هل يجري ستارمر تغييرات في السياسة البريطانية تجاه إسرائيل؟

25 يوليو 2024
محتجون داعمون لغزة يتجهون إلى مكتب ستارمر، لندن 23 مارس 2024 (بهلول سيتينكايا/ الأناضول)
+ الخط -

يبدو أن الموقف البريطاني المنساق خلف الموقف الأميركي الداعم للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة سيكون أمام تغييرات كبيرة في ظل حكومة حزب العمال، ومن المرجح، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، أن يتخلى، نهاية هذا الأسبوع، رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر عن اعتراضات الحكومة السابقة على سعي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وكانت بريطانيا قالت، الأسبوع الماضي، إنها ستستأنف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بعد أن خلصت إلى أن الوكالة اتخذت خطوات لضمان استيفائها "أعلى معايير الحياد".

وتُظهر هذه الخطوات مجتمعة أن حكومة العمال مستعدة لممارسة المزيد من الضغوط على نتنياهو بسسبب حرب الإبادة التي تشنها حكومته على قطاع غزة، وتُظهر أيضاً أن ستارمر، المحامي السابق في مجال حقوق الإنسان، يهتم بالمؤسسات القانونية الدولية أكثر من الولايات المتحدة، ورغم ذلك، لم تقم الحكومة البريطانية الجديدة بفرض إجراءات ملموسة مثل وقف شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، ويقول مسؤولون بحسب نيويورك تايمز إنهم ينتظرون نتائج المراجعة القانونية لمعرفة ما إذا كانت إسرائيل تنتهك قوانين حقوق الإنسان. ويأتي التحول في سياسة بريطانيا في الوقت الذي تدخل فيه الولايات المتحدة نفسها فترة من عدم اليقين السياسي المتزايد بشأن إسرائيل، حيث أثار انسحاب جو بايدن من الانتخابات الرئاسية وظهور نائبة الرئيس كامالا هاريس مرشحةً ديمقراطيةً مفترضةً، تساؤلات حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستغير حساباتها بشأن إسرائيل والحرب على غزة.

وتشير هذه التحركات المبكرة إلى أن ستارمر، صاحب كتاب عن القانون الأوروبي لحقوق الإنسان، يرسم مساره الخاص بشأن الحرب، فقام بتعيين ريتشارد هيرمر، محامي حقوق الإنسان البارز وزميل ستارمر السابق، في منصب المدعي العام، ما يعني أنه سيكون له تأثير كبير من خلال تقديم المشورة القانونية لرئيس الوزراء بشأن إسرائيل والتوقيع على أي تدخل قانوني يُقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية. ووُلِد هيرمر لعائلة يهودية وهو مؤيد للقضايا اليهودية، وكان نصح حزب العمال بمعارضة جهود حكومة المحافظين السابقة لإصدار قانون يحظر على السلطات المحلية في بريطانيا مقاطعة الكيانات التابعة لإسرائيل، وقال إن ذلك من شأنه أن ينتهك حرية التعبير الخاصة بهم.

كير ستارمر والحرب على غزة

ولم تذكر الحكومة البريطانية بعد كيف تخطط للرد على المحكمة الجنائية الدولية، وكان كير ستارمر قال في مايو/أيار الماضي: "يجب أن تكون المحكمة قادرة على التوصل إلى قرارها في الوقت المناسب. أنا أؤيد المحكمة وأؤيد القانون الدولي"، بينما قال ريشي سوناك من جهته إن متابعة أوامر الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت "غير مفيدة على الإطلاق". ويعتقد البعض أنه بدلاً من رفع الحكومة اعتراضها بشكل كامل قد تختار تقديم نص أكثر دقة إلى المحكمة، لكن زكي الصراف، المسؤول القانوني في مركز العدالة الدولي للفلسطينيين، دعا الحكومة إلى اتخاذ موقف واضح وقال، في بيان، إن ستارمر أشاد بالمحكمة عندما طلبت إصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأضاف: "يجب تطبيق القانون الدولي من دون خوف أو محاباة، ويجب عليه أن يدعم أوامر الاعتقال هذه أيضاً".

وبمراجعة مواقف ستارمر من الحرب على غزة، يظهر أنه كان في موقف سياسي صعب منذ البداية، حيث لم يكن ستارمر يريد إظهار اختلافات كبيرة مع حكومة المحافظين بشأن قضية تمس الأمن القومي قبل الانتخابات العامة، كما قام أيضاً بالتصدي لاتهام حزب العمال بمعاداة السامية عبر إبعاد الزعيم السابق للعمال جيريمي كوربين. ورغم تأييده بدايةً دعم الحكومة البريطانية القوي لإسرائيل واكتفائه بالدعوة لزيادة المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة، إلا أنه عاد ودعا لاحقاً إلى وقف فوري لإطلاق النار، ولكن دعوته هذه لم تأت بالسرعة الكافية، ما عرضه لانتقادات واسعة في أوساط حزبه. ويقول الصحافي توم بالدوين في السيرة الذاتية لستارمر إنه "دعم علناً المعارضين السياسيين لرئيس الوزراء الإسرائيلي، ووصف رفض نتنياهو حلَّ الدولتين بأنه غير مقبول، وحذر من أن أي انتهاكات للقانون الدولي ستؤدي إلى عواقب وخيمة عليه عندما ينتهي هذا الأمر".

ودفع كير ستارمر وحزبه ثمن مواقفهم المترددة بالأشهر الأولى من الحرب في الانتخابات التشريعية الأخيرة، فمحاولة ستارمر الحفاظ على توازن دقيق تجاه الحرب على غزة ظهرت لها نتائج عكسية رغم الفوز الساحق لحزب العمال، حيث خسر المرشح جوناثان أشوورث، كان من المحتمل أن يتم تعيينه في منصب وزاري، مقعده بشكل غير متوقع لصالح ناشط مؤيد للفلسطينيين. كما أن ستارمر نفسه فاز بعدد أقل من الأصوات مقارنة بانتخابات عام 2019، ويرجع ذلك جزئياً إلى التحدي الذي قدمه مرشح مستقل أعرب عن غضبه من موقف حزب العمال من إسرائيل.