قضاة الجزائر يواصلون إضرابهم: معركة "كسر عظم" مع الحكومة

28 أكتوبر 2019
من وقفة القضاة أمام مجلس قضاء الجزائر اليوم(العربي الجديد)
+ الخط -
تمسّك القضاة في الجزائر بقرار الإضراب العام، رغم تحذيرات الحكومة بوضعهم تحت طائلة القانون، وواصلوا شلّ المحاكم، لليوم الثاني على التوالي، فيما تصاعدت دعوات سياسية لدعم حركتهم باتجاه حسم نهائي للفصل بين المؤسسة القضائية والسلطة التنفيذية.

وأعلنت النقابة الوطنية للقضاة، في بيان، اليوم الإثنين، أنّ نسبة الاستجابة لقرار الإضراب ومقاطعة العمل القضائي ارتفعت في اليوم الثاني إلى 98%، مقارنة مع 96% سجلت في اليوم الأول، أمس الأحد.

وجددت النقابة دعوتها للقضاة للاستمرار في الإضراب، ورفض مقررات الحركة السنوية للقضاة التي أقرها وزير العدل عبر المجلس الأعلى للقضاء، الخميس الماضي، وحذرت السلطات من "أي خطوة تستهدف التضييق على القضاة المضربين".

وتجمع القضاة، اليوم الإثنين، أمام مقر مجلس قضاء الجزائر، ورفضوا مباشرة الجلسات، عدا بعض الجلسات الخاصة التي طلبت النقابة إنجازها.

وكانت نقابة القضاة في الجزائر قد قررت، مساء السبت الماضي، توقيف العمل القضائي برمته بدءا من الأحد، إلى غاية التعليق الفوري للحركة السنوية للقضاة المعلنة من قبل وزير العدل بلقاسم زغماتي، الخميس الماضي، والتي مست حوالى ثلاثة آلاف قاض، بين نقل وإنهاء مهام وإحالة على التقاعد، فيما ردت وزارة العدل ببيان حذرت فيه القضاة من "خرق القانون الذي لا يسمح للقضاة بالإضراب"، ورفضت مزاعم القضاة وأعضاء المجلس الأعلى القضاء.

وإضافة إلى الدعم الذي تلقاه القضاة من الأعضاء الـ12 في المجلس الأعلى للقضاء (من بين 22 عضواً)، وكشفهم تمرير الوزير زغماتي لمقررات حركة نقل القضاة، دون تمكينهم من إبداء موقف، حصلت نقابة القضاة على دعم من نادي القضاة (قيد التأسيس)، والذي طالب بتنحي وزير العدل من منصبه، وإنهاء الوصاية السياسية على القضاء.

وقال القاضي سعد الدين مرزوق، المتحدث باسم نادي القضاة، في تصريح صحافي، إنّ "الحل ومصلحة المؤسسة القضائية يكمنان فقط في رحيل وزير العدل".

من جهته، وصف القاضي الجزائري عبد الله هبول الحركة الاحتجاجية للقضاة في الجزائر بأنّها "معركة كسر عظم" مع وزير العدل بلقاسم زغماتي، و"تمرد وعصيان قضائي".

وقال هبول، لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، إنّ "الحركة الاحتجاجية للقضاة، بغض النظر عن أنّ دوافعها كانت بسبب مطالب مهنية وفئوية تخص القضاة، فإنّها تصبّ في صالح المواقف والمطالب المركزية للحراك الشعبي الذي يطالب بتحرر القضاء واستقلاليته".


وأعلنت شخصيات سياسية دعمها لحركة القضاة غير المسبوقة، ووصف منسق مؤتمر المعارضة وزير الاتصال الأسبق عبد العزيز رحابي، في تقدير موقف نشره اليوم، الإثنين، الحراك بأنّه "انتفاضة القضاة ضد هيمنة السلطة التنفيذية على العدالة"، واعتبره "منعرجاً حاسماً في مواكبة الحراك الشعبي المبارك، الذى ينادي دون انقطاع بتحرير العدالة كشرط مسبق لإرساء دولة القانون".

وأكد رحابي أنّ "القضاة أمام فرصة لا تُعوض للحسم نهائياً في إشكالية الفصل بين العدالة والسلطة التنفيذية البوتفليقية (نسبة للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة) التي وظفت العدالة في السياسة لتوفير الحصانة للفاسدين، وحيث لا يعقل أن تقفز الإدارة على سلطة المجلس الأعلى للقضاء وتنظم حركة تمس نصف تعداد سلك القضاة، شهراً ونصف الشهر قبل انتخاب القاضي الأول للبلاد، ودون مراعاة حتى لظروفهم الأسرية وتمدرس أطفالهم".

وناشد منسق مؤتمر المعارضة "القوى السياسية بالتضامن مع المطالب الشرعية للقضاة وتثمين استعدادهم للحوار، لأن معركتهم من أجل استقلالية القاضي ستحكم بشكل كبير مستقبل طموحنا الجماعي في بناء دولة القانون".

وتعد هذه المرة الأولى التي تشهد فيها الجزائر مواجهة مفتوحة بين القضاة والسلطة في هذا المستوى، وفي ظروف سياسية خاصة يعتقد مراقبون أنّها ستكون محطة حاسمة لإنهاء هيمنة السلطة على القضاء.

وتتخوف السلطة من تطوير القضاة لمواقفهم ومطالبهم المهنية إلى مطالب سياسية ذات صلة بالحراك الشعبي، في ظل تصاعد لافت للاحتجاجات والإضرابات التي عمت قطاعات أخرى، ما يعقد الموقف بالنسبة لها عشية مظاهرات مليونية يحشد لها الناشطون، يوم الجمعة المقبل.

المساهمون