قال وزير الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة، اللواء سليم إدريس، لـ"العربي الجديد"، مسائ الثلاثاء، إنّه "عقد اجتماعاً في سورية مع قادة التشكيلات في الجيش الوطني السوري، وأعدوا الخطط للمشاركة في التصدي للحملة الغاشمة على إدلب"، مضيفاً أنّ "قوات من الجيش الوطني قد بدأت بالفعل التحرك نحو جبهات القتال في ريف إدلب الجنوبي الشرقي".
وأشار اللواء إدريس إلى أنّ "ألف مقاتل من الجيش الوطني، هم طليعة مؤازرة القوات المدافعة في منطقة إدلب ضد الهجمة الشرسة لنظام الأسد بتغطية جوية روسية غير مسبوقة"، وأنه "تم تشكيل خلية أزمة لهذا الأمر، وهي في حال انعقاد دائم"، لافتاً كذلك إلى أنّ "موضوع إرسال التعزيزات الإضافية في حالة الحاجة إليها، سوف يُعرض على خلية الأزمة لاتخاذ القرارات المناسبة، والتي لن تكون إلا لصالح دعم صمود الجبهات"، بحسب قوله.
جاء ذلك إثر لقاء إدريس، برفقة رئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى، بفعاليات مدنية وعسكرية سورية في مدينة أنطاكيا التركية الحدودية مع سورية، على مدار يومي الاثنين والثلاثاء، بحضور عضوي الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، العميد فاتح حسون ونجيب الرحمون. وهدف اللقاء إلى التباحث حول الإجراءات والتدابير الواجب اتخاذها بما يتعلق بمنطقة إدلب ومحيطها، التي تتعرض لحملة عسكرية شرسة من قبل قوات النظام بمساندة روسية وإيرانية.
وأشار البيان كذلك إلى أنّ "مؤازرات تُسير (في أثنائه يوم الأمس) من تشكيلات الجيش الوطني الموجودة في منطقتي (درع الفرات) و(غصن الزيتون) إلى خطوط التماس في الشمال الغربي لدعم تشكيلات الجيش الوطني المرابطة هناك، والتي تخوض معارك عنيفة ضد المليشيات الروسية والإيرانية، ومليشيات نظام الأسد الطائفي، وتلحق بها خسائر فادحة بالعتاد والأرواح".
وتوعد البيان، قوات بشار الأسد بـ"مقاومة عنيفة واستنزاف طويل الأمد لم يلقوا مثله خلال هذه الحرب" و"بأن تكون تلك الأرض التي يسعون للتقدم إليها مقابر لمرتزقتهم".
ومنذ إصدار البيان، يوم الاثنين، لم تصل إلى جبهات القتال في إدلب، أي مؤازرات من "الجيش الوطني" الموجودة شمالي حلب، ما حمل ناشطين سوريين على مواجهة ذلك بسخط كبير على مواقع التواصل، نتيجة عدم تطبيق ما ورد في البيان بمؤازرة قوات المعارضة التي تقاتل على جبهات إدلب، قبل التأكيد على الالتزام بذلك من قبل وزير الدفاع في تصريحه لـ"العربي الجديد"، مساء اليوم.
وكانت قوات النظام، مدعومة بغطاء جوي روسي ومساندة مليشيات محسوبة على روسيا وإيران، تقدمت خلال الشهر الحالي، جنوبي شرق إدلب، وسيطرت على حوالي 35 نقطة وقرية، واقتربت بذلك من الأوتوستراد الدولي، المشار إليه بطريق الـ"أم 5"، وأصبحت على بعد مسافة حوالي 12 كيلومتراً من مدينة معرة النعمان، كبرى مدن إدلب والواقعة جنوبها، والتي تعد هدفاً رئيسياً لقوات النظام.
وبناء على التقدم السريع الذي أحرزته قوات النظام، أمس الاثنين، توقع متابعون سقوط المدينة، خلال الليلة الماضية، إلا أن قوات المعارضة شنت هجوماً عكسياً واستعادت من خلال قرية البرسة شرق معرة النعمان، وتخوض تلك القوات من عناصر "الجبهة الوطنية للتحرير"، و"هيئة تحرير الشام" معارك عنيفة لاستعادة بلدة جرجناز، وسط تكثيف ناري من قبل قوات النظام للحيلولة دون ذلك، وتقدم على محاور أخرى.
وأوضح العميد فاتح حسون، قائد "حركة تحرير الوطن" وعضو "الائتلاف" ووفدي أستانة وجنيف سابقاً، لـ"العربي الجديد" أن "التصعيد الروسي يسير ضمن خطة روسية لتطبيق اتفاقية قمة سوتشي حول إدلب بالقوة، وهي اتفاقية بين الرئيسين التركي والروسي"، وبيّن حسون أن "روسيا لم تلتزم بوقف إطلاق النار، وتطالب تركيا وفصائل المعارضة بتطبيق بنود الاتفاقية وتتهمهم بالمماطلة، في حين تتناوب هي وإيران على تخريب الاتفاقية".
وأشار إلى أن "دعم تركيا للشرعية في ليبيا أثار حفيظة روسيا الداعمة لحفتر، وبالتالي صعّدت روسيا في إدلب للضغط على تركيا، وهو الأمر الذي قابله تأكيد من الرئيس التركي بمتابعة تركيا نفس السياسات في ليبيا وسورية، وفي التصعيد الروسي الأخير رسالة روسية للولايات المتحدة التي تدعم الموقف التركي في إدلب، بعد توقيع الرئيس الأميركي على قانون قيصر الذي ستتضرر الشركات الروسية بشكل كبير بسببه".
وعلم "العربي الجديد" بحدوث لقاءات مغلقة للتشاور حول السبل الممكن اتخاذها لتحقيق صمود منطقة إدلب، وأخذ موافقة ودعم قادة رأي سوريين لتفعيل ذلك بكل السبل.
ونتيجة الحملة العسكرية للروس والنظام جنوب إدلب، منذ بداية منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نزح حوالى أكثر من 300 ألف مدني من مدن وبلدات الجنوب، ما شكل كارثة إنسانية، بعد تدفق النازحين إلى الشمال السوري الذي لم تعد بلداته تستوعب مزيداً من أعداد النازحين، بالتزامن مع مرور موجة جوية صعبة.
وتقول تركيا إنّ 80 ألف سوري باتوا على حدودها، وأنها لا تستطيع أن تتحمل هذا العبء بمفردها. وأشار المتحدث باسم الرئاسة التركية، اليوم الثلاثاء، إلى أن "بلاده أرسلت رسالة قوية إلى روسيا بضرورة وقف الهجمات، ووعدت الأخيرة بوقف الهجوم خلال 24 ساعة"، مضيفاً، أن أنقرة "تنتظر اتفاقاً جديداً لوقف إطلاق النار، وأن استمرار الهجوم يعني موجة نزوح جديدة وتخريبا لمسار الحل السياسي"، مشيراً كذلك إلى أن "إدلب ليست مشكلة تركيا فقط، وإنما مسؤولية المجتمع الدولي بأكمله".