حصار ترامب: سباق التحقيقات القضائية وضغوط قضية خاشقجي

13 ديسمبر 2018
يخشى ترامب من محاكمة كوهين في مجلس النواب الجديد(Getty)
+ الخط -

الحكم بالسجن ثلاث سنوات الذي صدر أمس بحق مايكل كوهين، محامي الرئيس الأميركي دونالد ترامب السابق، عزز الاعتقاد بأن الأخير قد يدخل قريباً في طريق قانونية وعرة. كما عزز التكهنات بأن التحقيقات الروسية قد تسفر عما يوازي فضيحة "ووترغيت"، وربما أخطر.

صحيح أن العقوبة صدرت عن محكمة فيدرالية في نيويورك بسبب خروقات قانونية ارتكبها المتهم، ولا علاقة إلا لواحد من بينها (إعطائه إفادة كاذبة للكونغرس بشأن التحقيقات) بملف التدخل الروسي في انتخابات 2016، لكن المحقق روبرت مولر هو الذي أحال الملف إلى هذه المحكمة عندما وضع يده على جوانب من دور كوهن في العلاقة التجارية بين ترامب وموسكو أثناء الحملة الانتخابية، بما أثار الشكوك حول ما إذا كان هذا الدور قد استخدم كمدخل لتواطؤ حملة ترامب مع الروس للتأثير في انتخابات 2016.

والمعروف أن كوهن كان قد اعترف بمخالفاته أمام مولر وقرر منذ الصيف الماضي "التعاون" مع هذا الأخير والبوح له بما يملك من معلومات عن مخالفات ترامب والملف الروسي، بعد أن "تخلى" الرئيس عنه منذ أن داهم مكتب التحقيقات الفدرالي "أف بي آي" منزله، وصادر وثائق تثبت مخالفاته وتؤكد الشبهات حوله.

 ويبدو أنه أعطى الكثير مما لديه انتقاماً من ترامب الذي يحمّله كوهن مسؤولية وقوعه في قبضة القانون. وكان من المتوقع ألا يقضي في السجن سوى أسابيع أو أشهر قليلة، كمكافأة على تعاونه. لكن مشاكله الأخرى التي تكشفت في مجرى التحقيق خاصة التهرب من الضريبة، حالت دون تخفيف العقوبة إلى أقل من ثلاث سنوات.

ولأن الرئيس يعرف خطورة ما يعرفه محاميه السابق عنه، فإنه بات يخشى محاكمته في مجلس النواب الجديد الذي يسيطر عليه الديمقراطيون. وخشيته في مكانها، ذلك أن العمليات المالية التي قام بها كوهن لصالح ترامب وبتوجيه منه (دفع مبالغ نقدية كبيره لسيدتين كانت لهما علاقات مع ترامب عشية الانتخابات لشراء سكوتهما)، كانت غير قانونية لأنه جرى تعويضه عنها من أموال الحملة الانتخابية وبما يخالف قانون التمويل الانتخابي. الأمر الذي يشكل جريمة مالية يتورط فيها الرئيس وبما يفتح عليه جبهة أخرى هو بغنى عنها.

وما يزيد الطين بلّة أن ما كشفته محاكمة كوهن، يأتي في لحظة يشتد فيها الحصار حول البيت الأبيض من كل صوب. التحقيقات الروسية صارت في مراحلها الأخيرة وتنذر بإدانات كبيرة. أبواب الدوائر الحكومية مهددة بالإغلاق بعد أيام قليلة، بسبب الخلاف حول أولويات الإنفاق العام في المتبقي من السنة المالية.

كما أن الكونغرس في شبه ثورة ضد سياسة الرئيس تجاه السعودية. وبعدما مرر مجلس الشيوخ مشروع قرار لوقف الدعم العسكري للسعودية في حربها على اليمن، لعرضه على التصويت العام، بتأييد قوي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، يبقى من المستبعد أن يتحول إلى قانون نافذ في الوقت الحاضر، فلا الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب الحالي تسمح بذلك، ولا أكثرية الثلثين متوفرة في مجلس الشيوخ لكسر الفيتو المتوقع أن يستخدمه الرئيس لو وصل مثل هذا القانون إلى طاولته.

لكن مع ذلك، فإن الكونغرس مصر على مطاردة الرياض بعدة مشاريع لاحقة، تتراوح بين "فرض عقوبات على المملكة" وبين "الإدانة للقيادة السعودية الجديدة "لدورها في جريمة قتل جمال خاشقجي" التي لا تغيب سيرتها عن مداولات الكونغرس ولا عن العناوين الإعلامية.

وفي الأيام الأخيرة، أخذت شحنة زخم إضافية باختيار مجلة تايم الأميركية "حراس الحقيقة"، ليكونوا شخصية العام مع صورة جمال خاشقجي على غلافها وبما يجمع بين التكريم والتحدي في آن.

قبل يومين، رفع 44 سناتورا سابقا ينتمون إلى الحزبين مناصفة، كتاباً إلى مجلس الشيوخ يحثونه على التحرك لاستدراك الأمور في وقت تدخل أميركا "مرحلة خطيرة". بين سطوره تطل مخاوف من احتمال الوقوع في مأزق دستوري – سياسي مستعصٍ. احتمال جرى التحذير منه مراراً ويأتي هذا الكتاب لإعطائه المزيد من الجدية. وليس صدفة أن يتزامن مع بداية المحاكمات واقتراب التحقيقات الروسية من نهاياتها. 

 

المساهمون