هولاند يخرج عن صمته: هذه أخطائي بشأن المأساة السورية

12 مارس 2018
هولاند: أحسّ بمسؤوليتي عمّا يجري في الغوطة (كريستوف مورين/Getty)
+ الخط -

عبّر الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند، في حوار مع صحيفة "لوموند" نشر صباح اليوم الإثنين، عن "قلقه" من تطور الأوضاع في سورية، معترفا بأنه يشعر بالمسؤولية عمّا يجري في الغوطة، قبل أن يوجه سهام نقده إلى روسيا وتركيا، قائلاً إنهما تتواطآن على تقسيم سورية.

واعترف هولاند، بعد صمت طويل، بأنه لم يكن بمستوى "الخط الأحمر" الشهير، الذي حدده الرئيس الأميركي (السابق) باراك أوباما بخصوص استخدام أسلحة كيميائية" وقال "أنا متضامن ومسؤول. متضامن لأني لن أنسى ما الذي فعله الأكراد في لحظات بالغة الصعوبة، لإتاحة المجال للتحالف، لطرد "داعش" من الرقة وما وراءها"، مستدركا أنه "من غير الممكن الاحتفال بتحرير جزء من سورية، وترك ساكنة بأكملها تموت".

السلاح الكيميائي

ولام الرئيس الفرنسي السابق الولايات المتحدة، مبرزا أنه "في شهر أغسطس/ آب 2013، وبعد غارات النظام السوري التي استخدم فيها غاز السارين في الغوطة الشرقية، وبدلاً من أن تقوم الولايات المتحدة بشنّ ضربات عسكرية، فضّلت التفاوض مع الروس والمجتمع الدولي بخصوص تدمير الترسانة الكيميائية للنظام. وحذونا حذو الموقف الأميركي".

وكشف أن "بشار الأسد احتفظ بهذه الأسلحة الكيميائية ولا يتردد في مواصلة اللجوء لاستخدامها، حتى وإن كان يفعل ذلك بطريقة سرية، لكن بشكل أكثر إيذاءً"، منتقدا الموقف الروسي بقوله إن "روسيا حاضرة دوما لتجميد تحقيقات الأمم المتحدة التي يمكن أن تسفر عن عقوبات، وحاضرة لمنع التصويت على قرارات مجلس الأمن، أو العمل على أن تبقى رسالة ميتة". 

وشدد على أن "الخطوط الحمراء لا يجب أن تقتصر على الأسلحة الكيميائية وحدها، لأنه من الضروري في كل مرة إظهار الدليل على استخدامها والبرهنة على هوية الفاعل، في الوقت الذي تتلخص كل مهارة النظام السوري وحاميه الروسي في محاولة زرع الشكّ، عبر الحديث عن استفزازات".

كذلك، اعتبر أنه "إذا لم نحدد "الخط الأحمر" سوى في استخدام غاز السارين، فإننا نحرم أنفسَنا من التدخل في حال ارتكاب جرائم أخرى بواسطة أسلحة أخرى، علماً أن القصف المتعمد للسكان المدنيين، بأي شكل كان، هو سياسة غير مقبولة".

واعترف هولاند بأنه لم يتحدث أبدا عن "الخطوط الحمراء"، لا في العام 2013 ولا في فترة لاحقة، كاشفا عن أنه بعد رفض التدخل حينها "لم يكن النظام السوري هو الوحيد الذي اعتقد أن كل شيء مباح، فقد أدرك (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين أنه يستطيع ضم القرم وزعزعة شرق أوكرانيا، وألا يتعدى الرد (الغربي) فرض عقوبات". 

وفي السياق، انتقد الرئيس الفرنسي السابق جمود مجلس الأمن بواسطة "الفيتو" الروسي، وهو ما يمنع فرض مناطق حظر جوي في الغوطة وعفرين.

الفاعلون الكبار

وأوضح هولاند لدى سؤاله عن موقفه بشأن ما يجب فعله: "لا أريد أن أعقّد لعبةً هي معقَّدَةٌ أصلا. ولكني أعتقد أن القوى الديمقراطية- وألحّ على هذه الكلمة- يجب أن تكون واعية بمسؤولياتها، وبما يجب أن يمثله تأثيرُها ودورُها. المشهد السوري، اليومَ، يتواجد فيه، وفي حالة هجومية، فاعلون ثلاثة كبار: الفاعل الأول هو النظام السوري، بطبيعة الحال، الذي يتقدم وهو ينشر الدمار، بمساعدة مقاتلين إيرانيين ومن "حزب الله". وبعد حلب ومدن أخرى، جاء دور غوطة دمشق".

أما الفاعل الثاني فهي روسيا، "التي تدعم، في ظل جمود البلدان الغربية، النظام، وتشارك في الجرائم".

أما الفاعل الثالث  حسب هولاند، فتركيا، "التي أدركت، بعد أن كانت لبعض الوقت في صراع مع روسيا، الدور الذي يمكن أن تلعبه: وهو التقسيم"، مضيفاً "ليس من الصدفة أن معركتي الغوطة وعفرين تجريان في الوقت نفسه (..) روسيا تركت الأتراك يفعلون ما يشاؤون في عفرين، وتركيا ستقوم بسحب جزء من المعارضة التي تدعمها من الغوطة، وقسم منها سيتوجه إلى عفرين لدعم هجومها".

ورداً على سؤال عن الإجراءات العاجلة التي يتوجب على القوى الديمقراطية أن تقوم بها، شدد هولاند على ضرورة "منع طائرات النظام السوري التي تغير على الغوطة من الطيران، وأيضا منع الطائرات التركية التي تنشط في عفرين". 

وفي حين انتقد هولاند تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، كشف أنه خطط لإشراك الأكراد في المفاوضات حول مستقبل سورية، بمجرد نجاحهم مع "شركائهم العرب" في طرد من وصفهم بـ"الجهاديين" من شمال شرق البلاد. وأضاف "كنت حريصا على التأكيد على أنه ليس من الوارد تفتيت سورية". 

 

ورأى في التوافق التركي الروسي "تقسيما لحلف شمال الأطلسي"، لأنهما متفقتان على "تقسيم سورية". 

وعمّا يجب فعله لإرغام الروس على التعاون، أعاد هولاند "سلاح الضغوط" بالتشديد على أنه "نستطيع ممارسة الضغوط، فيما يخص العقوبات والقواعد التجارية وقضية النفط والغاز. يجب أن يعرف الغرب أين يكمن الخطر. يجب أن نتحدث إلى بوتين، ويمكن أن نستذكر العلاقات التاريخية بين فرنسا وروسيا.

وبخصوص ما يأمله هولاند من الرئيس الفرنسي الحالي حول الملف السوري، أوضح أنه "من واجبي التذكير بما استطعتُ فعله باسم فرنسا، وما يترتب عليه من نتائج. فإذا كنت قد ساندت الأكراد، في إطار التحالف، فليس من أجل تركهم في الوضع الحالي".

ورأى الرئيس الفرنسي السابق أن سقوط عفرين في يد تركيا "يعني أننا ندع حلفاءنا يسقطون عشية انتصار احتفلنا به معهم. وإن ما يحدث في عفرين سيحدث غدا في مكان آخر. وإن من ندعمهم في أماكن أخرى من العالم يمكن أن يعتقدوا أنهم ليسوا موضع حماية".