وبعد ظهر اليوم الاثنين، توافد المئات إلى ساحات التظاهر، حيث شهدت ساحات التحرير والخلاني والوثبة، وسط العاصمة، تظاهرات غاضبة، حمل فيها المتظاهرون لافتات تندد بحملات الاغتيال التي طاولت المتظاهرين، وعدم جدية الحكومة في التحقيق والكشف عن الجهات التي تقف وراءها.
ولم تخل التظاهرات، من إطلاق لقنابل الغاز عن بعد من قبل عناصر الأمن، الذين حاولوا إرعاب المتظاهرين ومنعهم من الاقتراب نحو الحواجز الفاصلة بينهم وبين الأمن، ما تسبب بتسجيل عدد من حالات الاختناق بصفوف المتظاهرين في ساحة الوثبة، تم نقلهم إلى مستشفى قريب.
ووفقاً للناشط المدني، فراس السهيلي، فإن "محاولات الاغتيال زادت في صفوف المتظاهرين اليوم بشكل كبير"، وقد حمل المتظاهرون لافتات كتبت عليها عبارات "اغتيالاتكم لا تنهي تظاهراتنا" و"تظاهراتنا تستمر بدماء الشهداء".
وأكد السهيلي، لـ"العربي الجديد"، أن "موجة التظاهرات المسائية لهذا اليوم، عكست قوة وإرادة الشباب العراقي، الذي لا يخشى الغدر ولا يخشى القمع"، داعياً الحكومة إلى "مراجعة حساباتها وتحمل مسؤولية التحقيق والكشف عن الجهات التي تقف وراء عمليات الاغتيال".
وفي محافظات الجنوب العراقي، وفي كربلاء تحديداً، شهدت ساحة الاعتصام وسط المدينة، تشييع جثمان الناشط المغدور فاهم الطائي، والذي تم اغتياله، أمس الاثنين، على يد مسلحين مجهولين في المدينة، وقد حمل المتظاهرون صور الناشط مع نعشه وصور قتلى التظاهرات، محملين الحكومة مسؤولية تلك العمليات.
من جهته، أكد مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في محافظة كربلاء، ماجد المسعودي، "توثيق عدد من محاولات الاغتيال واستهداف للناشطين في المحافظة". وقال المسعودي في تصريح لإذاعة عراقية محلية، إن "جميع محاولات الاغتيال التي طاولت الناشطين موثقة لدى مكتبنا، وسيتم رفعها بكتب رسمية الى الجهات المعنية في الحكومة المركزية ببغداد". ولم يكشف المسؤول عن أعداد الناشطين المغدورين.
كذلك، شهدت محافظة ميسان ومركزها مدينة العمارة، بعد ظهر اليوم الاثنين، تشييعاً رمزياً لقتلى التظاهرات والمغدورين بعمليات الاغتيال، وسط أجواء من الغضب الشعبي الذي عمّ الساحة، التي شهدت توافد مسيرات طلابية احتجاجية، بينما أحاط بهم عناصر الأمن.
كما شهدت محافظة القادسية ومركزها الديوانية، مسيرات لمئات الطلاب داخل ساحات التظاهر، والذين نددوا بالاغتيالات، ولم يختلف الحال في محافظتي المثنى والبصرة.
بدورهم، أكد سياسيون أن طرق تنفيذ عمليات الاغتيال التي تستهدف الناشطين تكشف عن الجهات التي تنفذها.
وقال النائب فائق الشيخ علي، في تغريدة على "تويتر"، إن "الاغتيالات المروعة التي ترتكب بحق الناشطين والمتظاهرين تتطلب تشخيصاً ومراقبة ورصداً، وجمع معلومات ومتابعة للضحية، وتهيؤاً واستعداداً وتفرغاً، ورامياً محترفاً، وانقضاضاً على الهدف وتأمين هروب القاتل المدرب، فضلاً عن شروط أخرى".
وأكد أن "هذه الشروط كلها لا يقوم بها فرد، بل تقوم بها مليشيات مسلحة".
Twitter Post
|
إبعاد "الحشد"
في الأثناء، اتخذت الحكومة العراقية قراراً بمنع مليشيا "الحشد الشعبي" من التدخل بالملف الأمني، وعدم الاقتراب من ساحات التظاهر، فيما انتقد ناشطون الصمت إزاء الجرائم التي ترتكبها فصائل تابعة لـ"الحشد" ضد المتظاهرين.
وجاء القرار بعد موجة انتقادات تعرضت لها الحكومة، إثر اعتداءات وهجوم مسلح من قبل فصيل مرتبط بمليشيا "الحشد"، نفذ ليل الجمعة على ساحة تظاهر الخلاني وسط بغداد، والذي أوقع 20 قتيلا و130 جريحا من المتظاهرين.
وكانت الحكومة قد حاولت خلال اليومين الماضيين إبعاد الشبهة عن الحشد، وأكدت على لسان المتحدث العسكري باسمها، أن "الحشد لا يمكن أن يتورط بهذه الجريمة"، متهمة "بعض الدول بمحاولة التسويق لهذا الموضوع، وأن تربطه بالتظاهرات، لأجل استهداف الحشد".
وخلال تصريح له، مساء اليوم، قال المتحدث العسكري باسم الحكومة، اللواء الركن عبد الكريم خلف، إن "أوامر عليا صدرت إلى الحشد الشعبي بعدم القيام بأي فعالية من دون توجيهات القائد العام للقوات المسلحة وقيادة الحشد".
وأضاف أن "التعليمات تتضمن أيضاً بقاء قوات الحشد الشعبي في أماكنها كما كانت قبل التظاهرات، وألا تتحرك إلا بأمر من القائد العام للقوات السلحة، كذلك صدور أوامر لها بعدم التدخل بأي عملية تخص التظاهرات".
وتًتهم مليشيا "الحشد الشعبي" بارتكاب جرائم الخطف والاغتيال التي تستهدف المتظاهرين، والتي تصاعدت وتيرتها أخيرا، وسط انتقادات للسلطة القضائية التي لم تحرك ساكنا إزاءها.
وقال ناشط مدني، لـ"العربي الجديد"، إن "فصائل تابعة للحشد تسعى لإنهاء التظاهرات بكل قوتها، من خلال عمليات الخطف والاغتيال ومهاجمة التظاهرات ومحاولات تسويفها، تحركاتها تأتي بتوجيه مباشر من إيران"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "الكثير من القضايا تم رفعها من قبل ذوي القتلى والمخطوفين ضد فصائل الحشد، وتم تقديم أدلة ثبوتية معها، لكن السلطة القضائية تغض الطرف تجاهها".
وأوضح أن "استمرار تجاهل السلطة القضائية لتلك الجرائم، يضعها بدائرة التواطؤ مع الجهات الإجرامية، إذ أن عدم تطبيق القانون يعد تشجيعا للمجرمين لتنفيذ جرائمهم"، داعياً المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان إلى "التدخل ووضع حد لذلك الصمت إزاء المليشيات المنفلتة".