العراق: تلبية 40 شرطاً جديداً للصدر وإلا المعارضة

04 اغسطس 2018
حدّد الصدر 40 شرطاً جديداً (حيدر همداني/فرانس برس)
+ الخط -
رغم دخوله، بعد فوز قائمته الانتخابية "سائرون"، في حوار مع تحالف "الفتح"، الذي يضم مليشيات "الحشد الشعبي"، التي كان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، يصف بعضها بـ"الوقحة"، والاقتراب من إعلان تحالف شبه رسمي معها، عاد الصدر، في اليومين الماضيين، لطرح شروط جديدة، عقب التقارب الذي حصل بين رئيس "الفتح"، هادي العامري، وزعيم "ائتلاف دولة القانون"، نوري المالكي، وانضمام حركات وأحزاب صغيرة لقائمة "الفتح"، ترأسها شخصيات سياسية معروفة بخطابها الطائفي، مثل حنان الفتلاوي. واعتبر هذا الأمر خطوة استباقية من الصدر ضد خصومه الحاليين وحلفاء الأمس السابقين، وفي الوقت ذاته دليلاً على عدم قرب التوصل إلى اتفاقات بين الكتل السياسية لإعلان الكتلة الكبرى المكلفة تشكيل حكومة جديدة بعد مرور 83 يوماً على انتخابات 12 مايو/أيار.

وليلة الخميس خاضت كتل سياسية شيعية جولة لقاءات جديدة، قال مصدر في بغداد مقرب من زعيم كتلة "الحكمة"، عمار الحكيم، "إنها لم تؤد إلى شيء"، كاشفاً عن نية لإرجاء التفاهمات إلى ما بعد الإعلان الرسمي لنتائج الانتخابات. وأضاف "ما زالت عقدة رئيس الوزراء تسيطر على المشهد، والأسماء المطروحة لا تلقى إجماعاً أو ترحيبَ كل الكتل". وأطلق الصدر 40 شرطاً جديداً، بما يخص شكل التحالفات الحزبية الجديدة، لتأسيس الكتلة الأكبر في البرلمان، كمقدمة لتشكيل الحكومة. وتدعو أبرز الشروط إلى برنامج وطني وحكومة تقوم على أساس المبادئ والثوابت وليس على أساس المحاصصة، بالإضافة إلى أن "يكون ولاء الأحزاب للعراق حصراً"، في إشارة إلى منع الأحزاب الموالية لإيران من الاقتراب من مركز القرار. وشدد على ضرورة ألا يكون لأي حزب جناح مسلح. وعن شروط اختيار رئيس الحكومة الجديد، دعا إلى أن يكون مستقلاً، ومن خارج أعضاء مجلس النواب، ومن غير مزدوجي الجنسية، وألا يترشح للانتخابات المقبلة مهما كانت الظروف.

وفي السياق، قال عضو في تحالف "سائرون"، إن "شروط الصدر في إدارة التحالفات ستعود بثمار جيدة للعراق، حال اعتمادها طبعاً، فهناك رفض واسع لها في المعسكر الشيعي. فالصدر يدعو إلى حكومة عراقية خالصة، ذات سيادة، ولا يؤثر عليها نفوذ دولة ما، ولا يريد في الساحة سوى الجيش والشرطة، وأن تنتهي عملية توزيع المناصب بين الطوائف". وأشار إلى أنه "لسائرون الحق في طرح مواصفات رئيس الوزراء المقبل أو تحديد شكل العملية السياسية الجديدة، كونه الفائز بنتائج الانتخابات الأخيرة، وحتى الآن لم تُثبت عملية العد والفرز اليدوي أي حادثة تزوير نفذها سائرون. لكن هناك رفضاً من قبل الأحزاب الشيعية رغم ترحيب الأحزاب السنية  بالشروط". وتابع، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "رئيس الوزراء الجديد قد لا يكون بالضرورة من التيار الصدري أو من تحالف سائرون أصلاً". وأشار إلى أن "العمل بهذه الشروط الكثيرة قد يعطل الحوارات بين الكتل السياسية للوصول إلى تشكيل الكتلة الأكبر، وإفراز الحكومة الجديدة، ولكن بطبيعة الحال فإنها ستعود بالنفع على العراق والعراقيين، وستقصي الكثير من الشخصيات السياسية الموالية لجهات خارجية، وقد تقصي أيضاً هادي العامري عن منصب رئيس الحكومة المقبل، لأنه وكما هو معروف موالٍ لإيران منذ أكثر من 30 سنة".

ورغم النفي الرسمي لتحالف "سائرون" عن توجهه إلى المعارضة البرلمانية، وبحثه عن تحالفات قوية لتشكيل الحكومة، إلا أن مصادر مقربة من الصدر قالت، لـ"العربي الجديد"، إن "خيار المعارضة البرلمانية، المدعومة شعبياً ومجتمعياً، ما يزال حاضراً في ذهن مقتدى الصدر"، مبينة أن "الصدر إذا فشل في مشروعه، فإنه حتماً سيتوجه للمعارضة، وسيخرج إلى الشارع مثلما حدث قبل سنوات، ويتحول إلى مراقب لعمل البرلمان والحكومة، ويشكل عامل عدم استقرار سياسي بالعراق وهو ما يعيه خصومه جيداً". من جانبه، أكد عضو قائمة "تحالف بغداد"، نجم اليعقوب، أن الشروط التي وضعها الصدر بشأن اختيار رئيس الحكومة ستنسف جهود تشكيل الكتلة الأكبر. وقال، في تصريح صحافي، إن "الغرض من تسابق الكتل الفائزة بالانتخابات، لتشكيل الكتلة النيابية الأكبر، من خلال التحالف مع قوى سياسية أخرى، هو أن تحظى تلك الكتل بمنصب رئاسة الوزراء"، لافتاً إلى أن "هذا السعي قد يكون من أجل المغانم التي تتحقق من خلال هذا المنصب، كما في الحكومات السابقة".

وبيَّن القيادي في تيار "الحكمة"، حبيب الطرفي، أن "سائرون هي الكتلة الأكبر بمفردها، وبالتالي كل ما يصدر منها من شروط يأتي من منطلق نتائج الانتخابات"، موضحاً، في حديث، مع "العربي الجديد"، أن "شروط الصدر لاختيار رئيس الحكومة الجديدة ليست تعجيزية، ولن تعطل الحوارات السياسية، لأنها قابلة للنقاش والبحث، والكل اليوم بانتظار ساعة إعلان نتائج الانتخابات، وموعد تصديقها في المحكمة الاتحادية، ثم تبدأ جولة الإعلانات الرسمية للتحالفات وصولاً إلى الأكبر". وأضاف أن "النتائج هي العائق الوحيد أمام إعلان التحالفات. أما الحديث عن توزيع المناصب وفق المحاصصة ونسب المكونات، فإنه لا يظهر أثناء حوار قادة التحالفات، لأنهم يعرفون أنه لن يحصل في المرحلة المقبلة مثلما حصل في الأعوام والحكومات السابقة، لا سيما بعد اتساع رقعة الاحتجاجات، ولأن مفهوم الشراكة في حكم البلاد أثبت فشله، وجعل المفسد يستمر في فساده من دون محاكمة أو مراقبة".

بدوره، رأى المحلل السياسي العراقي، أحمد الشريفي، أن عوامل تأخر حوارات "سائرون" مع باقي الأحزاب تتمثل في رؤية الصدر لصناعة الدولة الجديدة. وقال الشريفي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك فارقاً كبيراً بين رؤية التيار الصدري في تشكيل الحكومة الجديدة، وبين رؤية مقتدى الصدر، لأن التيار يريد حكومة صدرية، أما الصدر فهو ذاهب باتجاه كسر الطوق الحزبي عن الحكومة والمسؤول". وبين أن "مقتدى الصدر يبحث عن آلية بديلة لحكم البلاد بغير طريق الشراكة والأغلبية والمحاصصة، لكن الطوق الذي وضعته الأحزاب لتحصين نفسها يحول دون تحقيق رؤية الصدر". وأضاف أن "الصدر لن يقترب من الفتح، ولن يقبل أن يكون هادي العامري رئيساً للوزراء، لأنه يعلم أن العامري سيحول بغداد إلى مدينة إيرانية، وهذا ما يغضب الصدر. كما أن الصدر لن يقترب من (كتلة) الحكمة التابعة لعمار الحكيم، وهم لم يعلنوا تفاهمهم حتى الآن، وإنما أعلنوا تنسيقهم فقط"، مرجحاً "توجه الصدر ومعه الحزب الشيوعي إلى المعارضة، وأن يكون لديهم تأثير قوي على الشارع العراقي، بالإضافة إلى استثمار نقمة المرجعية الدينية في النجف، المتمثلة بعلي السيستاني. وقد تحدث أمور طارئة تؤدي إلى قلب نظام الحكم".

المساهمون