وساطة فرنسية بين السراج وحفتر لتوحيد القوات الليبية

13 يناير 2019
تسعى باريس لتمتين علاقاتها مع كل الأطراف (فرانس برس)
+ الخط -

كشف دبلوماسي ليبي، اليوم الأحد، عن وجود وساطة فرنسية بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، قائد القوات الموالية لمجلس نواب برلمان طبرق، من أجل توحيد القوات الليبية.

وقال الدبلوماسي بالسفارة الليبية في روما لـ"العربي الجديد"، إن "مسؤولين فرنسيين قاموا برعاية لقاء بين قادة عسكريين من مصراته والزنتان وطرابلس مع ضباط تابعين لحفتر في تونس، امتد ليومين، منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، كأساس لعودة محادثات ضباط الطرفين لتوحيد المؤسسة العسكرية في البلاد"، لافتاً إلى أن باريس "سعت لضم أطراف عسكرية من مدن لم تشارك في محادثات القاهرة، التي كانت تهدف هي الأخرى لتوحيد المؤسسة وتوقفت منذ أشهر".

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، قد استقبل في باريس وفداً من مصراته، مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كان في طريقه للمشاركة في لقاء باليرمو بإيطاليا، وتضاف إلى ذلك عدة زيارات قامت بها السفيرة الفرنسية في ليبيا، بياتريس دوهلين، إلى مصراته وإلى الزنتان، غرب البلاد، مطلع ديسمبر الماضي، حيث التقت خلالها قيادات المدينتين.

وأكد المصدر الدبلوماسي، والذي فضل عدم ذكر اسمه، أن عودة باريس للنشاط في المسألة الليبية "جاء بعد فشل ظاهر للقاء باليرمو الذي انعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ولم ينتج أي شيء ملموس على الأرض، في محاولة لاستعادة باريس نفوذها في الملف الليبي"، لكنه لفت إلى أن الوجود الفرنسي الحالي "تجاوز الأجسام السياسية الحالية، إلى تمتين علاقاته مع كل الأطراف المتنفذة على الأرض كمصراته والزنتان".

وعن إمكانية نجاح الجهود الفرنسية، قال "لا أعتقد أن باريس غافلة عما يجري في كواليس الأحداث الليبية، أو لم تشارك فيها"، مشيراً إلى أن أوضاع السراج في طرابلس "باتت مهددة بعد المواجهات الكبيرة بينه وبين أعضاء المجلس الرئاسي، كما أن باريس تعرف أن حفتر فقد غطاءه السياسي بعد خلافاته مع مجلس النواب".

وأوضح أن فرنسا "ذهبت بعيدا عن مجلس النواب وحكومة الوفاق وتتصل بالأطراف القوية على الأرض، كما أنها ترتب أوضاعاً لمستقبل قريب".

وتابع الدبلوماسي الليبي حديثه "العلاقة الفرنسية بدت جيدة مع مسلحي مصراته والزنتان، وبالتالي فلديها خيارات الآن مع قوات أخرى مناوئة لحفتر وبإمكانها التأثير على مواقفه وإرغامه على القبول بأية تسوية تطرحها استباقا لأي وجوه سياسية جديدة قد تنتجها الانتخابات المقبلة".

وأكد المصدر أن باريس "قد تبحث عن خيارات أخرى غير حفتر الذي بدت مواقفه أخيرا مرتبكة بأشكال وطرق مختلفة ومتنوعة ومتجددة، وفي كل مرة يتصل بطرف، ولا سيما علاقته مع إيطاليا المقلقة بالنسبة لفرنسا".


واعتبر أن فرنسا "تسير في خط جديد مختلف عن سياساتها السابقة التي كانت تدعم فيها قوات حفتر بشكل ظاهر في شرق البلاد"، مستدركاً أن "التغير الفرنسي حيال حفتر ليس جديدا، فمنذ لقاء باريس الذي أنتج إعلان باريس السياسي، نهاية مايو (أيار) الماضي، اتجهت فرنسا لتوسيع دائرة اتصالاتها بليبيا، فاللقاء جمع أربعة قادة بعضهم معارض بشدة لحفتر، كخالد المشري رئيس المجلس الأعلى للدولة، وحتى عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، الذي بيده أمر سحب الشرعية من حفتر بعدما شرعن قواته نهاية 2014 ومنحه رتبة مشير".

وعما إذا كانت باريس تريد أن تنقلب على الجهود المصرية لتوحيد المؤسسة العسكرية، قال "الواضح أن هناك تنسيقاً فرنسياً مصرياً وربما روسياً وإماراتياً على الخط ذاته"، لكنه أشار إلى أن "اضطراب أوضاع حكومة الوفاق في طرابلس قد يربك تلك الجهود، فسيطرتها لم تعد حتى موجودة على مليشيات طرابلس ولو اسميا، كما أن مسؤولين بالحكومة، من بينهم وزير الداخلية القادم من مصراته، بدأ في ربط خيوط اتصال مع أجهزة أمن حفتر بشكل مستقل عن السراج".

وختم الدبلوماسي الليبي حديثه بالقول "عامل الإزعاج المشترك في كل مراحل أزمة البلاد كان ولا يزال حفتر، فكما كان عرقلة لأي وفاق، تراه الآن معظم الدول عرقلة أمام أي جهود لتحقيق مصالحها بسبب تبدل مواقفه في كل مرة وقفزه من عاصمة إلى عاصمة بحيث لم يعد أحد يمكن أن يراهن عليه". ​

المساهمون