خروقات سيناء تطيح رئيس الاستخبارات الحربية: مجاور بديلاً لشحات

24 ديسمبر 2018
مجاور يحظى بثقة كبيرة من السيسي (Getty)
+ الخط -
تسلّم أمس الأحد اللواء خالد مجاور مهمة رئاسة جهاز الاستخبارات الحربية في الجيش المصري، خلفاً للواء محمد الشحات، الذي كان قد تولى هذا المنصب في إبريل/ نيسان 2015، وذلك بعد أشهر معدودة من نقل مجاور من منصبه كقائد للجيش الثاني الميداني إلى الاستخبارات الحربية كنائب لرئيس الجهاز، وهو ما وصفته مصادر عسكرية بأنه كان "أمراً متوقعاً نظراً لقرب العلاقة بين مجاور ووزير الدفاع الجديد محمد زكي ورئيس الأركان الجديد محمد فريد حجازي".

وأضافت المصادر في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كان قد عبّر في اجتماعه السابق بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة بمناسبة ذكرى انتصار حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، عن عدم رضاه على مستوى عمل الاستخبارات الحربية الميداني في شمال شرق سيناء، نتيجة تقارير تصله من القيادة العامة للجيش وكذلك من الدول الأخرى التي تنشط أجهزتها بحثاً عن المعلومات في سيناء، في إطار التعاون الاستخباراتي بين مصر والاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة، للقضاء على تنظيم "ولاية سيناء" التابع لتنظيم "داعش".

وسبق أن استعان السيسي بالشحات كبديل لقائد الجيش الثاني الأسبق، اللواء أحمد وصفي، الذي أقيل من منصبه العسكري المهم في مارس/آذار 2014، بعد أيام من ترشيح السيسي رئيساً للجمهورية وإحكام سيطرته على المجلس الأعلى للقوات المسلحة، على خلفية تصريحاته الإعلامية المتكررة عن أنّ ترشّح السيسي للرئاسة غير وارد وعن عدم دخول الجيش في السياسة.

واتخذ السيسي قراره بتغيير مسار الشحات إلى قيادة الاستخبارات الحربية بعد عمليات عدة لتنظيم "ولاية سيناء"، على رأسها استهداف مقرّ كتيبة الاستخبارات الحربية بالعريش، واستقرت الأوضاع ظاهرياً لنحو ثلاث سنوات، قبل أن يبدي السيسي امتعاضه أخيراً مما آلت إليه الأوضاع، كما أشارت المصادر سلفاً.

وذكرت المصادر أنّ تعيين مجاور رئيساً للاستخبارات الحربية ستصحبه تغييرات أخرى في هيكل هذا الجهاز، سيشرف عليها اللواء عباس كامل، مدير الاستخبارات العامة حالياً ومدير مكتب السيسي سابقاً. ويبدو من مؤشرات هذه التغييرات أنه سيتم ترفيع قيادات أصغر سناً في بعض المكاتب والقطاعات المهمة، ولا سيما في سيناء، والمختصة بمتابعة ملفات الإعلام والتواصل مع أجهزة الاستخبارات الأخرى، مع إحالة بضعة قيادات إلى التقاعد بصحبة الشحات.

لكنّ المصادر نفت أن تكون هناك حركة تطهير واسعة النطاق في الاستخبارات الحربية، رافضةً المقاربة بين ما يحدث الآن وبين الحركة التي قام بها السيسي في صفوف قوات الدفاع الجوي والتي كشفت "العربي الجديد" تفاصيلها في ديسمبر/كانون الأول 2016. وقد تمّ وقتها إحالة عدد كبير من الضباط إلى التقاعد بسبب صلاتهم المحتملة برئيس الأركان الأسبق، سامي عنان، الذي يتمتع بشعبية كبيرة في هذا الفرع الأمني، ثمّ تكليلها بإحالة قائد سلاح الدفاع الجوي، الفريق عبد المنعم التراس، إلى التقاعد، ليتم السيسي بذلك استبعاد جميع القادة الأقدم منه في الجيش.


وتعاقب على رئاسة الاستخبارات الحربية في السنوات الخمس عشرة الأخيرة عدد من الضباط البارزين الذين أصبحت لهم أدوار كبيرة بعد تركهم الجهاز، كان أولهم محمد فريد التهامي الذي تولى رئاسة الرقابة الإدارية ثماني سنوات بين عامي 2004 و2012، ثم عيّنه السيسي مديراً للاستخبارات العامة. وتبعه مراد موافي الذي عيّن محافظاً لشمال سيناء في نهاية عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، ثم مديراً للاستخبارات العامة في عهد المجلس العسكري حتى عزله الرئيس المعزول محمد مرسي. ثمّ تولى السيسي نفسه رئاسة الاستخبارات الحربية في الفترة بين 2010 و2012، وكذلك صهره، محمود حجازي، الذي تمّ تصعيده في 2014 رئيساً للأركان حتى عزله نهاية العام الماضي، ثمّ صلاح البدري لمدة عام، ثمّ محمد الشحات.

وقالت المصادر إنّ السيسي مرّر القرار الأخير عبر المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدين بالولاء المطلق للرئيس في الوقت الحالي، خصوصاً بعدما أطاح في غضون فترات متقاربة، جميع أعضاء المجلس العسكري الذي شاركه الانقلاب على الرئيس المنتخب محمد مرسي، والذين كان آخرهم وزير الدفاع السابق صدقي صبحي، وكذلك رئيس الأركان السابق محمود حجازي.

وأشارت المصادر إلى أنّ اللقاء الذي جمع السيسي بوزير الدفاع المصري محمد زكي، السبت، كان من أجل اعتماد القرار الجديد، لافتاً إلى أنّ هناك هواجس لدى السيسي من دور الأجهزة السيادية والمعلوماتية طوال الوقت. لذلك، هناك ما يشبه القرار بعدم استمرار أيٍّ من رؤساء تلك الأجهزة في مواقعهم لفترات طويلة، وعدم التجديد لمن تجاوز السن القانونية منهم، على أن تكون أقصى مدة يشغلها رئيس أي من تلك الأجهزة عامين.

وكشفت المصادر عن أنّ مجاور "يحظى بثقة كبيرة من السيسي، والمشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري الأسبق، والذي يعد بمثابة الأب الروحي للرئيس المصري"، موضحةً أنّ "طنطاوي حرص على أن يكون موجوداً، في تقليد جديد، لمراسم تكليف مجاور بتولي قيادة الجيش الثاني الميداني في مايو/أيار 2017"، وأضافت أنه لا يزال يحظى بكلمة لدى السيسي بشأن التعيينات العسكرية.

وبحسب المصادر، فإنّ عدد الذين تمّت إطاحتهم من الأجهزة السيادية وفي مقدمتها الاستخبارات العامة خلال العام الماضي فقط، تجاوز 130 قيادياً، إذ تضاعفت الأعداد خلال عملية إعادة هيكلة جهاز الاستخبارات العامة بعد تكليف اللواء عباس كامل بالإشراف عليه، وكان في مقدمة مَن تمت إطاحتهم اللواء خالد فوزي رئيس الجهاز السابق.

وكان مجاور، المدير الجديد للاستخبارات الحربية، قد شغل منصب الملحق العسكري بسفارة مصر في واشنطن. أمّا الشحات، الذي تمت إطاحته، فكان تولى قيادة اللواء 12 مشاة ميكانيكي، ثم عيّن ملحقًا للدفاع في المملكة العربية السعودية، ثمّ قائدًا للفرقة 16 مشاة في الجيش الثاني الميداني، ثم تمت ترقيته إلى رتبة لواء، وعمل مساعدًا لمدير إدارة الاستخبارات الحربية والاستطلاع، ثم رئيساً لأركان الجيش الثاني الميداني، ثم قائداً له خلفاً للواء أركان حرب أحمد وصفي.