النظام يستعجل محاولة اقتحام الغوطة: 505 قتلى في أسبوع

25 فبراير 2018
يكاد القصف الهستيري لا يتوقف (حمزة العجوة/فرانس برس)
+ الخط -
بدا أن النظام السوري وروسيا، اللذين قتلا أكثر من أربعين سورياً إضافيين في الغوطة الشرقية لدمشق أمس السبت، مستعجلان لاجتياح المنطقة برياً قبل صدور أي قرار دولي في هذا الشأن. ومع تجاوز حصيلة ضحايا الإبادة 500 ضحية قتلوا في غضون أسبوع واحد، مع آلاف الجرحى، حاولت قوات النظام اقتحام المنطقة المحاصرة، أمس السبت، من محور حوش الضواهرة شرقي الغوطة، بالإضافة إلى محاولة مشابهة لاجتياح منطقة جوبر الملاصقة للغوطة، في يوم لم يكن مختلفاً عن باقي أيام الأسبوع الأخير في عموم مدن وبلدات الغوطة الشرقية. وبحسب مسعفين تحدثوا لوكالات الأنباء العالمية، فإن إحصاء عدد الجثث بات مهمة صعبة للغاية بالنسبة إليهم مع استهداف 12 مستشفى، مع تركز ضحايا يوم أمس خصوصاً في حمورية ودوما وكفربطنا وحرستا. وقال سراج محمود وهو متحدث باسم الدفاع المدني "ما قدرنا (لم نستطع) مبارح (أمس) نحصي أعداد الشهداء لأن الطائرات الحربية عم تتجول (تجول) بالسماء". وتابع: "بس نحنا إذا راح نحفر بإيدينا وراح نطلع برجلينا نركض ركض ونسعف العالم لساتنا (لا نزال) موجودين".


ومنذ ساعات الفجر الأولى، انهالت عشرات القذائف المدفعية والصاروخية على الأحياء السكنية هناك، إضافة لقصف طيران النظام الحربي، ما أدى لسقوط ضحايا جدد من المدنيين، لتتجاوز حصيلة القتلى خلال أسبوع 500 مدني. وواصلت موسكو التذرع بوجود عناصر من "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً)، لإعاقة مشروع القرار السويدي-الكويتي في مجلس الأمن، لبدء هدنةٍ إنسانية في الغوطة، فيما تؤكّد مصادر المعارضة السورية، أن روسيا أفشلت بالفعل مفاوضات لإخراج عناصر "النصرة" من الغوطة، لأن وجودهم "ذريعة لا يريد الجانب الروسي خسارتها".

ومنذ صباح أمس، استأنفت قوات النظام، قصفها الصاروخي والمدفعي والجوي، على مختلف مدن وبلدات الغوطة الشرقية. وقالت "تنسيقية مدينة دوما" التي يديرها ناشطون من الغوطة، إن عشرة مدنيين قتلوا يوم السبت جراء القصف الجوي والمدفعي من قوات النظام على الأحياء السكنية في المدينة. كذلك، أكد "الدفاع المدني السوري" في ريف دمشق، أن ثلاثة مدنيين قتلوا بقصف الطيران الحربي على مدينة حرستا، فيما قتل مدني جراء القصف براجمات الصواريخ على مدينة سقبا. وقتل مدنيان آخران، بغارة جوية على بلدة الشيفونية في منطقة المرج، بينما قتل مدني بغارة على مزارع بلدة بيت سوى، بحسب ما أفاد به "مركز الغوطة الإعلامي". كذلك، سقط جرحى بين المدنيين نتيجة القصف الجوي من قوات النظام السوري على بلدة حزة.

وبحسب إحصائية "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، حتى ظهر أمس، فإن 505 مدنيين على الأقل، بينهم 123 طفلاً، قتلوا في مجازر قوات النظام بالغوطة الشرقية، منذ مساء الأحد الماضي، في وقت يستمر عدد الضحايا في الارتفاع، نتيجة تواصل حملة القصف الجوي والمدفعي، واكتشاف ضحايا جدد تحت الأنقاض. وقتل يوم السبت، وفق آخر حصيلة للمرصد، "41 مدنياً، بينهم أربعة أطفال على الأقل، جراء الغارات، قضى أكثر من نصفهم في مدينة دوما". وتأتي الغارات يوم السبت بعدما شنّت طائرات حربية سورية وأخرى روسية، وفق المرصد، "غارات بصواريخ محملة بمواد حارقة على مناطق عدة في الغوطة الشرقية بعد منتصف الليل، أبرزها حمورية وعربين وسقبا، ما أدى إلى اشتعال حرائق في الأحياء السكنية".

ومع تعمّد قوات النظام وسلاحه الجوي قصف المستشفيات والنقاط الطبية، خلال الأسبوع الماضي، وخروج عددٍ منها عن الخدمة كلياً، فإن كوارث الغوطة الإنسانية تتفاقم، مع وجود أعدادٍ كبيرة من الجرحى الذين يصيبهم القصف. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن "عدد الجرحى، نتيجة القصف المتجدد على الغوطة الشرقية من الطائرات الحربية والمروحية والقصف البري المكثف يتصاعد، فيما لا يزال هناك عشرات المفقودين تحت أنقاض الدمار الذي خلفه القصف الجوي والصاروخي والمدفعي... وسط عجز الكادر الطبي عن إسعاف الحالات الطبية جميعها، وإخراج الطائرات الحربية والمروحية والقصف المكثّف، عشرة مراكز طبية وإسعافية ومستشفيات عن الخدمة، جراء استهدافها في سقبا ودوما وبيت سوى وجسرين وعربين ومناطق أخرى في الغوطة الشرقية".


وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن في اتصال مع وكالة "فرانس برس": "محرقة الغوطة الشرقية مستمرة، ويكاد القصف الهستيري لا يتوقف". وتتذرع روسيا بأن حملة النظام العسكرية في الغوطة، هدفها القضاء على عناصر "هيئة تحرير الشام" الموجودين في الغوطة، لكن مسؤولاً في المعارضة السورية المسلحة، كشف أنّ الجانب الروسي، إنّما يستخدم هذه الورقة كذريعة للحملة العسكرية، إذ أفشلت روسيا مفاوضاتٍ لإخراج عناصر "الهيئة" وعددهم بالعشرات لخارج الغوطة. 

وقال المتحدث باسم "فيلق الرحمن"، وائل علوان، لـ"العربي الجديد"، إن "الروس في السابق أعطوا أوامرهم بحصار داريا وقصفها وتهجيرها بذريعة النصرة، ولم يكن فيها عنصر من النصرة، فالروس يستثمرون وجود المجموعات المتطرفة، بقلّة عددها، لقتل وقصف المدنيين ولانتهاك القانون الدولي الإنساني بشكل صارخ، وفي الحقيقة هم لا يقصفون هذه المجموعات المتطرفة، ولا يلتزمون بإخراجها وفصلها من مناطق الجيش السوري الحر"، مضيفاً بأن "الجانب الروسي هو من عطل إخراج عناصر هيئة تحرير الشام (من الغوطة)، ليتخذ منهم ذريعة في حرب الإبادة".

وأشار علوان إلى أنّ الجانب الروسي "بذريعة 200 عنصر فقط من النصرة بالغوطة، يقصف ويقتل ويبيد أكثر من 400 ألف مدني"، مؤكداً أن "هؤلاء الـ 200 عنصر الذين كانوا منتسبين لهيئة تحرير الشام، وليس لهم أية نقاط مواجهة أو رباط أو مقرات عسكرية، والذين هم ممنوعون من أي نشاط عسكري، وافقوا وأذعنوا للخروج من الغوطة إلى الشمال، لكن الروس عطلوا ذلك، ويتذرعون بوجودهم اليوم لارتكاب أفظع الانتهاكات وقصف 400 ألف مدني، بينهم أكثر من عشرين ألف عنصر من الجيش السوري الحر".

وبحسب المعلومات التي كشف عنها علوان، فإن مفاوضاتٍ بين ممثلين من فصائل الغوطة والجانب الروسي، جرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لإخراج عناصر "هيئة تحرير الشام" من الغوطة الشرقية لمناطق الشمال السوري، عبر إخراجهم بحافلاتٍ ترافقها جواً طائرات روسية، وتنطلق الحافلات من معبر جسرين والمليحة نحو دمشق، ثمّ إلى قلعة المضيق والشمال السوري. وتم بحسب المتحدث الاتفاق على كامل النقاط المتعلقة بعملية الإخلاء هذه، لكن الروس تهربوا لاحقاً، وقالوا إنهم غير جاهزين لتنفيذ هذا البند لعدم إمكانيتهم نقل عناصر "الهيئة"، وعدم وجود مكان لهم في مناطق شمالي سورية.

من جانبه، قال رئيس الهيئة السياسية لـ "جيش الاسلام"، محمد علوش، في تغريدة على حسابه على موقع "تويتر"، إن "وجود عناصر من هيئة تحرير الشام في طرف إحدى بلدات الغوطة ليس حجة لحرق الغوطة وقتل 400 ألف مواطن فيها، وهؤلاء العناصر جاهزون للخروج منها ليحقنوا دماء المدنيين بالغوطة، ولكن النظام يعرقل إخراجهم".

وكان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اعتبر، يوم الجمعة، أنّ المعضلة الرئيسية في الغوطة الشرقية، هي وجود "هيئة تحرير الشام" (النصرة). كما أنه ربط موافقة بلاده على "الهدنة" بوقف قصف دمشق بالهاون.