كشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد"، أن "النظام السوري يعد دراسة خاصة بالبدل الداخلي للخدمة العسكرية الإجبارية والاحتياطية في صفوف القوات النظامية"، في وقت تحوّل ملف الخدمة العسكرية إلى مشكلة كبيرة له جراء امتناع عشرات آلاف الشبان عن الالتحاق بالخدمة، إضافة إلى عشرات آلاف الشبان الآخرين الذين تركوا الخدمة في صفوف القوات النظامية أثناء خدمتهم، ما تسبب بمشاكل اجتماعية واقتصادية تهدد استقرار المناطق التي يسيطر عليها النظام. وأفادت مصادر مطلعة، طلبت عدم الكشف عن هويتها، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن "القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي تعمل على إنجاز مشروع قانون خاص بإقرار بدل داخلي خاص بالخدمة العسكرية الإجبارية والاحتياطية"، مبينة أن "المقترح الأولي أن يكون بدل الخدمة الإجبارية 2.5 مليون ليرة سورية (4850 دولاراً)، وبدل الخدمة الاحتياطية 800 ألف ليرة سورية (1550 دولاراً)". وأوضحت أنه "من المحتمل أن يقر هذا القانون قبل نهاية العام الحالي، إذا ما تم الانتهاء من تسوية ملف ريف حماة الشمالي وحلب الجنوبي وإدلب".
وبدا من استطلاع آراء بعض الشبان السوريين حول هذا القرار، في حال جرى تطبيقه، أن بعضهم رأى فيه "وسيلة ابتزاز جديدة من النظام للمواطنين"، ومنهم من رأى فيه "حلاً لموضوع التخلص من الموت على الجبهات".
وقال ماجد س. (24 عاماً)، وهو طالب سنة رابعة في الجامعة، لـ"العربي الجديد"، إن "البدل الداخلي هو حلّ أفضل من السفر خارج البلد، خصوصاً أن الشبان السوريين أصبحوا يُستغلون في بلاد الاغتراب من ناحية الأجور وطبيعة العمل". وأضاف أنه يسعى قبل أن يتخرج من الجامعة لتأمين سبيل للسفر، كي لا يلتحق بالخدمة العسكرية، "إذ لا يدري بعدها الشاب متى يمكن أن يستعيد حياته المدنية، ما يهدد مستقبله".
من جانبه، قال نجيب (31 عاماً)، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "مضى علي في الخدمة العسكرية الاحتياطية 6 سنوات، وأنا أحمل شهادة ماجستير في الهندسة المدنية، وكنت أحضر رسالة الدكتوراه عندما التحقت بالخدمة العسكرية. اليوم أعتقد أني نسيت ما درست، حتى السنوات التي قضيتها في الخدمة أضاعت علي الكثير من الفرص. زملائي أصبحت لديهم مكاتب هندسية وأعمالهم الخاصة، ومن توظفوا أصبحوا في مناصب إدارية، أما أنا فإذا كتبت لي الحياة، سأعود لأبدأ من جديد، أما زملائي فقد سبقوني بعشر سنوات". وأضاف: "أتمنى أن يكون هناك بدل داخلي حتى أستعيد حياتي المدنية، لكن يجب أن يكون مبلغاً يتناسب مع دخلي، فأنا من أسرة فقيرة تعيش على راتب والدي الموظف المتقاعد".
وكان النظام قد أصدر العديد من التصريحات المتناقضة حول البدل الداخلي على لسان رئيس الحكومة عماد خميس وشعبة التجنيد العامة، بين نفي وتأكيد، في وقت قال ناشطون إن "النظام لا يستطيع إصدار مثل هذا القرار في وقت يعاني من نقص شديد في العدد، الذي لا يزيد عن 75 ألف عسكري بعدما كان عدده نحو 450 ألف عسكري، وخاصة أن جزءاً كبيراً ممن ما زالوا في الخدمة هم ساخطون على خدمتهم، إلا أنهم لا يملكون ترف خيار ترك الخدمة".
يشار إلى أن السنوات الأخيرة شهدت دعوات عدة لإقرار البدل الداخلي، ودعوات أخرى لتحويل الجيش إلى جيش احترافي يعتمد على المتطوعين وليس التجنيد الإجباري، في ظل الحديث عن إعادة هيكلة الجيش في إطار الحل السياسي للقضية السورية.