إسرائيل تستكمل ربط مستوطنات القدس...وفصل الضفة

06 نوفمبر 2019
وضع الاحتلال يده على 75 ألف دونم(دائرة الخرائط المقدسية)
+ الخط -

خلال أسبوع واحد فقط، نهاية أكتوبر/تشرين الأول الماضي ومطلع نوفمبر/تشرين الثاني الحالي، أخطرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سكان مناطق في الضفة الغربية المحتلة بوضع اليد واستملاك أراضٍ أو تجديد أوامر سابقة، في غالبية المناطق التي يمر فيها جدار الفصل العنصري الذي بنته إسرائيل قبل 16 عاماً، وتسعى لاستكماله ليطوق الضفة بشكل كامل، وفصلها عن القدس المحتلة ووسط الضفة عن جنوبها، فيما تسعى كذلك لربط المستوطنات في الضفة بطرق استيطانية جديدة، خصوصاً في منطقة شمال القدس.

وأوضح رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية وليد عساف، لـ"العربي الجديد"، أن ما يتم توزيعه من إخطارات، هو في الغالب تجديد لأوامر مصادرة ووضع اليد على أراضٍ صدرت بحقها أوامر عسكرية إسرائيلية خلال الـ20 سنة الماضية، وأقيم عليها الجدار في مساره الممتد بالضفة الغربية. وأشار إلى أنه يتم تجديد تلك الأوامر العسكرية كل 3 إلى 5 سنوات، لأن الجدار بني على مراحل، وهو أحد أشكال الأوامر التي صدرت أخيراً، "لذا ظهر كل هذا الكم من مصادرة الأراضي".

ولا تمتلك هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إحصائية دقيقة للأوامر العسكرية التي تم تسليمها للفلسطينيين، بتجديد وضع اليد على أراضيهم والسيطرة عليها. وأكد عساف أن تلك الأوامر تصل إلى الهيئة تباعاً، لكن مساحة الأراضي التي تم وضع اليد عليها بشكل عام لأغراض إقامة الجدار هي 75 ألف دونم على فترات متتالية منذ 2001 وحتى 2002، لأن طول مسار الجدار يبلغ 754 كيلومتراً بعرض 100 متر. أما الجزء الثاني من تلك الأوامر، وفق عساف، فهو أوامر استملاك لشق طرق استيطانية جديدة، كما يجري في مناطق مسافر يطا جنوب الخليل وحزما شمال القدس ومجدل بني فاضل ودوما جنوب نابلس، حيث يستهدف الاحتلال شق طرق التفافية أو توسيع طرق قائمة أو مفارق أو إنشاء جسور وأنفاق. بينما الجزء الثالث من تلك الأوامر العسكرية، التي تستهدف ما يعرف بـ"أراضي الدولة"، فهدفه تحديد حدود "الخط الأزرق". وفي كل الأحوال فإن الهدف من جميع هذه الأوامر العسكرية هو خدمة المشروع الاستيطاني، سواء ببناء الجدار أو تحسين طرق المستوطنين، أو ربط المستوطنات بمراكز المدن، كما في تل أبيب والقدس.

مخطط لإغلاق الطوق على القدس

وفي المنطقة الواقعة بين حزما وبلدة جبع المجاورة، استهدفت سلطات الاحتلال مئات الدونمات هناك، حيث يقع مفترق جبع، الذي يعد شرياناً وحيداً يربط جنوب الضفة بوسطها. وأشار عساف إلى أن قرار الاحتلال ببناء 800 وحدة استيطانية جهة مستوطنة "النبي يعقوب" من جهة الجدار قرب بلدة الرام شمال القدس، وآخر لبناء 300 وحدة في مستوطنة "آدم" في الجهة المقابلة، يأتي ضمن عملية خنق سكان المنطقة، إذ إن الشارع يمر داخل مستوطنتي "آدم" و"النبي يعقوب"، ليتم فصل شمال الضفة عن منطقة القدس بشكل كامل. ويهدف المخطط إلى ربط شارع جبع من أجل إغلاق الطوق الاستيطاني في محيط مدينة القدس، وهو جزء من مخطط مشروع الطرق الاستيطاني الذي أعلنته وزارة المواصلات الإسرائيلية. وقال عساف "أما استكمال الجدار فهو عملياً يخدم السيطرة على الضفة وعزل المدن عن الأراضي وضم تلك الأراضي إلى دولة الاحتلال".



من جانبه، عقب خبير الاستيطان ومدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية بالقدس خليل تفكجي، لـ"العربي الجديد"، حول ما يتعلق بالجسور التي تقيمها سلطات الاحتلال في محيط حاجز قلنديا العسكري شمالي القدس. وقال إن "مخطط الاحتلال في محيط الحاجز، والذي أعلن عنه قبل سنوات بزعم تسهيل حركة انتقال آلاف المركبات بين الحاجز ومدينتي القدس ورام الله مروراً بكفر عقب شمالاً، يهدف بالأساس إلى تسهيل حركة انتقال المستوطنين بين المستوطنات الواقعة إلى الشرق من القدس وتلك الواقعة إلى الغرب منها، وكل ذلك يتم على حساب أراضي المواطنين الفلسطينيين".

منع تكرار تجربة وادي الحمص

وأكد تفكجي أن وضع اليد واستملاك الاحتلال الأراضي في محيط القدس، خصوصاً أراضي بلدتي حزما وعناتا شمال شرق المدينة لدواع أمنية تتعلق بجدار الفصل المقام على أراضي هاتين البلدتين، تهدف إسرائيل منه إلى توسيع منطقة "الحزام الأمني" للجدار، بعمق يزيد عن 200 متر ومنع أية أعمال بناء مستقبلية متاخمة لهذا الحزام، كي لا تتكرر تجربة البناء الفلسطيني في منطقة وادي الحمص من أراضي صور باهر جنوب القدس، التي هدم الاحتلال، قبل عدة أشهر، العشرات من الشقق السكنية فيها، بزعم قربها من جدار الفصل العنصري هناك.

وكانت سلطات الاحتلال أعلنت قبل سنوات عن خطط لبناء مستوطنة جديدة بين "آدم" و"النبي يعقوب" المقامتين على أجزاء واسعة من أراضي حزما وجبع شمال شرق القدس في مساحة واسعة من الأراضي الواقعة بين هاتين المستوطنتين، حيث يقع جدار الفصل العنصري وحزامه الأمني فيها. من ناحيته، أوضح رئيس بلدية حزما السابق موفق الخطيب، وأحد المتضررين من مصادرة أراضي بلدته، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن قرار الاحتلال يشمل 500 دونم تقع جميعها بمحاذاة جدار الفصل، منها 225 دونماً، تُصنفها سلطات الاحتلال كـ"أراضي دولة"، بينما يشكل الجزء المتبقي أراضي خاصة، تملك عائلته جزءاً منها، فيما تتوزع ملكية الباقي على عائلات البلدة.

ومن شأن أوامر المصادرة والاستملاك هذه أن تؤدي إلى توسيع منطقة امتداد جدار الفصل العنصري في محيط بلدة حزما، التي صادر الاحتلال الجزء الأكبر من أراضيها وحاصرها بحواجزه العسكرية وأربع مستوطنات. وكان رئيس بلدية حزما مسلم أبو حلو نقل إلى أصحاب الأراضي إخطارات من قبل الاحتلال تقضي بمصادرة مئات الدونمات من أراضيهم يقع الجزء الأكبر منها في محيط مستوطنة "آدم" المقامة على أراضي جبع المجاورة لحزما من جهتها الشمالية، فيما تجري اتصالات مكثفة مع هيئة من المحامين للاعتراض على أوامر المصادرة والاستملاك الجديدة خلال الأيام المقبلة. وقال أبو حلو، لـ"العربي الجديد"، إن "الهدف من هذه المصادرات هو توسيع رقعة الاستيطان على أراضي حزما وجبع، وتحصين جدار الفصل العنصري المقام في أراضيهما بحزام أمني عازل، سيفضي في النهاية إلى مصادرة حق المواطنين في التصرف بأراضيهم والبناء عليها".

مشروع "الطريق الأميركي"

وشرعت سلطات الاحتلال أخيراً بتنفيذ المرحلة الثانية مما يعرف بمشروع "الطريق الأميركي" (المقطع الجنوبي)، المقام على أراضي قرية صور باهر جنوب القدس، حيث بدأت العمل في هذا المقطع في أراضي جبل المكبر. وقال سكان المنطقة المتضررون من هذا المشروع إن "هذا المقطع من الطريق هو بطول كيلومترين ونصف الكيلومتر، بكلفة إجمالية تصل إلى 80 مليون شيقل (نحو 23 مليون دولار)، ويشتمل على جسرين، حيث يتوقع أن ينتهي العمل بهذا المقطع في يونيو/حزيران 2021. ومن المقرر أن يربط هذا الشارع بين حاجز مزموريا جنوباً ومنطقة الشيخ شمالاً. أما المرحلة الثالثة من الطريق الأميركي، فتشتمل على نفق أسفل جبل الزيتون يمكن عبره الوصول إلى حاجز الزعيم. علماً بأن المشروع برمته هو جزء من مشروع شارع الخاتم الشرقي لمدينة القدس، والذي يربط مركز مدينة القدس بمستوطنة معاليه أدوميم المقامة شمال القدس".