وكانت نيابة أمن الدولة العليا "طوارئ"، قد ادّعت - في تحقيقاتها - أن أبو الفتوح تولّى منصب قيادي بجماعة "الإخوان المسلمون"، بهدف منْع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي، وشرعية الخروج على الحاكم، والإخلال بالنظام العام، وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر.
وسبق لأجهزة الأمن أن اعتقلت أبو الفتوح في 14 فبراير/شباط الماضي، وعدداً من قيادات حزبه، قبل إخلاء سبيلهم، بدعوى تخطيطهم لاعتداءات مسلّحة على منشآت الدولة، ومؤسساتها، على نحو من شأنه إشاعة الفوضى في البلاد، وذلك عقب أقل أسبوع واحد من اعتقال نائب رئيس الحزب، محمد القصاص، بعد إخفائه قسرياً لمدة يومين، في إطار الحملة الشرسة التي يقودها نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي بحق معارضيه السلميين.
وأصدرت محكمة جنايات القاهرة قراراً في 17 فبراير/شباط الماضي، بإدراج أبو الفتوح و15 آخرين على قوائم الإرهابيين، بناءً على الطلب المقدم بهذا الشأن من النائب العام، بناءً على تحريات جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، إلى جانب إصدار النائب العام لقرارٍ بالتحفظ على أموالهم الخاصة، سواء كانت سائلة أم منقولة أم عقارية، ومنعهم من السفر، أو الترشح لأي منصب سياسي لاحقاً، وفي مقدمتهم رئيس حزب "مصر القوية".
ويخضع أبو الفتوح للحبس الانفرادي منذ اعتقاله، على وقع انتقاده سياسات الرئيس عبد الفتاح السيسي في لقاءات متلفزة أجراها في العاصمة البريطانية لندن، من دون منحه أياً من الحقوق المنصوص عليها في القانون للمحبوس احتياطياً، ومنع الزيارات عنه، أو الخروج للتريض، أو أداء صلاة الجمعة شأن جميع السجناء، ما تسبب في تدهور حالته الصحية، وإصابته بذبحات صدرية متتالية من دون تلقي العلاج اللازم.
وفي العاشر من مايو/أيار الماضي، أعربت تسع منظمات حقوقية مصرية عن استيائها واستنكارها للإهمال الطبي المتعمد في السجون، وأماكن الاحتجاز، الذي وصل في حالة رئيس حزب "مصر القوية" إلى حد القتل البطيء، في تصعيد للخصومة السياسية، والأعمال الانتقامية بحق المعارضين السياسيين من قبل السلطة الحاكمة.
ودانت المنظمات الحقوقية إصرار إدارة سجن المزرعة بطرة على عدم السماح بنقل أبو الفتوح إلى المستشفى لتلقي العلاج، على الرغم من تعرضه أربع مرات متتالية لذبحة صدرية في أقل من ثلاثة أشهر، و"تجاهلها المخزي لتقدمه في السن (67 عاماً)، وتردي حالته الصحية، مع استمرار حبسه انفرادياً في زنزانة تفتقر إلى أدنى معايير رعاية السجناء".
وتسلب إدارة سجن مزرعة "طره" أبو الفتوح كافة حقوقه القانونية من إدخال المأكل أو الملبس أو الدواء أو الصحف أو الكتب أو القلم أو الورقة، أو التحدث مع أحد المحتجزين، أو زيارة أحد من أهله، أو محاميه، علاوة على رفض طلبه بالذهاب إلى المستشفى، أو انتداب لجنة طبية من خارج السجن لإعداد تقرير طبي عن حالته الصحية المتدهورة، في انتهاكات صارخة لحقوقه الدستورية، وفقاً لبيان سابق لأسرته.
وكانت مصادر قريبة من مؤسسة الرئاسة المصرية قد كشفت لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، أن محاولات جرت للوساطة لدى الدائرة القريبة من السيسي، من أجل إطلاق سراح أبو الفتوح، لإنهاء الأزمة، ومنع توسّعها، في ظل ردود الفعل المنددة باعتقاله، غير أن تلك الدائرة رفضت الوساطة، متعللة بأن الأوامر صدرت من جهات عليا في الدولة، وسط تلميحات بأن القبض عليه جاء بناءً على تعليمات شخصية من السيسي.
وقبيل اعتقاله بساعات قليلة، كان أبو الفتوح قد اقترح، في لقاء مع فضائية "الجزيرة مباشر"، تكوين هيئة استشارية لإدارة مصر، لأنه من الخطورة على الوطن أن يُدار بعقل واحد دون مشاركة من الآخرين، مؤكداً أن السيسي "لا خبرة له في إدارة الدولة، ولا تاريخ سياسياً له، ويحكم بطريقة يا أحكمكم (المصريين) يا أقتلكم، وأحبسكم".
وجمد "مصر القوية" نشاطه عقب اعتقال أبو الفتوح ونائبه بتهم ملفقة، قبيل الانتخابات الرئاسية المنقضية، موضحاً في بيان، أن "رئيس الحزب حاصل على ثقة أربعة ملايين من المصريين في العام 2012، من خلال انتخابات ديمقراطية نزيهة بشهادة العالم أجمع، من دون تهديد ولا ترهيب، وقضى تاريخه كله رمزاً من رموز التسامح والتواصل مع كافة التيارات السياسية والفكرية والشعبية في مصر، من دون تفرقة أو إقصاء".