مجزرة الشيخ زويد تغضب أهالي سيناء: ضغط لاستكمال التهجير

21 أكتوبر 2019
يدفع الأهالي ثمن الحلول الأمنية بسيناء(خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -
مرة أخرى يرتكب الأمن المصري مجزرة جديدة بحق المدنيين في محافظة شمال سيناء، راح ضحيتها أربعة مواطنين على الأقل عدا عن إصابات غالبيتها من الأطفال والنساء، بعد أن تعرضت عدة منازل في قرية أبو العراج جنوب مدينة الشيخ زويد لقصف جوي من قبل طائرات حربية مصرية، بعد أسبوعين من وقوع مجزرة بحق المدنيين في مدينة بئر العبد في ذات المحافظة، أدت لمقتل 10 على الأقل، دون أي إشارة إلى إجراء تحقيقات في الحوادث سابقة الذكر. وهو ما يشير، حسب أبناء سيناء، إلى رغبة لدى السلطات المصرية في تهجير ما تبقى من سكان المحافظة خلال الفترة المقبلة، بعد الغطاء الذي أعطاه الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل عدة أيام للجيش، بحديثه عن عدم وجود تهجير بسيناء على الرغم من كل الحقائق التي تؤكد ذلك.

وفي التفاصيل، قالت مصادر طبية في مستشفى العريش العام، لـ"العربي الجديد"، إنّ أربعة قتلى على الأقل وصلوا جثثاً هامدة إلى المستشفى نتيجة تفجير استهدف عدة منازل بقرية أبو العراج جنوب مدينة الشيخ زويد، مضيفةً أنه بالإضافة إلى القتلى هناك 10 مصابين على الأقل بينهم إصابات خطيرة للغاية، وعرف من بين القتلى فرحة إبراهيم (90 عاماً)، ومحمد مسعود (10 أعوام)، وآية جمعة عيد (24 عاماً)، ورانيا جمعة عيد (28 عاماً)، فيما عرف من بين المصابين يوسف حمدان سلامة (19 عاماً)، وكوثر غالب عيد (22 عاماً)، وجمانة أحمد سليم (عامان)، ومايا عيد جمعة (عامان)، ومحمد عيد جمعة (7 أعوام)، وشاهندة جمعة عيد (15 عاماً)، وماهر جمعة عيد (20 عاماً)، ونانسي غانم عيد (20 عاماً)، وتمام محمد علي (49 عاماً)، وعبد الرحمن أحمد نعيم (5 أعوام)، وفاطمة عيد سليمان (46 عاماً).

ومن الناحية الميدانية، أكدت مصادر قبلية وشهود عيان لـ"العربي الجديد" أن مدينتي رفح والشيخ زويد تعرضتا، أول من أمس السبت، لغارات جوية عدة، استهدفت منازل مواطنين وأراضي زراعية، فيما سقط أحد الصواريخ على قرية أبو العراج ما أدى إلى هدم جزئي في منزلين، وتسبب في مقتل أربعة مواطنين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة. وبحسب المصادر فإن قرية أبو العراج لم يتبق فيها إلا عدد قليل من المنازل لا يتجاوز 30 منزلاً، ولدى قوات الأمن المعلومات الكاملة عن أسماء العائلات وأعمالهم وتحركاتهم، في ظل وجود كمائن عسكرية في كافة مناطق جنوب المدينة، والحملات العسكرية والمداهمات التي لا تنتهي في المدينة. وبالتالي فإن احتمالية خطأ الاستهداف غير واردة في هذه الحالة، مع الإشارة إلى أن القصف الجوي جاء بدون مبرر في ظل عدم وجود أي هجمات لتنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش الإرهابي.



وفي التعقيب على ذلك، قال أحد مشايخ سيناء لـ"العربي الجديد" إن ارتكاب المجازر بهذه الوتيرة المتسارعة في الفترة الأخيرة ينم عن رغبة جامحة لدى الجيش المصري في تهجير ما تبقى من مناطق سكانية في مدن محافظة شمال سيناء، ولا يوجد تفسير آخر لما يجرى على أرض الواقع، سوى ذلك. ووفقاً للمصدر نفسه فإن لاستهداف مناطق جنوب الشيخ زويد حساسية أخرى، تتمثل في أن هذه المناطق لا يزال فيها عدد من العائلات التي لم ترغب في المغادرة كما الحال مع آلاف العائلات، سواءً رغبة في البقاء أو عدم القدرة على الهجرة إلى خارج المحافظة. ولذلك فإن الجيش المصري يعلن، على حد قول المصدر، بهذه المجزرة عن عدم رغبته في وجود أي سكان في هذه المناطق، بغض النظر عن الوضع الأمني فيها، في ظل الهدوء النسبي الذي ساد مناطق رفح والشيخ زويد خلال الأسبوعين الأخيرين. ولفت إلى أن ذلك يحدث بالتزامن مع دعوات نواب من سيناء ومشايخ مقربين من الأمن إلى عودة المواطنين إلى مدينة الشيخ زويد، بعد توفير الكهرباء والمياه في القرى المهجرة، وفي ذلك رد عملي من الجيش المصري على رفض فكرة عودة المهجرين إلى ديارهم، وتأسيس لمرحلة جديدة عنوانها مناطق فارغة تماماً من السكان في مدينتي رفح والشيخ زويد كمرحلة أولى.

وأضاف الشيخ نفسه أن مصيبة العائلات في المجازر التي تقع بحقهم مركبة، فبعد خسارة الأرواح بدون اهتمام من الأمن المصري أو الدولة بكل مؤسساتها، وعدم تشكيل أي لجان تحقيق في استهداف المدنيين، أو مجرد التعقيب على الحوادث من طرف مؤسسة الرئاسة أو الحكومة كما يجرى الحال لحظة استهداف قوات الجيش والشرطة بسيناء، فإنه لا يوجد أي اهتمام بعوائل القتلى بعد المجزرة، من ناحية صرف التعويضات أو المعاشات أو اعتبارهم شهداء الوطن كقتلى الجيش والشرطة والمتعاونين معهم. ويضاف إلى ذلك عدم إعطاء عوائل القتلى أي صفة قانونية من قبيل أوراق رسمية تفيد بمقتلهم نتيجة غارات جوية، إذ إنه يفرض على عوائل القتلى التوقيع على أوراق تفيد بمقتلهم عن طريق رصاص أو قذائف من جهات مجهولة بدون أن ينسب ذلك لأي طرف. وفي بعض الحالات يتهم التنظيم الإرهابي بذلك، بالرغم من أن كافة الدلائل تؤكد مقتلهم برصاص الأمن أو القذائف أو صواريخ الطائرات.

يشار إلى أن عشرات المدنيين قتلوا على مدار السنوات الست الماضية، برصاص الجيش المصري وقذائفه، دون إجراء أي تحقيق أو اهتمام من الجهات المختصة، والتي كان أحدثها استهداف سيارة مواطنين من عائلة "العوايضة" في منطقة تفاحة بمدينة بئر العبد أثناء عودتهم من قطف ثمار الزيتون، فيما لم تعقب الدولة المصرية على الحادثة حتى هذه اللحظة. وكذلك الحال مع كافة المجازر وحالات القتلى التي وقعت بحق المدنيين، ما يدفع سكان محافظة شمال سيناء إلى دوام المطالبة بإعطاء حقوقهم كمواطنين مصريين، وفي مقدمتهم الحق في الحياة، ومحاسبة المخطئين بحقهم.