مصر: توجه للاعتماد على رجال "الوطني" في حزب السيسي

03 مايو 2018
ترتيب الوضع السياسي يعدّ أمراً ملحاً بالنسبة للسيسي(فرانس برس)
+ الخط -
أمام فشل الأحزاب المؤيدة للنظام المصري الحالي برئاسة عبد الفتاح السيسي، وفي ظلّ رغبته بإنشاء حزب داعم يمثّل ظهيراً سياسياً له، يفكّر القائمون على تأسيس هذا الحزب في توسيع الاعتماد على رجال الحزب الوطني المنحل، لا سيما في ظلّ الصعوبات الكبيرة التي يواجهها تحويل ائتلاف "دعم مصر"، صاحب الأغلبية البرلمانية، إلى حزب سياسي، عبْر اندماج الأحزاب المكونة له، بالإضافة للمستقلين، لضمان الأغلبية المطلقة. ولا تتعلّق هذه الصعوبات بتغيير الصفة للنواب فقط، وإنما بوجود خلافات حول الاندماج في حدّ ذاته بين الأحزاب.

وعلى الرغم من طرْح رئيس الائتلاف، محمد السويدي، هذا الأمر على ممثلين عن الأحزاب، إلا أنّه حتى الآن لم يتحوّل إلى خطوات على أرض الواقع، في ظل تنافس بين قيادات الأحزاب على المناصب، ورفْض داخل قواعد هذه الأحزاب للخطوة، كما حصل مع حزب "مستقبل وطن" الذي أعلن رفضه القاطع للاندماج مع حملة "كلنا معاك من أجل مصر" الداعمة للسيسي في انتخابات الرئاسة الماضية.

وقالت مصادر قريبة من السلطات المصرية إن "هناك اتجاهاً داخل أركان النظام الحالي للاعتماد بشكل أساسي على رجال الحزب الوطني المنحل -الحزب الحاكم في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك -، في عملية تأسيس حزب الرئيس الذي يخطط السيسي لتأسيسه"، مضيفةً في تصريحات خاصة، أن عدداً كبيراً من رجال الحزب الوطني المنحل "كانوا فاعلين بشكل مؤثّر في حملة السيسي الأخيرة للترشّح للانتخابات الرئاسية"، والتي فاز فيها بدون منافسة حقيقية.

وتابعت المصادر أنّ "الاتجاه تصاعد بشدة عقب الأزمات التي ظهرت بين قيادات الأحزاب المؤيدة للسيسي خلال الفترة الماضية، مع بدء الحديث والمشاورات حول تأسيس حزب للرئيس، ليكون بمثابة إنتاج لتجربة الحزب الوطني المنحل"، مشيرةً إلى أنّ "التركيز الأساسي في الحزب، سواء الذي سيتم تأسيسه، أو الذي سيتم تشكيله عبر دمج الأحزاب المؤيدة، وإن كان الخيار الأول أقرب، سيكون على رجال الحزب الوطني المنحل". وأوضحت أن السبب الرئيسي في التفكير في تأسيس حزب واحد يكون بمثابة الظهير السياسي للسيسي "هو محاولة تشكيل قوة داعمة له ولسياساته، وترتيب المشهد العام في الدولة، مثلما كان الوضع عليه في عهد مبارك، إذ إن الكيانات الحالية لم تنجح في تحقيق هذا الهدف حتى الآن".


وأكدت المصادر أن التفكير في رجال الحزب الوطني للاعتماد عليهم "ليس وليد اللحظة، ولكنه كان في رؤية دوائر الحكم والجهات السيادية والأمنية في البلاد قبل الانتخابات الماضية"، موضحةً أن "الحديث هنا لا يرتبط بظهور (وزير التعليم العالي الأسبق) مفيد شهاب و(رئيس مجلس الشعب الأسبق) أحمد فتحي سرور على سبيل المثال، ولكن يتعلق بدوائر أخرى منفذة للسياسات العامة على مستوى مختلف المحافظات". ولفتت المصادر إلى أنّ حملة "كلنا معاك من أجل مصر"، "كان يشرف عليها تماماً رجال الحزب الوطني المنحل، وأبرزهم محمد هيبة، الأمين العام للحملة، والذي كان أميناً للشباب في الحزب الوطني المنحل، وأبرز المقربين من جمال مبارك (نجل الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك)، باعتباره مسؤولاً عن إحدى أمانات الحزب الأكثر فعالية حينها".

وأشارت المصادر نفسها إلى أنّ "هيبة كان مسؤولاً عن زيادة عدد أعضاء الحزب من الشباب، من خلال استغلال قوة الحزب ورجال أعماله في توظيف هؤلاء الشباب، وبالتالي كان دائم الحضور لفعاليات نجل مبارك، والتنسيق وحشد الشباب لها". ولفتت إلى أنّ هيبة "اختفى عن الأنظار قبل أن يظهر بصورة كبيرة خلال الحملة المشار إليها، والتي انضمت إلى الحملة الرسمية للسيسي"، والتي يترأسها محمد منظور، الذي تقدّم باستقالته من حزب "مستقبل وطن"، القريب من النظام الحالي. وأكدت أن رجال "الوطني" المنحل لديهم باع طويل في ما يتعلّق بالحشد في المحافظات وتجميل سياسات مبارك والتحرّك الفاعل، وهو ما يسعى السيسي لتكراره مرة أخرى.

وشددت المصادر على أن "ترتيب الوضع السياسي في الدولة يعدّ أمراً مُلحاً بالنسبة للسيسي قبل انتخابات المحليات، التي لم يتم تحديد موعدها بعد، لكي يتسنى الاستعداد لها بشكل كامل والسيطرة عليها تماماً، خصوصاً أنها ستكون على عدد كبير للغاية من المقاعد في المحافظات كافة"، وأوضحت أن "الأحزاب المؤيدة للسيسي لن تتمكّن من تقديم كوادر يمكنها حصد الأغلبية في انتخابات المحليات، وهنا كان التفكير في رجال الحزب الوطني المنحل، عبْر إعادة إنتاج هذه الوجوه مرة أخرى، لتكون نواة حقيقية لحزب مؤيد للسلطة الحالية".

وفي وقت سابق، قال عضو لجنة الشؤون الدستورية في مجلس النواب، مصطفى بكري، إن هناك اتصالات تُجرى بين عدد من الأحزاب السياسية، لبحث مسألة اندماجها في حزب واحد ضخم.