقاطعة من ناشطين في منطقة الـ"55"، المسيطر عليها من قبل التحالف الدولي، وتضم قاعدة التنف الدولية ومخيم الركبان للنازحين السوريين، عن أن "جيش مغاوير الثورة" نفّذ أخيراً بالتعاون مع القوات الأميركية الموجودة في قاعدة التنف مناورات عسكرية عدة تضمنت التدريب على أسلحة ثقيلة، من بينها صواريخ أرض - أرض متوسطة وقصيرة المدى، تحاكي أهدافاً افتراضية.

وعلى الطرف الشرقي من نهر الفرات، الخاضع لسيطرة "قسد"، يبدو أن حراكاً مشابهاً يتم التحضير له، على غرار ما يجري في مخيم الركبان، إذ أفادت مصادر محلية سياسية في شرق الفرات، طلبت عدم الكشف عن هويتها، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "قسد استقبلت بعد سيطرتها على الباغوز، كميات من العتاد والأسلحة الأميركية، إضافة إلى أنها وسعت من حملتها في تجنيد الشباب".

ولفتت المصادر إلى أن "بعض التوقعات كانت تميل إلى أن قسد تستعد لمواجهة أي عملية عسكرية قد تشنها تركيا، التي تتوعّد الأكراد وتطالب بمنطقة آمنة على الحدود السورية التركية، لكن اليوم يبدو أن وجهتها قد تكون بالاتجاه المعاكس، لطرد المليشيات الإيرانية التابعة للحرس الثوري الإيراني (المصنّف أخيراً من واشنطن منظمة إرهابية) والتي حوّلت مدينة البوكمال موقعاً لها". وأضافت المصادر أن "مشروع قطع الطريق من إيران عبر العراق إلى سورية ولبنان، هو الذي دفع الأميركيين للبقاء بقاعدة التنف، حتى عقب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه على سحب قواته من سورية". وتراجع ترامب عن قراره لأهمية القاعدة في البادية السورية والطرقات الحيوية في المنطقة.


وأضافت المصادر نفسها أن "الروس، الذين تعتبر البادية منطقة نفوذ عسكري لهم، لم ينجحوا بمهمة عرقلة الطريق الذي تسعى إيران لإنشائه من أراضيها باتجاه لبنان، الأمر الذي سيضطر أميركا لدفع حلفائها على الأرض ودعمهم للقيام بالمهمة". وأعربت المصادر عن اعتقادها بأن "تسارع الأحداث أخيراً والإعلان عن فتح المنفذ الحدودي بين البوكمال السورية والقائم العراقية، والحديث عن مد سكة حديدية تربط طهران بدمشق، سيعجل بالتحرك الأميركي".
وذكرت تقارير قبل أيام أن مسلحين هاجموا خلال الليل، مواقع لقوات النظام والمليشيات الإيرانية بالقرب من منطقة ‏الحزام، على أطراف البوكمال، حيث شهدت المنطقة اشتباكات عنيفة من جهة جسر قرية السويعية. وفي التفاصيل، فإن المليشيات الموجودة عند جسر السويعية أطلقت النار بمختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة ‏باتجاه قرية الباغوز في الضفة المقابلة بالجزيرة، المسيطر عليها من قبل "قسد"، فيما شهدت المدينة استنفاراً أمنياً غير مسبوق في مدينة البوكمال. ‏وتجوّلت المليشيات الإيرانية في شوارع المدينة بالسلاح الكامل، كما شوهد مقاتلو مليشيا فاطميون وحركة النجباء في منطقة الكورنيش في البوكمال مع أسلحتهم الثقيلة، وقامت المليشيات بتعزيز نقاطها على أطراف المدينة بالمقاتلين والأسلحة الثقيلة، في حين أغلقت مليشيا "حيدريون" جميع منافذ حي الكتف في المدينة، والمتجه إلى البساتين والنهر.

مع العلم أنه سبق للمليشيات الإيرانية المنتشرة في ريف دير الزور، أن تعرّضت لضربات جوية عدة من طيران التحالف، كان آخرها الأسبوع الماضي، إذ شنّت طائرات حربية غارات جوية، مستهدفة قصر نواف الفارس، في ريف دير الزور الشرقي، أثناء إقامة حفل تخريج دفعة من عناصر مليشيا النجباء العراقية، من دون معرفة حجم الخسائر.

كما تحدثت صفحاتٌ محلية في دير الزور، على مواقع التواصل الاجتماعي، عن استهداف قوات التحالف لقافلة محروقات متجهة من مناطق سيطرة "قسد" إلى مناطق سيطرة النظام في دير الزور، في ظل معلومات وصلت إلى "العربي الجديد"، عن "امتناع قسد توريد النفط إلى مناطق النظام، بطلب أميركي، الأمر الذي فاقم أزمة الوقود في مناطق النظام بعموم سورية".

من جهته، اعتبر المحلل العسكري العميد أحمد رحال، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الحديث عن هجوم أو تحرك عسكري ضد المليشيات الإيرانية في ريف دير الزور، تحديداً في منطقة البوكمال، ما زال ضمن قراءة المؤشرات، إذ لا معلومات عن صدور أوامر تخص بدء التحرك، أو أمر عملياتي تم الإعلان عنه". لكنه أشار إلى أن "المعطيات الواردة وبعض التسريبات تفيد بأن هناك تحضيرات عسكرية في حقل العمر، فضلاً عن فتح باب التطوع لبعض الفصائل، التي يتم تداول أسمائها كمشاركة في العملية العسكرية، وذلك في ظل تقارير دولية عن توافق روسي أميركي على اجتثاث الوجود الإيراني في سورية".

وأعرب رحال عن اعتقاده بأن "هذه الأنباء لها مدلولات بأن الروس توصلوا إلى قناعة مطلقة بأن الوجود الإيراني لن يكون يوماً عاملاً في طرق الحلّ، بل هو عامل قادر على تخريب كل الحلول، فضلاً عن أن هناك توافقات أميركية روسية منذ سنوات عدة على أن يكون هناك تفويض غربي لروسيا، يتضمن إنهاء الصراع مقابل إخراج إيران من سورية مع كل أتباعها".

وتابع "رأينا كيف أصبح هناك تقييد لدعم المعارضة السورية بالسلاح، وتم إيقاف الدعم مقابل ذلك الاتفاق. بالتالي إن على روسيا أن تفي بالتعهّد الذي ألزمت نفسها به، ومن مصلحة الروس أن يكونوا وحدهم مع الأميركيين، إلى جانب تركيا إذا أضيفت إلى الطاولة، أما إيران فهي غير مقبولة". ولفت إلى أن "المشكلة تكمن في أن إيران تغلغلت بشكل كبير في سورية، وهذه الغلطة التي ارتكبها الغرب والروس، فقد تغلغل الإيرانيون في عمق الدولة السورية، في عمق المؤسسات، وحتى في الجسم السوري الثقافي والاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى مراكز البحوث ومعامل الدفاع وغيرها، حتى أصبح العنصر الإيراني يصدر الأوامر".

وذكر أن "المعطيات تشير إلى أن العمل العسكري سيكون من الحدود السورية العراقية، وقد أُعلن أن أهداف الوجود الأميركي في سورية هي ثلاثة: أولها استئصال الإرهاب، والثاني إخراج إيران من سورية، والثالث إنتاج حل يرضي السوريين ومستدام. واليوم يبدو أنهم بدأوا بالعمل على الهدف الثاني عقب الإعلان الانتصار على داعش، وبالطبع هذه الأهداف يعمل عليها الروس والإسرائيليون".

المساهمون